ما إن يعلن الراصد الجوي عن موعد تساقط الأمطار والثلوج على فلسطين، حتى تبدأ العائلات بتحضير كل ما يلزمها لقضاء الأوقات الشتوية الرائعة في المنازل، سواء بشراء الطعام والمسليات، أو تحضير وسائل التدفئة وإصلاح أي مشكلة قد تؤدي لتسرب المياه للبيت.
هذا تماما ما فكر به المواطن مؤمن البيوك، والذي كان يريد التجهز للمنخفض الجوي، وشراء كل ما يلزم لتوفير الدفئ لطفله الرضيع مراد الحسن، والذي مر شهر واحد على ولادته؛ لكن الفقر قاتل.
لم يستطع المواطن البيوك توفير أي شيء؛ فتأخر صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية، والتي يعتمد عليها في إعالة أسرته، جعلته يستقبل الأمطار دون أدنى تجهيز؛ ليبدأ البرد القارس، ويخطف مولوده الجديد.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس الخميس، وفاة الرضيع مراد الحسن مؤمن البيوك، ويبلغ من العمر شهرًا واحدًا؛ نتيجة البرد القارس.
وفي تفاصيل وفاة الرضيع مراد الحسن البيوك من خانيونس جنوب قطاع غزة، يروي والده القصة ويقول: "استيقظنا على الطفل وهو في حالة تجمد كامل، لم نستطع فعل شيء، ذهبنا إلى المشفى بسرعة".
صُدمت العائلة لحظة وصولها إلى المستشفى، حين أخبرهم الأطباء أن الطفل فارق الحياة؛ نتيجة توقف قلبه؛ بسبب البرد القارس، وأن جميع محاولات إنعاشه باءت بالفشل.
لحظات صعبة جدًا، لحظات يُلعن فيها الفقر، الذي أجبر عائلة البيوك لتعيش في منزلها المتهالك، وتفقد طفلها الرضيع من شدة البرد.
يضيف مؤمن والد الطفل: "البيت مغطى بالزينقو، وشبابيكه مغطاة بالنايلون، الذي لا يقي حر الصيف ولا برد الشتاء".
وبحسب البيوك، فإنهم يعانون في المنزل من اهتراء لبعض ألوح الزينقو، والذي يتسبب بدخول مياه الأمطار إلى داخل المنزل، فيضطر هو وزوجته للتناوب من أجل تبديل "جرادل" جمع المياه عند امتلائها؛ تحسبًا من انتقالها إلى بقية المنزل.
ولفت إلى أنه عمل -منذ أن ولد الطفل- على توفير بعض أداوت التدفئة، مشيرًا إلى أن أحد الأصدقاء تبرع له بمدفئة تعمل على الكهرباء، كان يشغلها طوال الفترة الماضية، إلا أن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في الليلة الأخيرة لمراد منعهم من تشغيلها.
وأرجع البيوك الحالة التي وصل لها حاليًا إلى عدم صرف شيكات الشؤون الاجتماعية منذ أكثر من عام، بالإضافة إلى عدم وجود فرص عمل متوفرة في القطاع.
وأعرب البيوك عن أمله بأن تعمل السلطة ووزارة التنمية الاجتماعية للنظر إلى الفقراء، وصرف شيكات الشؤون التي طالت فترة صرفها.
كما ناشد المجتمع الدولي؛ للعمل على إيجاد حلول جذرية لمعاناة فقراء قطاع غزة، وفك الحصار المفروض عليه منذ أكثر من 15 عامًا.
وتابع:" نناشد الجميع للنظر للفقراء الذين يعاونون، وربنا يفك الحصار، ويوحدنا، ويفك ضيق كل حدا".