حتى لو تمكنت حركة فتح، بقيادة الرئيس محمود عباس، من ضمان أغلبية أو حتى "نصاب قانوني عددي" لعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، غدًا الأحد، فإن هذا النصاب سيبقى فاقدًا الشرعية الوطنية، حتى لو توفرت له الشرعية العددية الظاهرية، خصوصًا في ظل تصريحات وأخبار تحدثت عن مقايضات بين حركة فتح وفصائل صغيرة لضمان النصاب العددي لعقد المجلس، بينها تصريحات عن التزامات بنصوص سياسية محددة مثل الالتزام بقرارات المجلس المركزي من العام 2018، وأخرى تحدثت عن منح هذه الفصائل امتيازات على شكل مناصب في مختلف الهيئات التابعة لمنظمة التحرير وضمانات بعدم المس بنصيب هذه الفصائل من الصندوق القومي الفلسطيني، كما حدث في الماضي عند اعتراضها على نهج السلطة الفلسطينية الحالية.
والواضح عمليًا أن الدافع الرئيسي لعقد المجلس، هو ملء الشواغر في صفوف المركزي بعد أن رحل عدد ممن كانوا أعضاء فيه، واستقال آخرون، بهدف ضمان بقاء أغلبية في المجلس المركزي لمنظمة التحرير مؤيدة لخيار أوسلو، ولسياسات السلطة الفلسطينية الحالية، واستمرار الخط الحالي حتى في المرحلة الفلسطينية المقبلة، مرحلة ما بعد الرئيس الحالي محمود عباس.
ولعل أكثر ما يعزز عدم شرعية جلسة المجلس المركزي المقررة غدًا، حتى في حال قررت الجبهة الديمقراطية توفير العدد الناقص لضمان "نصاب شرعي للجلسة"، هو غياب أي حوار فلسطيني للتوافق على الحد الأدنى من البرنامج الوطني في مواجهة الحكومة الإسرائيلية الحالية.
كما يتعمق التوجه الأميركي بعيدًا عن "معسول الكلام حول حل الدولتين"، للمضي قدمًا في الدفع باتجاه "سلام اقتصادي" لا يكون من دون ضمان بقاء السلطة الفلسطينية كما هي، ضعيفة بشكل لا تستطيع مقارعة إسرائيل، لكنها تملك في الوقت ذاته شيئًا من القوة الداخلية لقمع أي انتفاضة شعبية فلسطينية تهدد أمن الاحتلال أو أمن مستوطنيه في الضفة الغربية، وتعطي الشعب الفلسطيني أملًا بتغيير حقيقي للسياسة الفلسطينية العامة وخيارات الحكم الفلسطيني لجهة بناء خيار فلسطيني موحد يلغي حالة الانقسام، ويلغي سياسات التهدئة وسياسات التنسيق الأمني ويعود لمسار سياسات التحرر من الاحتلال.
ولعل أخطر ما يحمله انعقاد المجلس، هو تكريس حالة التفرد في القرار الفلسطيني، وتكريس نهج اتخاذ "قرارات ثورية" لا ينوي أحد تنفيذها، تمامًا مثلما حدث مع قرارات التحلل من اتفاقيات أوسلو، مقابل السعي الحثيث لمواصلة النهج الحالي للسلطة الفلسطينية.