قبيل ساعات قليلة من انعقاد جلسات المجلس المركزي في مقر المقاطعة برام الله تحت حراب الاحتلال الصهيوني، بدت أوساط إعلامية تتحدث عن قرار لرئيس السلطة محمود عباس بالتنحي عن منصبه في غضون أشهر قليلة، وهناك حديث آخر عن أن القيادي في الجبهة الديمقراطية تيسير خالد اتخذ قراراً نهائياً لا رجعة فيه بالاستقالة من جميع مهامه داخل منظمة التحرير. ووفق المصادر فإن قرار خالد جاء بعد مشاورات ومناكفات حادة بينه وبين قيادة الحزب على خلفية المشاركة في جلسة المركزي وردود الفعل الباردة من قبلهم على «اهانات السلطة» لهم, المتحدث باسم كتائب المقاومة الوطنية، الذراع العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أبو خالد، قدم استقالته من كل الهيئات الحزبية والتنظيمية, وذلك بعد قرار الحركة المشاركة بشكل رسمي في جلسة المركزي, كما شهد حزب الشعب الفلسطيني أيضا صراعات داخلية حادة وانقساماً في الموقف حول المشاركة في اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني, شخصيات سياسية كحنان عشراوي وحسن خريشة واحسان عطايا وغيرهم الكثير من أعضاء المجلس المركزي, قاطعوا الجلسات لانهم لا يريدون ان يكونوا شهاد زور على قرارات المركزي المحددة سلفا, حتى حركة فتح نفسها لم تتوافق فيما بينها على مخرجات قرارات المجلس المركزي التي عرضت عليها, فحسين الشيخ ليس محل اجماع لدى فتح, وكذلك روحي فتوح, وهناك تيارات داخل حركة فتح تتباين المواقف بينها, فهناك من يعارض جلسات المجلس المركزي دون تصحيح الأوضاع وإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بما يتلائم مع المتغيرات التي تشهدها الساحة الفلسطينية, وهناك من حركة فتح من يرفض عقد جلسات المجلس المركزي تحت حراب الاحتلال وتحت وصايته وقرر مقاطعة الجلسات. واضح ان السلطة تستميت من اجل ضمان مشاركة شكلية في اجتماعات المجلس المركزي وهى تحاول حفظ ماء وجهها امام الراي العام حتى لا تتهم انها تختطف المجلس المركزي وتمرر قراراتها دون مشاركة من احد, فهناك ستة فصائل فلسطينية وازنة تقاطع جلسات المركزي, بخلاف فصائل فلسطينية مقاومة أخرى متواجدة على الساحة الفلسطينية, والحقيقة ان ما كشف عنه بالأمس المتحدث باسم كتائب المقاومة الوطنية، أبو خالد أن «قيادة الديمقراطية قررت المشاركة من أجل امتيازات خاصة وشخصية لأفراد لا يتعدون العشرة أشخاص، وقلبت موازين الطاولة ولم تعمل بالنظام الداخلي المتعارف عليه، ومشاركتها جاءت دون رغبة من الرفاق في القواعد الجماهيرية والحزبية وأن عددا كبيرا من كوادر الديمقراطية أعلنوا استقالاتهم مؤخرا، للضغط على قيادة الديمقراطية لتغيير البوصلة واللجوء للإجماع الوطني الرافض للمشاركة, يدل على حجم الضغوط والاغراءات التي تقدمها السلطة للمشاركين في اجتماعات المركزي, وانها تبحث عن لقطة لتسويقها إعلاميا, وهى تريد شاهد زور يشهد على قراراتها المتخذة.
وكما يقول أبو خالد أن مشاركة الديمقراطية في اجتماعات الوطني، ستفقدها ثقتها أمام الفصائل الأخرى، وستخسر قاعدة كبيرة من شعبيتها وأعضائها, وان مجرد المشاركة ضرب للجهود المبذولة لتحقيق المصالحة واللحمة الفلسطينية، على خلاف ما يروجون له حسب قوله, واعتقد ان هذه الخلافات التي نتحدث عنها تدل دلالة قاطعة على الانعكاس السلبي لجلسات المركزي على وحدة الموقف الفلسطيني الداخلي ويؤدي الى المزيد من الخلافات حتى داخل الحزب الواحد وهو ما يعزز حالة الرفض للمركزي.
منذ العام 2005م وافقت حركتا حماس والجهاد الإسلامي على دخول منظمة التحرير الفلسطينية، وكان ذلك استجابة لمطلب الضرورة والالحاح الوطني، واشترطت حماس والجهاد إعادة بناء وتفعيل وتطوير المنظمة يومها, والحفاظ على علاقات وطنية مع الجميع على اساس الثوابت الوطنية، لكن دعوة المركزي للانعقاد واستثناء حماس والجهاد بمثابة احكام قيادة السلطة لقبضتها على منظمة التحرير والتي تضم الجميع داخل الساحة الفلسطينية, وهى خطوة من شأنها ان تفشل منظمة التحرير وتخرجها عن دورها الطبيعي الذي أنشئت من أجله, ويمنع إعادة الاعتبار لها واصلاحها وتفعيل مؤسساتها, فالسلطة الفلسطينية التي من المفترض ان تحتويها المنظمة هي التي باتت تحتوي المنظمة, وباتت تسخرها لخدمة سياستها وتمرير قراراتها, ومن هنا نؤكد ان المنظمة اكبر من السلطة, وان حماس والجهاد الإسلامي ليسا مجرد رقمين على الساحة الفلسطينية وانهما بما يمثلان من شعبية كبيرة وقوة عسكرية مؤثرة لا يمكن تجاوزهما, والسلطة لا تستطيع انكارهما الى الابد, وعلى السلطة ان تنظر حولها وتتطلع بعين مملوءة الى المتغيرات التي تشهدها الساحة الفلسطينية, فموسكو لم تتجاهل حماس والجهاد الإسلامي, ودعتهما مرارا للحوار والتشاور, وكذلك فعلت تركيا وقطر ومصر ولبنان والجزائر, كما ان حصار الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة المستمر للعام الخامس عشر على التوالي وعقوبات السلطة الفلسطينية على القطاع ومحاولات عزل غزة عن محيطها الخارجي وتحويله الى سجن كبير, لم يكسر فصائل المقاومة ولم يدفعها للاستسلام لسياسة الاحتلال, وبات الجميع يدرك ان المقاومة الفلسطينية رقم صعب لا يمكن لاحد ان يتجاوزه, وعلى السلطة ان تنظر حولها وتتعامل بواقعية مع المتغيرات.