لا يوجد كلمات في أفواهنا.. سنبدأ بحديث والد الطفلة التي غدر بها عمها وسرق منها ضحكة الحياة مبكراً.
"س. س" 4 أعوام من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تعرضت للاغتصاب من قبل عمها شقيق أباها من رحم أمه، والبالغ من العمر 43 عاماً، عسكري يعمل في داخلية غزة، شخص مدمن للمخدرات وتزوج 3 مرات وبقي وحيداً بسبب الادمان.
والد الطفلة ع.س البالغ من العمر 34 عاماً، تحدث بنفسه عبر "أمد للإعلام"، عن تفاصيل خاصة ولأول مرة يتم نشرها إعلامياً بعد أن أصبحت قصة طفلته قضية رأي عام وأثارت غضباً داخل المجتمع الفلسطيني، وحتى العربي.
والد الطفلة الذي كان متردداً خلال حديثه معنا قبل أيام، من نشر هذه التفاصيل التي سنتحدث عنها خلال تقريرنا، ولكن بعد انتهاء قضية طفلته قرر نشر تفاصيل حصرية، مخالفة تماماً عما صدر عبر وسائل الإعلام وعن الأحاديث المنتشرة فى الشارع الفلسطينى بينه وبين شقيقه الذي اغتصب طفلته.
تفاصيل تكشف لأول مرة
كانت أصوات الأغاني والموسيقى الصاخب والمرتفع قد امتلأ سماء المنطقة، والأضواء أضاءت المكان، والفرح عم أجواء الحي، والرقص دق أبوابه والضحكة في قلوب الكثير قد تلاقت بحفل زفاف عروسين في منطقة الشابورة الواقعة غرب مدينة رفح .
هذا كله غاب بلحظة قيام ذئب بشري بخطف ابنة شقيقه التي كانت تجلس على عتبة منزلها المقابل لحفلة عريس في الحي، والمجرم ليس بعيداً ولكنه تعامل مع القضية بطريقة لا يستوعبها عقل أو منطق، فكان يبحث عن الجاني الذي اختطف طفله أخاه ويعلم تماماً بأنه من فعلها.
سحبها ببطء وبدون أي صوت يذكر، بعد أن نظر بكافة الجوانب بأنه لا يوجد أحداً في المكان، وتحت صرخات الطفلة بـ"ماما ماما"، اقتادها إلى داخل غرفته فى منزل عائلته الذي يسكن فيه منذ عدة أشهر فقط، حزناً على وضعه السيئ وحياته التي ضاعت بين فكي الإدمان والمخدرات، حتى اغتصبها.
ولكن بعد دقائق عثرت عليها والدتها ملقاة على سلم المنزل غارقة بدمها، فصرخت حينها بصوتٍ عالٍ اخترق حاجز الأغاني الصاخبة ليسمع صوتها غزة ومحيطها بل سماء الكون بأكمله.
وقال والد الطفلة: "فى دقائق معدودة وصلني اتصال من شقيقتي قائلة: "وينك تعال على البيت بسرعة" وصوت بكاءها سمعته جيداً، فسرعان ما ذهبت إلى البيت وهنا كانت الصدمة، رأيت طفلتي بين أحضان أمها وهى غارقة بالدماء.
نقل "ع.س" الذي أكمل حديثه مع "أمد"، طفلته إلى مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار وكان شقيقه "س.س" معه، وتم تحويلها مباشرة إلى المستشفى الإماراتى فى تل السلطان برفح، وهنا جاءت المباحث العامة والشرطة إلى مكان الحدث للبحث عن الفاعل وبرفقة الجاني وهو شقيقه، حيثُ قامت بالسيطرة على الكميرات المجاورة للمنزل.
وأضاف أن هذا كله لم نكن نعلمه إلّا باليوم الثاني الساعة الواحدة فجراً، حيثُ شاء القدر ونطقت الطفلة بحروف النجاة، وتحدّى صمتها الخوف قائلة: "عمو س.س سكر عليَّ باب الغرفة "، وذلك أمام والدتها و مدير مباحث رفح ورفاقه فى المستشفى الاماراتى، فكانت الصاعقة وحينها تمنى والدها أن تبقى صامته ولا يسمع باسم شقيقه متهماً بالقضية.
ذئبٌ بأنيابٍ بشرية
حين نطقت الطفلة كان عمها في عمله العسكري بشرطة رفح، فتواصل مدير مباحث رفح الذي تواجد منذ لحظات القضية الأولى وتابعها، مع مدير المحافظة، فتم القبض على الذئب البشري "س.س"، ووضعه في السجن متهماً بقضية اغتصاب طفلة، ولكن التحقيق وضعه في مأزق جديد وهو إدمان المخدرات.
وفى اليوم الرابع من الجريمة صباحاً.. خرجت الطفلة الضحية مع والدها من المستشفى، وعادت إلى منزلها بعد أن استقر وضعها الصحي، وبقيت صامتة في فراشها بغرفتها، بين ضجيج الأصوات من حولها وغضب الشارع الغزي الذي اشتعل حول القضية، بأقاويل متعددة وحكايات لا صحة لها، بعيداً عن الحقيقة، ليخمن الأشخاص الهدف من وراء اغتصاب عم لابنه شقيقه الطفلة.
وخلال التحقيق بحسب ما تحدث به والد الطفلة، تم حبس شقيقه "س.س" الذي اعترف من بداية الأمر بما فعله ولكنه لم يكن واعياً بسبب تناوله لخمس حبات مخدرة، وحينها طلب تحويله للتحقيق في مركز غزة، وفعلياً تم تحويل الذئب البشري إلى تحقيق غزة العسكري، وهناك قال أنه فعل ذلك بابنه أخيه وتفاصيل ما حدث.
وأضاف "ع.س"، أنه "بعد ما تم تبليغي بشكل رسمى أنّ الجانى هو عمها طلبت من النيابة العسكرية رؤية اعترافات شقيقي، وما دفعه لفعل هذا فى طفلته كون العلاقة كانت بينهم ممتازة جداً، ولا يوجد أى خلاف بينهما".
وتابع: "عند الذهاب للنيابة العسكرية للنظر لملف اعترافات س.س، تفاجأت عن السبب الذى دفعه على هذا العمل بحق الطفلة البريئة وكان اعترافه: "كبد جنسي بداخلي ومنذ سنوات لم أمارسه مع أي امرأة كوني طلقت ثلاثة زوجات، وكان غرضه فقط هو شهوته".
واستدرك بالقول: "بعد النظر لباقي الاعترافات للجاني، تبين اعترافه بتعاطيه للمخدرات والحبوب المخدرة، حيثُ قبض على حبوب ومواد مخدرة بحوزته".
وأضاف، بعد اغلاق ملف التحقيق، بدأت جلسات المحاكمة التي لم تطيل كثيراً وفي ثاني جلسة لسامر بتاريخ 2/1/2022، عقدت في مقر القضاء العسكري غرب غزة، نطقت الطفلة التى لا تعرف معنى الكذب، وأمام قضاة المحكمة والنيابة العسكرية، في غرفة مغلقة أنّ من فعل ذلك بها هو عمها "س.س"، وذكرت ما حدث معها بتفصيل وبأنه هددها بالقتل في حال تفوهت بكلمة".
وأكمل، أنّ "الحدث حصل داخل غرفة نومه اغتصب المجرم "س.س" طفلة شقيقه "ع.س"، وبدون أي ضمير أو انسانية، حيثُ سمحت له أنيابه بفعل واقتراف خطيئته غير المعذورة تحت أي حجة أو مبرر، ولكن يوم وقوع الحادث كانت الطفلة التي هددها عمها والذي ائتمنته على نفسها، وبصوت معنف بارزاً أنيابه ليخيف تلك الزهرة ويقطفها بكلماته غير الانسانية "إن علم أحد بما حدث هقتلك".
هذه الكلمات التي دقت في عقل الطفلة فقط، إنها ستقتل إذا قالت من الذي فعل بها هذا كله، وبقيت صامتة بحالة نفسية سيئة للغالية، دون أن تنطق بحرفاً، حتى شعرت بالأمان في حضن والدها واستقرار حالتها النفسية بدأت بالاعتراف على ما حدث معها.
والد الطفلة روح تنازع وعقل يقارع الألم
عودة إلى الوراء، في كل يوم عاشه "ع.س" والد الطفلة المغتصبة، كان يمر عليه وكأنه دنيا كاملة بثقلها وثقل وجعها ومعاناتها، بين طفلته التي يراها يومياً أمام عينيه، وأطفال أخيه الذي اقترف الجريمة ووالدته المريضة التي ذرف قلبها ألماً على سنوات مضت وأعوام قادمة، وشقيقاته اللواتي عانين الأمرين وقوعاً بيني شقيقين وطفلة بريئة وبين الشارع العام الذي ينطق بأقاويل ليس لها أى علاقة فى قصة طفلة والتى أبى أن يضعف أمامهم أباها.
يخرج "ع.س" لوحده يبقى أمام الحمام الطائر مفكراً بما حدث وما سيحدث وما نتيجة ذلك، بعيداً عن ضجيج الاعلام الذي يتحدث بكل لحظة في هذه القضية، وكان يتابع ما يتحدث به الناس من اشاعات لا صحة لها بل كانت بمثابة خنجراً فى ظهره ويعتصر ألماً على أقوالهم منها: "الطفلة فى العنايه وحالتها خطيرة وهي لم تدخلها أساساً، ومنهم من قال أنّها توفيت وهي بصحة جيدة، وآخرون قالوا إنّ عمّها انتقم من أخوه بسبب ورثة ومال، رغم العلاقة المميزة بينهما".
وأوضح بشأن تلك الأقوال الاي انتشرت آنذاك، "حاول بعض الأشخاص أن يجعلوا قصه طفلتي قصه حزبية وسياسية، لأنّ الجانى موظف عسكرى في داخلية غزة، فأصدرت بيان مباشرة حينها باسمي للرأي العام، طالبت فيه عدم تسييس قضيه طفلتي، وسيتحمل اي شخص مسئوليته أمام القضاء".
وجاء في البيان، أنّه "لن يسمح فى نشر إشاعات ملأت عبر صفحات الفيسبوك هنا وهناك، وتناقل الأخبار والأحاديث التي تنهش في عرضي، وتزيد من جراحي حتى وإن كانت على سبيل الدعاء أو الشفقة، وحملت المسئولية لكل من يتسابقون لنشر الأخبار الكاذبة، التي تصب الزيت على النار، ولا تهدف إلا للشهرة، والمتاجرة بقضية طفلته.
وهنا، استطاع "ع.س" تحدي تلك الأيام بالصبر والثبات وعدت فعليا بألمها وقوة عنفها، مكملاً حديثه مع ، كنت أبعد عن الجميع حتى أستطيع التفكير، وماذا سأفعل بهذا البلاء الذي وقعت به، فكنت أعتصر دماً من داخلي عما حدث بإبنتي ومن أقرب المقربين، فسامر لم يكن شقيقي فقط بل كان شقيقي وصديقي.
وقبل جلسة الأحد الماضي مر "ع.س" والد الطفلة بأيام عجاف، بين ضغط من حوله والضمير الذي احتجزه تأنيباً بأنّ إعدام شقيقه سيُيَتم أطفاله، وبين والدته التي تعبت بعد سماع حكم الاعدام عليه ولكنها طالبت بحبسه لسنوات طويلة حتى وإن مات داخل السجون.
وبعد اتصال من شقيقته بأن والدته قد دخلت بوعكة صحية بعد سماع حكم الإعدام على شقيقه "س.س"، وحينها ذهب مسرعا إلى أمه فجلس أمامها، وسألها سؤالاً طلب منها الإجابة بنعم أم لا وسينفذ بعهداً منه أمامها وكسب رضاها، أنه سيفعل ما ستجيبه، ولا يهمه كلام الناس لأنهم هم أول من طعنوا به في أقاويل لا صحه لها بالحدث، وحينها قالت سامحه، وتنازل من أجل الله وأطفاله الأربعة ولا أريد أن تكون آخر حياته هكذا لعل الله يهديه.
ونوه "ع."، قلت لأمي لن أخسرك، سأفعل هذا من أجلك بعد الله، ولأجل أطفاله، وحينها اتصلت بمحامي شقيقي، وبأقربائي بأنني سأكتب ورقة مسامحة وتنازل عن "س.س".
وكتب "ع.س" بالفعل هذه الورقة بحسب حديثه مع "أمد"، ووضع توقيعه عليها، وفي اليوم التالي من جلسة الاستئناف الثانية، وبعد سماع القاضي لوالد الطفله عن التنازل لشقيقه، طلب القاضي من المحاميين تقديم كافة الأوراق لانهاءها في هذه الجلسة على أن تكون جلسة الأحد هي النهائية والتي سيتم نطق الحكم على الذئب البشري سامر وبحكمه النهائي، حكم الإعدام عليه وبقاء الحكم الذي صدر عن القضاء العسكري.
وهنا انتهت القصة بحكم إعدام لأخ قتلته نزوات الدنيا بفعلة شنيعة، وبأنيابه الشرسة لطفلة لم تعلم طعم الحياة، ولا تستطيع مكافحة عنفها، وبأب صابر ومحتسب بين طفلته وبين أمه وأطفال أخيه وبين من كان يتحدث به الناس من أقوال لا صحة لها.
ترك "ع.س" حق طفلته بتنازله ليوم الحساب والعقاب، لتنتهي حياة الذئب الذي نهش جسد طفلة بريئة بالإعدام رمياً بالرصاص بصفته عسكرياً ارتكب ذنب لا يغتفر له.
وبعد أيام عادت الطفلة إلى حياتها وانضمت للأطفال في روضتها لتبدأ حياتها من جديد، علّها تغيير مجرى الألم الذي استقر كرصاصة قاتلة في قلب أباها وذويها وبسبب أقرب المقربين.