قد يستغرب البعض من سلوك الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية وتناغمها الكبير مع أمريكا واسرائيل، الذي للأسف أصبح وضعا طبيعيا، والسلوك الوطني طارئ لهدف معين سرعان ماينتهي.
فالتنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني وملاحقة المجاهدين وتطبيع الأنظمة العربية مع دولة الكيان الصهيوني والاعتراف الرسمي بها على حساب الحق الفلسطيني، والمشاركة في المناورة العسكرية التي على رأسها دولة الاحتلال الصهيوني، دليل واضح على السقوط الفاضح لهذه الدوائر، وبُعدها عن تحقيق النصر، وسنبقى في ظل هذه الحالة ننتقل من هزيمة إلى هزيمة، ومن فشل إلى فشل، وعلى جميع الصعد الحياتية، السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والسلوكية والثقافية والاقتصادية، ومخطئ من يعتقد أو ينتظر من هذه الدوائر غير ذلك.
والمتأمل لانتماء مناصرين التنسيق الأمني والتطبيع العربي يرى ميولهم للغرب وامريكا والكيان الصهيوني أكثر بكثير من ميولهم لتاريخ وتراث وحضارة أمتنا، بل يتنكروا لحضارة وتاريخ وتراث أمتنا ويعتبرونه تخلف ورجعية، لأن جميع هذه الدوائر تنتمي إلى مدرسة واحدة فكرًا وثقافًة وسلوكًا واخلاقًا.
في الوقت نفسه وحتى لا يتسرب اليأس والإحباط أو الشك نلفت عناية القارئ أن هذا الحال يحصل بقدر الله وتدبيره سبحانه حتى يعري هؤلاء النفر إلى الأمة ويكشف زيفهم؛ فسواد الأمة المتمثل في الشعوب لا تقبل بثقافة هؤلاء ولا سلوكهم، الشعوب العربية والإسلامية حية وحرة ومقهورة وسيأتي يوم تنتفض وتلفظ هذا الزبد.
كان هذا توضيح بسيط ومختصر عن هذه الدوائر الميؤوس منها حتى لا تنخدع الشعوب والأحرار من امتنا، ويعيشون على أمل أن يروا ما يسرهم أو يثلج صدورهم من مناصرين التنسيق الأمني والتطبيع العربي مع الاحتلال، فالمنهج الحقيقي الذي حقق العزة والكرامة والنصر والتمكين للأمة على مدار التاريخ هو الإسلام " وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ" آية ١٢٦ آل عمران، والذين يبتغون العزة من عند امريكا واسرائيل نذكرهم بقول الله ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا الآية ١٣٩سورة النساء ، فمن يبتعد عن دستور ومنهج الله مصيره الهزيمة في الحياة الدنيا والخسران في الآخرة، فالعزة والكرامة من عند الله فقط، ولم تكن يوما من عند أعداء الله ومَن والأهم،"وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى" سورة طه، الذي يُعرض عن منهج الله ستكون له حياة الذل والمهانة والضنك، ومن سلك طريق التنسيق الأمني والتطبيع نهايته الفشل والخسران والهزيمة وسوء الخاتمة.
سوء الخاتمة لا يأتي من خلال خطأ عابر يحصل من فرد أو جماعة أو دولة، بل يأتي من خلال مشوار طويل وممنهج من الانحراف، لكن يبقى فساد الدولة والجماعة أخطر بكثير من فساد الفرد، لإن فساد الدولة والجماعة ينعكس على جميع تفاصل الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والأمنية والسياسية والعسكرية، لكن فساد الافراد ينعكس على ذواتهم فقط، وها نحن نرى منذ سقوط الخلافة الإسلامية وغزو الاستعمار الغربي والاحتلال الصهيوني غير الفساد والافساد وعلى جميع الصعد الحياتية، فساد ثقافي غيروا التاريخ والجغرافيا، وغيبوا الدين منهج الله القويم واعتبروه مادة ثانوية في التعليم،،، فساد مالي لدرجة أنه لا يوجد دولة إلا وعليها مديونية مالية للبنك الدولي ومَن لديه وفرة من المال لا يملك التصرف بها إلا بإذن أمريكا والكيان الصهيوني، فساد اخلاقي وسلوكي والجميع يرى حجم الفساد الاخلاقي، فساد سياسي لا يملك أي زعيم عربي أن يُصدر قرار سياسي حر إلا بموافقة امريكا والصهاينة. فساد وفشل عسكري وها نحن نرى اسرائيل تحتل اجزاء من أكبر الدول العربية وتهاجم جميع الدول العربية دون رد.
إننا اليوم وفي ظل هذا التطرف والإرهاب والعربدة الصهيونية، وفي ظل حالة الانهيار والسقوط التي تعيشه الأنظمة والسلطة أحوج ما نكون للوحدة ورص الصفوف من جميع الاحرار والمناضلين والمجاهدين من أبناء شعبنا وأمتنا لرفض هذا الانهيار والتناغم الحاصل مع الاحتلال على حساب قضيتنا ودماء شعبنا ومجاهديا ومناضلينا وجميع الاحرار من أبناء شعبنا.
اللهم وحد صفنا وعلى الحق احمع كلمتنا والهمنا السداد والتوفيق في القول والعمل