قائمة الموقع

عملية بيت ليد والاستراتيجية العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي

2022-01-22T14:11:00+02:00
عملية بيت ليد.jpg
بقلم/ ثابت العمور

تتعدد العمليات العسكرية النوعية التي قامت بها حركة الجهاد الإسلامي وانه من باب الإنصاف القول انه لا يمكن جمع وحصر والوقوف على تفاصيل العمليات العسكرية التي قامت بها حركة الجهاد الإسلامي منذ انطلاقتها حتى الآن، ومن الموضوعية أيضا القول بان العمل العسكري للجهاد الإسلامي مر بمراحل متطورة ويشهد له انه عمل نوعي تكتيكي استخباراتي، شكل هزيمة للعدو في كل مرة كانت تقوم حركة الجهاد الإسلامي بعملية، واليوم بات العمل العسكري للجهاد نوعي وحاضر ومتطور، وهو أمر يحتاج أيضا لبحث ووقوف بأنه رغم كل الظروف الداخلية والإقليمية والدولية إلا أن الجهاد الإسلامي حاضرة في كل الميادين من الصواريخ والهاون والعمليات الاستشهادية المزدوجة الى الحرب النفسية والالكترونية والاستخباراتية وتتحدى الاحتلال الصهيوني بعقول متفردة منذ عملية الهروب الكبير من وسط سجن غزة المركزي، وعندما خرج مجاهدي الجهاد الإسلامي من السجن لم ينسحبوا إلى خارج فلسطين بل استمروا وهاجموا جنود الاحتلال وقتلوا ضباطه واشتبكوا معه من مسافة الصفر قبيل انطلاق الانتفاضة الأولى العام 87.

لم يخضع العمل الجهادي العسكري لتقييمات اللحظة الآنية في حسابات الجهاد الإسلامي، كانت الحركة تنظر لما هو ابعد وأعمق من ذلك، لم تكن تخشى أي تبعات أو حسابات وهذا ليست تهورا لكن لأن المطلوب يستحق والمطلوب هو فلسطين الإسلامية كل فلسطين، ولا مجال لحسابات الربح والخسارة إذا ما حضر منهج الجهاد والاستشهاد، وكلام الشقاقي رحمه الله في هذا الأمر كثير جدا واكبر من أن يُحصر، فالشقاقي مثلا كان يعلم أن تأسيس حركة جهاد إسلامي لن يمر مرور الكرام ورغم ذلك أسس الحركة ، وكان يعلم أن حياته هي ثمن العمليات العسكرية النوعية التي تقوم بها حركة الجهاد الإسلامي ورغم ذلك استمر وواصل العمل، ومن الأمثلة على ذلك عملية بيت ليد البطولية الاستشهادية المزدوجة وهي واحدة من أهم العمليات النوعية التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية عموما وحركة الجهاد الإسلامي تحديدا، ورغم علم الشقاقي بان العدو لن يسكت وسيرد على العملية لكنه استمر وهو يعلم أن حياته ثمنا لهذا لكن من ركب قارب الجهاد والاستشهاد لن يثنيه عن ذلك شيء ولو كان حياته، وعندما قرر العدو الصهيوني تصفية الشقاقي واغتياله لم يوقف ذلك حركة الجهاد الإسلامي ولم يثنيها ولم يخيفها واستمرت، ومثال ذلك العمليات الاستشهادية النوعية التي أعقبت استشهاد الشقاقي، واليوم تقف حركة الجهاد الإسلامي بجناحها العسكري وبعدتها وعتادها وقوتها وعقيدتها ومنهجها وقادتها ومجاهديها وعملياتها النوعية استخباراتيا وامنيا وعسكريا حتى الحرب الالكترونية كانت حاضرة في عمليات سرايا القدس، وبات العدو الصهيوني يحسب حساباته قبل الاشتباك مع سرايا القدس لأنه يعلم أن حسابات السرايا وحسابات حركة الجهاد الإسلامي مختلفة تماما عن أية حسابات فلسطينية وان قوام هذه الحركة هو الجهاد والاستشهاد والاشتباك إلى نهاية المعركة.

حين اغتالت طائرات الاحتلال الإسرائيلي في التاسع من مارس للعام 2012 الأمين العام للجان المقاومة الشعبية زهير موسى القيسي بعد استهداف سيارة كان يستقلها في تل الهوى غرب مدينة غزة، خاضت حركة الجهاد الإسلامي وقتها حربا منفردة مع الاحتلال الإسرائيلي لمدة أربعة أيام، أطلقت خلالها سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي ما يقرب من 200 صاروخ على إسرائيل، وهددت في حال تطور العدوان أن تستخدم صواريخ تصل إلى مدن ما بعد اسدود التي تبعد نحو 35 كلم عن غزة. تلتها عملية السماء الزرقاء في نوفمبر من نفس العام ردا من الجهاد الإسلامي على اغتيال القائد في كتائب الشهيد عز الدين القسام الشهيد احمد الجعبري، وفي هذه المرة استخدمت سرايا القدس صواريخ جديدة ونوعية، ولم تتوقف المواجهة عند حديد القصف والاشتباك، لكن كانت الجهاد الإسلامي قد استحدثت وحدات عسكرية جديدة في هياكلها فأعلن جهاز الاستخبارات لدى سرايا القدس عن معركة نوعية أخرى وتمكن الجهاز من اختراق 5000 هاتف خلوي لضباط العدو الصهيوني، وأرسل لهم رسائل تحذيرية باللغة العبرية تضمنت " سنجعل غزة مقبرة لجنودكم، ونجعل تل ابيب كتلة لهب"، ثم نشرت سرايا القدس ملفات هؤلاء الضباط وأسمائهم وأرقامهم وعناوينهم ورتبهم والمهام المنوطة بهم، فكانت معركة نوعية جديدة تضاف لرصيد العمليات النوعية التي نفذتها حركة الجهاد الإسلامي طوال مشوارها الجهادي.

لا يمكن التعرض للعمليات الجهاد الإسلامي النوعية وتطور أدائها وأثرها دون التوقف عند واحدة من أهم هذه العمليات وأولها، عملية بيت ليد الجهادية الاستشهادية النوعية الاستخباراتية المزدوجة، كل حيثية في عملية بيت ليد كل جزئية تحتاج لوقفة ودراسة وتحمل درسا وتحمل عقلا مدبرا وتحمل عملا بطوليا جهاديا، إن الشرح يطول عند الحديث عن الأبعاد العسكرية والأمنية والنفسية والنوعية لعملية بيت ليد. والتي كان من تبعاتها قرار الاحتلال الصهيوني اغتيال الشهيد الأمين العام للحركة الدكتور فتحي الشقاقي. ورغم معرفة الحركة مسبقا بتبعات ذلك إلا أنها مضت في طريق الجهاد والاستشهاد ولم يثنيها ذلك ولن يثنيها أبدا.

عملية بيت ليد الإحداثيات والحيثيات

الزمان :

22/1/1995

المكان :

مفترق بيت ليد قرب مدينة أم خالد " نتنانيا"

النتائج :

مقتل 26 جندي صهيوني وجرح 79 جريح

الإحداثيات والحيثيات :

قرر الاستشهاديان صلاح شاكر وأنور سكر اختراق العدو الذي يردد انه عدوا لا يقهر، واختراق منظومته الأمنية، وتنفيذ عملية نوعية ردا على جرائم العدو الصهيوني أولا وإخباره أن التسوية والمفاوضات لا تمنع المجاهدين من الجهاد والمقاومة وأننا نريد فلسطين كل فلسطين. هكذا أرادتها الجهاد الإسلامي عندما نقلت مجاهديها من رفح والشجاعية إلى الضفة الغربية والقدس، وشارك في التنفيذ والإسناد والرصد والدعم مجموعة مجاهدين من كل المناطق في فلسطين.

لم تمنع المفاوضات واتفاقية أوسلو العدو الصهيوني من تنفيذ اغتيالاته، فأقدمت ولأول مرة على تنفيذ عملية اغتيال في قطاع غزة بوضع متفجرات في سيارة الشهيد القائد رئيس تحرير صحيفة الاستقلال هاني عابد، وبمجرد ركوبه لسيارته أمام كلية العلوم والتكنولوجيا والتي كان محاضرا فيها قامت بتفجير السيارة فاستشهد على الفور، اعتبر العدو الصهيوني انه نجح وان اغتيال هاني عابد بالمتفجرات وفي غزة يعتبر عمل عسكري نوعي.

لم يتأخر رد الجهاد الإسلامي فكان لابد من عملية نوعية استخباراتية ترد على العدو الصهيوني وتقول له أن الجهاد الإسلامي قادرة على تنفيذ العمليات النوعية، وعليه قرر المجاهدين وعلى رأسهم الشهيد القائد محمود الخواجا الرد النوعي على العدو الصهيوني، الذي تفاجئ من حجم القوة ونوعية التخطيط والتنفيذ والإسناد والرصد الذي تمتلكه حركة الجهاد الإسلامي في العام 95، فبدأ التخطيط وبدأت عمليات العصف الذهني وبدأ فتح بنك الأهداف الصهيونية لدى حركة الجهاد الإسلامي، وبعد عملية تقييم وتدقيق واختيار ورصد وتتبع تقرر أن يكون مفترق بيت ليد هو المكان.

تحركت مجموعات الرصد واستطلعت المكان ورصدت نقاط القوة والضعف فيه، وتواصلت مع القيادة ووضعتها في صورة الوضع، آلية التواصل والرصد والتقييم كانت هي الأخرى نوعية لم يكن حينها متاح أجهزة الاتصال ولا التصوير كان مطلوب وضع كل المخططات في عقل الراصد والمستطلع، وكان يجب انم يكون قادرا على وصف المكان ونقاطه ومحاوره وكل تفاصيله، وان يوصل ذلك للقيادة العسكرية وان يقنعها باختياره للهدف، وعلى هذه القيادة أن تقرر الزمان والمكان وطريقة التنفيذ المواتية، كل ذلك يحدث بإمكانيات معدومة وكل معلومة كانت تحتاج التأكد منها تتطلب زيارة المكان واستطلاعه ورصده، وان كان ظاهر المكان مفترق طرق إلا انه مفترق غير عادي، لأنه ببساطة محطة إنزال وانتظار واستراحة ومطعم للجنود والضباط الصهاينة، وأي حركة غير طبيعية وأي شخص جديد يصل المكان سيكون محل اشتباه، ولكن المجاهدين نجحوا في الوصول والاستطلاع والرصد والتوثيق والتقييم، وعادوا لوضع الخطة موضوع التنفيذ النوعي.

بعد الاختيار من بنك الأهداف لدى القوى الإسلامية المجاهدة "قسم" الجناح العسكري حينها لحركة الجهاد الإسلامي، تم الانتقال للمنفذين فوقع الاختيار على المجاهد صلاح شاكر من رفح، وأنور سكر من الشجاعية، ومن دلالات ذلك أولا التحدي في القدرة على نقل المجاهدين من أي مكان والى أي مكان علما بان الاحتلال الصهيوني كان يحتل كل قطاع غزة ويصول ويجول فيه والحركة فيه محسوبة جدا، بالإضافة إلى وجود سلطة فلسطينية نشأت بفعل اتفاق أوسلو والذي من بين أهدافها وقف المقاومة، بالمناسبة واحد من أهداف عملية بيت ليد الرد على اغتيال إسرائيل لستة أفراد من الشرطة الفلسطينية، وعندها خرج الشقاقي معلنها مدوية : " نعم نعم لقد قامت "قسم" بتنفيذ العملية .... انتقمنا لدم الشرطة الفلسطينية ...الشهداء يعشقون خيار الحياة الأفضل ". لم تكن الجهاد تثأر لقادتها فقط لكنها ترد وتثأر لكل الدماء الفلسطينية لا فرق في إستراتيجية الجهاد بين دم ودوم وبين شهيد وشهيد وبين فصيل وفصيل وبين فلسطين وفلسطين.

الجغرافيا حاضرة إذن ومن رفح والشجاعية إلى الضفة الغربية وصولا للقدس وأم خالد "نتانيا" والمفترق المستهدف، والسؤال كيف نؤلم العدو وننال منه ونهزمه في عقر داره؟، فكان الجواب بعملية استشهادية ولكن هل تكفي؟، هل تؤلم العدو؟، ما النوعي فيها والجديد؟، حينها تم الانتقال من تكتيك العملية الاستشهادية إلى إستراتيجية العمق والعمل النوعي امنيا واستخباراتيا، فتقرر أن تكون عملية ثلاثية يشارك فيها ثلاثة استشهاديين وهل هذا كافي ؟، أين تحدي المنظومة الأمنية؟، أين مركزية الهدف؟، فتم تحديث الخطة بأن يرتدي المجاهدين الثلاثة زي الجنود الصهاينة ويخترقون الصفوف ويفجرون الشحنة وسط الجنود، ولكن العبقرية العسكرية للجهاد الإسلامي لم تكن لتقبل بذلك، فتقرر تكتيك آخر، أن تكون العملية تسلسلية زمنيا متقاربة مكانيا.

العبقرية هنا أن تستطيع نقل ثلاثة مجاهدين من ثلاثة مناطق مختلفة في غزة إلى منطقة واحدة في الضفة الغربية، ثم تقوم بتجهيزهم بالعبوات اللازمة، ولأنها عملية عسكرية نوعية تقتضي كمية متفجرات كافية ، من أين وكيف يمكن الحصول على متفجرات في ظل الاحتلال الصهيوني وكيف نصنع العبوات ونجهزها وننقلها، وهل تكفي 10 أو 20 أو 30 كيلوا متفجرات، العبقرية هي الاستمرار وتحدي كل المعيقات، لو فكر المجاهدون في العقبات والتحديات فربما عجزوا، لكن من يتوكل على الله فهو حسبه، توفرت مادة التي أن تي المستخدمة في العملية من ألغام عسكرية قديمة، والتدريب هنا والإعداد مهم في كيفية التعامل مع الألغام القديمة واستخراج مادة تي أن تي منها وإعادة استخدامها في عبوات جديدة، وكل ذلك في وقت قياسي وضيق ومحكوم بعدة عوامل، لكنه التوكل وإخلاص النية.

وهل يكفي هذا الاختراق للنيل من العدو، ولتجسيد العبقرية العسكرية يبدو أن طموح الرجال وأمالهم لا يوقفها أي حد، واستكمالا لذلك فقد تقرر إحضار ثلاثة بدل عسكرية تشبه تلك التي يرتديها جنود العدو الصهيوني، ومعها ثلاثة حقائب كتلك التي يضع فيها جنود العدو ملابسهم وأغراضهم، وهنا يجب التنويه انه في ذاك الوقت كان ممنوع امتلاك أو حيازة أي ملابس عسكرية أو معدات بل أن حيازة سكين كان يعتبر جريمة يلاحق ويحاسب ويعتقل من توجد بحوزته سكينة. لكن العبقرية في التحدي والإصرار بامتلاك ثلاثة بدل عسكرية بحقائبها، والأهم إيصال المجاهدين للمكان، نعم، والانتظار هناك عقب اختراق صفوف الجنود، وكانت الخطة حسب التنفيذ ان يتوجه الاستشهادي أنور سكر إلى المقصف الذي يتجمع فيه الجنود ويقوم بتفجير الحقيبة التي يحملها، وبالفعل تقدم الشهيد وجلس بأريحية دون أن يلفت النظر إليه وهو يحمل ما يزيد عن 10 كيلو جرامات متفجرات من مادة تي ان تي، ويرتدي بدلة عسكرية صهيونية، الأمر الذي يعني أن هناك ثبات وشجاعة ورباطة وإصرار وإقدام وتعبئة وتربية جهادية عقائدية كفيلة ان يكون الشهيد ثابتا لا يتراجع ولا يلفت النظر إليه ويستمر، وهذه كلها تحتاج الى تدريب مكثف وإعداد نفسي وبدني وعسكري وامني. وهنا تكمن واحدة من مدخلات العبقرية العسكرية التي تعرف مكامن ضعف العدو وتترصده وتتحداه وقادرة على اختراقه على كافة المستويات.

كانت العبقرية العسكرية "لقسم" تعلم سلوك الجنود الصهاينة عقب تفجير أنور سكر لحقيبته، وهذا جزء استراتيجي مهم ان تكون مضطلع وعالم مسبقا بسلوك العدو وردة فعله، وعليه كلف الشهيد صلاح شاكر بان يقف على مقربة من المفترق وعقب تفجير أنور سكر لحقبته، سيخرج الجنود مهرولين من المقصف إلى المفترق وبدافع الخوف والهلع سيتجمعون فعلي صلاح ان يتقدم صوبهم ويخترقهم ويقوم بتفجير حقيبته، هذه الحيثيات تقتضي وقفة، وسبب الوقفة والتأمل ان ترى رفيقك قد قام بتفجير حقيبته التي يحملها وترى هروب الجنود وهلعهم، وتستمر في مكانك ملتزم بهدفك لا تتراجع ولا تتأخر ولا تتوانى ولا تلفت النظر إليك، أية ثبات وأية تدريب وأي إعداد هذا الذي تملك الشهيد صلاح شاكر، وهو الحاصل على ترتيب الأول في الثانوية العامة " التوجيهي" والحاصل على بكالوريوس العلاج الطبيعي، وكان من يملك شهادة في ذاك الوقت يعتبر من نخبة المجتمع وبالتالي فالمستقبل أمامه ، لكنه منهج الجهاد والاستشهاد الذي لا تسوى فيه الدنيا جناح بعوضة.

تقول إحداثيات عملية بيت ليد أن العملية تقرر لها ثلاثة مجاهدين، وان تتولى مجموعة الإسناد نقلهم من الضفة إلى مفترق بيت ليد، وان ينقل كل مجاهد على حدة، وبالفعل تولت مجموعة الإسناد توصيل أنور سكر وصلاح شاكر، لكن لظروف ما تأخر توصيل المجاهد الثالث، والذي كان يفترض أن يقوم بتفجير الحقيبة الثالثة بعد وقت معين، هو الوقت الذي تكون فيه سيارات الإسعاف وقادة الجيش قد وصلوا للمكان. العبقرية هنا إيصال كل مجاهد على حدة وعدم المخاطرة بنقل وتوصيل الثلاثة بذات الطريقة ونفس التوقيت ونفس المركبة، لان أي ظرف كان يمكن أن يفشل العملية، ورغم صعوبة ننقل ثلاثة مجاهدين إلا أن الخيار كان بنقل كل واحد على حدة، وبالفعل حدث ذلك، وعندما تعطل وصول الثالث في الوقت المحدد لم يفضي الأمر لإلغاء العملية بل تمت لتكون عملية نوعية يتبعها عمليات أخرى موازية ومماثلة.

وصف الشقاقي لعملية بيت ليد :

  • هذه العملية تأتي في سياق جهادنا المستمر ضد الاحتلال الصهيوني وتمثل الرد الفعلي والحقيقي على عمليات تهويد القدس والاستيطان. أردنا منها أن نقول للعالم أن السلام القائم على أوهام القوة والغطرسة سيزرع أسباباً جديدة للحرب وأنه لن يكون سلاماً قبل أن تعود أرضنا ونأخذ حقوقنا كاملة، كما قلنا للصهاينة أن لا سلاحكم النووي ولا اتفاقات أوسلو يمكن أن تجلب لكم سلاماً، وأمنا، وإن اتفاق أوسلو المخزي لا يلزمنا ولن يلزم شعبنا.وأنتم تشهدون كم هو مرعوب وخائف من ضربات المجاهدين الموجعة، وأكدنا للأمة أن الحرب مع العدو الصهيوني مستمرة وأن باب الجهاد مفتوح ونعمة الشهادة باقية تشع على الأمة.
  • يبدوا أن الإسرائيليين لم يدركوا بعد أننا نحب الموت كما يحبون هم الحياة، وكأنهم لم يلحظوا أن كل محاولاتهم للقتل والاغتيال لم تكن إلا لتزيد الثورة اشتعالا.. هذه قضية عادلة لشعب كله مظلوم ولأمة تريد أن تحيا خارج سيطرة القوى الكبرى، وخارج هذه الهيمنة المستمرة منذ عشرات السنين.
  • أؤكد لك أن حارس العمر الأجل وأننا مستمرون في جهادنا ولن تثنينا هذه التهديدات عن مواصلته وعزاؤنا دائماً أن الجهاد والثورة ستبقى مستمرة في جميع الأحوال، وليست هناك قضية عادلة يمكن أن تخسر خاصة عندما تكون بقداسة وعظمة القضية الفلسطينية، وأهلها بحيوية الشعب الفلسطيني.

نتائج العملية سياسيا وامنيا على صعيد الكيان الصهيوني :

  • أجبرت حكومة رابين على إلغاء اجتماعها الدوري واضطر رابين لمغادرة مقر الحكومة بطائرة عسكرية والتوجه لموقع تنفيذ العملية وسط حراسة مشددة استخدمت فيها لأول مرة الطائرات المروحية. التي حلقت فوق المكان وسط عمليات تفتيش كبيرة جدا.
  • بدا رابين متعبا ومرهقا ومنهزما عاجزا ووصف ما حدث قائلا:" إنه يوم رهيب وفظيع وأليم بالنسبة لكل شعب الكيان.. إن الحل الأمثل والجذري على المدى المتوسط والبعيد هو الفصل بين الصهاينة والفلسطينيين بما لا يتيح للفلسطينيين من مواطني الضفة والقطاع الدخول إلى مناطق السيادة الصهيونية. وحتى هذا الفصل قد لا يمنع شخصاً انتحارياً مستعداً للموت من التسلل إلى داخل الكيان الصهيوني، إذ لا سلاح رادع في مواجهة انتحاري كهذا".
  • وصف الجنرال اساف حيفيتس، المفتش العام للشرطة العملية بقوله: "عملية التفجير تعتبر شديدة الإحكام ودقيقة. ووصول منفذي العملية إلى العمق الصهيوني هو فشل أمني يصعب تبريره".
  • بعد يومين من العملية استقال الجنرال يعقوب بيري رئيس جهاز الشاباك من منصبه.
  • كتب امير اورن (هزيمة الجيش الصهيوني في بيت ليد) والذي يرى بأن الهجوم يعد ضربة لجوهر قوة الدولة وأسطورة العزة الصهيونية، إذ جاء في التحليل: " هذه الأجواء الشعبية الحزينة، وما يرافقها من تخبطات سياسية، يجب ألا تطمس الحقيقة الخطيرة، وهي أن الجيش الصهيوني قد مني بهزيمة ذريعة، مقدارها الكمي انتزاع فصيلتين من حجم الجيش، ومقدارها النوعي خدش آخر لكلام أفضل جيش في العالم. فقد استطاع المتعصبون المسلمون أن يقوموا بعملية حرب عصابات واضحة، ضد جيش كبير مترهل وهش. وهذه ليست مجزرة، لأن الجنود سقطوا وهم موجودون في الحراسة. ولكن من ذا الذي يحرس الجنود؟ لقد أصبح كل جندي هدفاً للهجوم عليه أو اختطافه.. لو أتقنت القيادة والشرطة العسكرية مهمتها، لشعر كل عسكري، من الجندي حتى الميجر جنرال في مفرق بيت ليد، أنه نحشون فاكسمان القادم".

إن العبر المستفادة من عملية بيت ليد باختصار هي :

  • الاغتيالات الصهيونية لا توقف العمل النوعي الجهادي المقاوم لدى الحركة، بل تعتبر دافع له بشكل نوعي.
  • الرد الجهادي يكون اكبر من الجريمة التي يقوم بها العدو ويكون نوعي يحمل رسائل ودلالات ترهق العدو وتتحداه.
  • أهمية الإعداد الجيد والموضوعي والحقيقي والشامل والمكثف، والالتزام والتدريب، والتفكير والتخطيط الجيد الذي يستحضر كل الحسابات والسيناريوهات، والقائم على المعلومات الحقيقية الواضحة الكاملة، واستمرار عمليات الرصد والاستطلاع والملاحظة الدقيقة والقدرة على معرفة التغييرات إن حدثت وتقييم الموقف والموقع وتحديد نقاط القوة والضعف فيه، وامتلاك بنك أهداف دائم للعدو يتحرك بتحرك الظروف ونوعية العملية المراد تنفيذها.
  • المعلومات مهمة جدا، واختيار مفترق بيت ليد كان قائم على مجموعة معلومات مهمة جدا، ولا يجوز استبعاد أي معلومة مهما كانت حتى وان بدت صغيرة، التخطيط لعملية بيت ليد كان يعلم وجود مقصف يجلس فيه الجنود، ويعلم أنهم يوم الأحد يذهبون للعمل ويعلم أن المفترق يعد ابرز محطة حافلات عسكرية يتوزع منها الجنود على باقي فلسطين، وكان يعلم الزحام في المفترق ولديه تقدير مبدئي عن عدد السيارات التي تمر عبر المفترق، ويعلم قدرة مجموعة الإسناد على الانسحاب والتغطية، وبالتالي كل هذه الحيثيات والمعلومات مهمة جدا، لا يمكن استبعاد أي ملاحظة أو معلومة حتى لا تقع المفاجئة لحظة التنفيذ.
  • الإصرار والإقدام الثبات واستحضار أن الله بمعية المجاهدين يمدهم ويظلهم ويحرصهم وان زمن الكرامات لم ينتهي لكن معايشتها يحتاج إلى نوايا مخلصة وتوجه سليم إلى الله وان يكون أي عمل هو لله وللإسلام والمسلمين.
  • المجاهد لا يثنيه أي تحدي أو تحدي إطلاقا هو أقوى من كل الظروف يفكر في التنفيذ وفي الهدف.
  • من الضروري القدرة على توظيف واستخدام ما هو ممكن ومتاح وان كان قديم أو قليل لا تنتظر أن تحصل على كل ما تريد، الموائمة مهمة جدا، في عملية بيت ليد تم الاستعانة بالألغام القديمة لتوفير مادة التي أن تي وهي مادة كان محظور جدا وصعب جدا الحصول عليها، لكن الصعوبة دفعت بالمجاهدين للبحث عن البدائل وإيجاد الحلول والمجاهد يجب أن يكون قادرا على الابتكار والإبداع. والاهم أن لكل عملية أداتها المناسبة ويجب معرفة ذلك والإلمام بالأدوات الممكنة والمتاحة ولو كانت بسيطة.
  • الربط التنظيمي والجغرافي والعسكري وإيجاد آلية تواصل واتصال بين مختلف الوحدات في مختلف المناطق وضمان ألا تكون الاتصالات والشفرات مخترقة ومعلومة وثبت أن الاتصال المباشر اضمن الطرق، وهذا ما حدث بين غزة والضفة والقدس عندما تكفلت وحدات الإسناد بالضفة من استلام المجاهدين من وحدة الإعداد والتجهيز بغزة، العمل النوعي بحاجة لتواصل وتنسيق بين غزة والضفة والقدس ولا يمكن تنفيذ عملية نوعية بدون ذلك التعاون العسكري بين هذه المناطق.
اخبار ذات صلة