لم يتوقع المُمرض "سامر العامودي" أن يُصبح محط اهتمام الآلاف من الفلسطينيين؛ بعدما لامس مشاعر الناس بالدُّعابَة والطُّرْفَة، عبر فيديوهات كسرت الروتين والملل، وحالة الجمود المتمثلة بالقضايا والموضوعات (السياسية والاقتصادية)، التي تطغى على المشهد الفلسطيني منذ سنوات عدة.
سامر العامودي (35 عامًا)، يُعد واحدًا من أبرز الفُكاهيين الغزيين على الفضاء الأزرق –فيسبوك-، متميز عن غيره بخفة دمه، والحديث المسترسل دون تصنع أو تكلف، هو مُمرض يعمل في مستشفى ناصر الطبي بمدينة خانيونس، ويعمل أيضًا في مستشفى العودة شمال القطاع.
حكاية "سامر" الفُكاهي بدأت مع انتشار فيروس كورونا، ولم يرغب بتكرار الآخرين لتقديم النصائح والإرشادات للتعامل مع الفيروس؛ فأراد توجيه الإرشادات بطريقة مختلفة تمامًا لما يُعرض عبر المواقع الإلكترونية ومنصة "يوتيوب" الخاصة بالفيديوهات.
بمساعدة زوجته
"سامر لديك معلومات كثيرة عن كورونا، وتُجيد الحديث بشكل مميز ومضحك، لماذا لا تقدم النصائح للناس بطريقة فكاهية ممزوجة برسالة سامية تخترق القلوب قبل العقول؟" كلمات "أم سمير" -زوجة سامر- اقتحمت مخيلته، وبدأ يفكر في الأمر.
تحولت رؤية "أم سمير" خلال أيام قليلة إلى نصوص مكتوبة بشكل راقٍ؛ ليبدأ سامر بتطبيق ما اتفق عليه وزوجته، بتحويل النصوص المكتوبة إلى مقطع فيديو، فلم يتردد للحظة واحدة لنشر الفيديو على حسابه في منصة فيسبوك؛ كونه لقي استحسان زوجته.
لم يتخيل سامر أن يجد الفيديو استحسانًا وقبولًا واسعًا لدى النشطاء، الذين شاركوا الفيديو على حساباتهم الخاصة؛ ليحصد مئات الآلاف من المشاهدات، شَعَرَ سامر بالفخر للإنجاز الذي حققه الفيديو، سواء وصلت الرسالة السامية للناس، أو أدخلت الضحكة والفُكاهة لقلوبهم فقط.
الإنجاز الذي حققه سامر بفيديو كورونا، دفعه بشكل لافت للاهتمام للقضايا الاجتماعية، ومناقشتها عبر فيديوهات تُقدم بأسلوبِ مضحك ونقدٍ ساخرٍ بعيدًا عن الجمود وإثارة الجدل، حسب ما قاله سامر لمراسل شمس نيوز.
الخيانات الزوجية وتقويم سلوك الفتاة
وبدأ سامر يناقش وزوجته نصوصًا مكتوبة تمس واقع المجتمع، ومعالجتها بشكل ساخر وناقد، مؤكدًا أن الناس وجدت بالفيديوهات فرصة للاستماع والاستمتاع بالكلمات والفكاهة، كأنها وجدت من يضع "الملح على الجرح".
"الخيانات الزوجية، احترام اللهجات واللكنات والحفاظ عليها، تنبيهات وتحذيرات فصل الشتاء، حكايات الأفراح والأعياد، كلها قضايا مهمة تحدث عنها أبو سمير؛ لكنه لم يغفل بمناقشة قضية وطنية مهمة، تتمثل بالكف عن الثرثرة أثناء العدوان على أبناء شعبنا وكشف مرابض إطلاق الصواريخ بشكل غير مقصود، مبينًا أن الفيديو الوطني حصد أكثر من مليون مشاهدة.
ورغم طرح سامر للقضايا الاجتماعية والمشاكل الزوجية وتقويم سلوك الفتيات في التعامل مع الناس؛ إلا أنه يرفض مطلقًا طرح الأمور السياسية؛ خشية من إثارة الجدل العقيم بين المنتمين للفصائل والأحزاب، قائلًا: "يمكنني التحدث عن أمور وطنية تجمع الكل؛ لكنّ أمورًا وقضايا تهدم المجتمع، وتدفعنا للسب والشتم على بعضنا البعض، لا أقبل بها، فهناك الكثير من القضايا التي تجمعنا يجب التحدث عنها وتناولها".
كما يرفض سامر إعداد فيديوهات مضحكة ونشرها دون هدف، مؤكدًا أن منصة التيك توك يوجد بها آلاف الفيديوهات المضحكة؛ لكنها لا تحمل رسالة مفيدة للناس، قائلًا: "لي مكانة عند الناس؛ فأنا ممرض، وأقدم العلاج للمرضى، لا أرضي بتعريض نفسي للإهانة أو السب؛ فلكل فيديو هدف ورسالة يجدها المشاهد في آخر الفيديو الذي لا تزيد مدته عن 30 ثانية، أو يزيد بقليل"