قائمة الموقع

شركاء متشاكسون

2022-01-19T14:34:00+02:00
محمد مشتهى
بقلم/ د. محمد مشتهى

النَّقد الذاتي والتطوير هما أساس النهضة وعنوان لأي مواجهة، وهما علامتين إن غابتا عن أي مؤسسة أو مجتمع غابت النَّهضة وضَعُفت المقدرة على المواجهة، فمن أراد النهوض فليهتم بهما ويدعم من أجل تعزيزهما، ومن أراد أن يبقى كسيحا معاقاً يعيش على أمجاد الماضي فليضع العقبات أمامهما، وتلك هي الوصفة السحرية لعدم النهوض والتقدم.

الصِّراع القائم مع العدو هو صِراع يوميّ، والعدو الصهيوني يَعتبره كذلك، هو يومياً يُطوِّر من نفسه ويومياً ينتقد نفسه، هو يمتلك قوة كبيرة ويُدمِّر ويقتل ثم ينتقد نفسه، ويَكشف اخفاقاته ويُحمّل المسؤوليات لمؤسساته سواء الأمنية أو العسكرية أو غيرها، وفي غياب النقد الذاتي والتطوير تظهر العنتريات ولغة الأنا والعيش على التاريخ النضالي وفي النهاية لن يحدث التقدُّم.

فلسطينيا؛ نحن بحاجة إلى الموضوعية أكثر، لعدم المبالغة أكثر، لعدم العيش على الأمنيات والرغبات، لتشخيص واقعنا أكثر، لدراسة اخفاقاتنا وعثراتنا، والتفكير يومياً في إمكانية اختراق العدو في جبهاته كافةً سواء كانت الثقافية، السياسية، الاجتماعية، العسكرية، الاعلامية، والعلمية وغيرها.

نعم إن هذا الكلام نظرياً يعتبر سهل جدا لكن ممارسته هي الأصعب، لذلك نحن بحاجة إلى حضور فلسطيني يومي وعقول كبيرة ونية صادقة واخلاص متفاني للوصول إلى مستوى الصِّراع، وإن عدم فتح أوتوستراد عريض للنقد الذاتي أو وضعه في قوالب تُنتج آراءً على مزاج هذا المسؤول أو ذاك، حينها كيف يمكن النهوض لمستوى هذا الصراع؟! 

إن قضايا التحرير والصراعات الكبيرة كالتي يعيشها شعبنا الفلسطيني بحاجة الى حضور يومي جبار على مستوى السياسة وفي كافة المجالات، وإن لكل صراع أدواته وميكانزماته وحضوره، والحضور مطلوب أن يؤدي لفعل، هذا الفعل سواء كَبُر أم صَغر ليس هو المهم، بل المهم أن يسير على نور وهدى، ومطلوب من حركات التحرر أن تُقاتل العدو ككتلة واحدة ويد واحدة، أما الكيد وقمع الآراء وعدم اعتماد النقد الذاتي كمنهج حياة، واستبداله بالمجاملة والحديث بعدة لغات وعدة ألسن، في النهاية هذا يؤدي إلى التفرقة ويُصبح الجميع شركاء ظاهرياً، لكنهم في الحقيقة شركاء متشاكسون.

اخبار ذات صلة