إن الثقافة التي حصلنا عليها وتريبنا عليها في محاضن السجون والجلسات والتعاميم الحركية والحزبية والتظيمية، التي كنا نقدمها للعناصر والأسرى القادمين الجدد عن القادة والرموز والشخصيات الوطنية والإسلامية الفلسطينية والعربية والإسلامية، أن نقدرها ونحترمها رغم اختلافنا الفكري والأيدولوجي والسياسي معها.
فمثلا ياسر عرفات القائد الفلسطيني الذي كان له دورا مركزيا في مسيرة النضال الوطني والسياسي والكفاحي اختلافنا معه في عدة مراحل واتفقنا معه في مراحل أخرى، اختلافنا معه في موضوع التسوية والاعتراف بالكيان الصهيوني، وما نتج عن أوسلو وقد قلنا ذلك علنا ولم نخجل من مواقفنا اتجاه سياسة الرجل وعمله وكان نقدنا لاذعا وقاسيا بحق الرجل، والفريق الذي ذهب معه للسلام المزعوم والمشوه.
ولكننا أعاد الرجل البوصلة التي ابتدئها في دعم العمل الكفاحي والمسلح، وتمويل المجموعات العسكرية التابعة لفتح وخاصة في انتفاضة العام 2000م انتفاضة الأقصى الثانية، وقد دفع الرجل ثمنا سياسيا نتاج ذلك وتم محاصرته في مقره وتم التآمر عليه وعلى شخصه بتسميمه وقتله، بمساعدة أطراف داخلية وصهيونيه وفلسطينيه وأمريكية.
وهنا نتذكر كلام الأمين العام للجهاد الإسلامي السابق والقائد الوطني والمفكر الواعي والنبه الدكتور رمضان عبد الله شلح _رحمه الله تعالى عندما تحدث للراحل أبو عمار وهو محاصرا في المقاطعه قائلا له في اتصال هاتفي (يا جبل مايهزك ريح نحن نقول يا ريح ما يهزك جبل).
هذه ثقافة مدرسة الإيمان والوعي والثورة التي تقبل الاخر الوطني المخالف والإسلامي المخالف لنا في كل شئ ولكن هناك قناة تجمعنا بهم وبه هي فلسطين ففلسطين هي الميزان لنا في القرب من الاخر عندما تتقرب من فلسطين نقترب منك ونبتعد عنك بمقدار بعدك عن فلسطين، هذا الكلام والحديث ينطبق على كل الشخصيات والقادة والتيارات والأحزاب.
ونحن لا نقبل لغة الاستهزاء والسباب واللعن والحقد والكراهية والشتائم رغم الاختلاف الواضح.
فعرفات لم يكون فقط رئيسا لفتح أو للمنظمة أو للسلطة فقط رمزا عالميا له احترامه وحضوره ومكانته لا يجوز أن نمس بهذه الرموز والهامات الوطنية والتعرض لها.
قد يقول قائلا انتم غربيون جدا تنتقدون ياسر عرفات وتهاجمونه وفي المقابل تذكرونه في خطاباتكم ومهرجاناتكم واحتفالاتكم تمجدونه، وتصفونه بالشهيد هذا كلام صحيح ودقيق ولكننا عندما اختلفنا معه مارسنا حقنا في نقده ومعارضة كثير من سياسته وبرنامجه سوى المراحلي عام1974م، المعروف بالنقاط العشر إلى إعلان المبادئ إلى أوسلو وطابا ومدريد وشرم الشيخ وكل الاتفاقيات وطالبناه بسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني.
وعندما انتفض وغض الطرف عن قوى المقاومة وخاصة الجهاد الإسلامي وحماس في انتفاضة الأقصى رغم ما تعرض له ضغوطات كابرنا فيه ذلك، وسناده في حصاره وشاركنا في جنازته وأطلقنا عليه شهيدا لأنه قتل واستشهد رافضا الانصياع لأمريكا وإسرائيل وبعض أنظمة العار.
فلا يجوز لأحد مهما كان أن يتعرض للشهداء القادة فتحي الشقاقي وأبوعلي مصطفى والياسين وأبو العباس والحكيم وشلح والرنتيسي وجميل شحاده وبشير البرغوثي، مهما اختلافنا لا نريد ان نزرع أحقاد وضغائن في عقول أجيالنا كفانا انقسامات وتفسخ وانهيار في منظومة القيم والأخلاق والعلاقات الوطنية.
يجب على الجميع أن يجرم ويدين ما حصل من إساءة بحق ياسر عرفات لأن الرجل رحل وهو في دار غير درانا وله من يحبه وله جمهوره وقاعدته الشعبية.
رحم الله الختيار وكل الأحرار
والتحية لمن تمسك بالمبادئ الأولى التي نادى بها عندما انطلقت الثوره
والتحية لمن يريد إعادة وأحياء السيرة النضالية لعرفات البعيدة عن أوسلو ومشاريع التسوية