في الوقت الذي يمحو فيه عرب التطبيع القدس ومسجدها الأقصى وحي الشيخ جراح عن الاجندة العربية, ويحذفونها من خرائطهم الى غير رجعة, ويشطبون اسم فلسطين ويضعون بدلا منهم اسم «إسرائيل» في خرائطهم ومناهجهم التعليمية, فمثلا في الأردن أثارت صورة تداولها مواطنون أردنيون لخريطة في منهاج الجغرافيا للصف العاشر الأساسي، جدلا واسعا في الشارع الأردني، كونها لم تدرج اسم فلسطين ضمن مجموعة الدول التي تحد الأردن من الجهات الأربع وعرضت الخريطة أسماء السعودية والعراق وسوريا ولبنان، ولم تذكر اسم فلسطين التي تمتد على طول الحدود الغربية مع الأردن، وقد تعمدت وزارة التربية والتعليم الأردنية ارتكاب هذا «الخطأ الجسيم» من خلال «حذف» اسم «فلسطين», وفي السعودية احتفلت كلية البترجي الطبية في جدة باليوم الوطني السعودي، لكن القائمين عليها اجتازوا كل مراحل التطبيع، عندما وضعوا في مكان الاحتفال خريطة السعودية والدول المحيطة بها، حيث لا أثر لفلسطين على الخريطة، بعد ان اختفت ووضعوا مكانها «إسرائيل»!!. وإذا تقلص حضور فلسطين والقضية الفلسطينية وتبدلت المفاهيم في المناهج والمقررات المدرسية الرسمية في التعليم العام، فيما يعرف بدول الطوق، فإنها في الدول الخليجية والدول العربية لم تأخذ حقها أيضاً باعتبارها قضية العرب الكبرى، بعد ان اعتبر الرسميون العرب فلسطين عبئا ثقيلا عليهم وآن الأوان للتخلص منه، في هذا الوقت الصعب الذي تمر به القضية الفلسطينية، تزداد أطماع ابن غفير وغلاة المستوطنين في فلسطين وقدسها واقصاها، ظانين ان هذا الواقع الصعب الذي نعيشه اليوم يمثل فرصة ذهبية للانقضاض على فلسطين واهلها.
وبينما تدور الرحى العربية وتطحن عظام فلسطين وتسعى لمحو الأثر والهوية، تسمع من صخب الانين همسة تردد بألم كلمات الامل للشاعر المصري الكبير عبد السلام أمين» ولسه بحلم بيوم، شمسه ما تعرف غيوم، وأطير كطير البراري، واعدي بحر الهموم، أتاريني مشغول في دايرة، دايرة دوار السواقي، أروي القلوب العطاشى، وابات دموعي شراقي، شيلوا الغُما عن عينية، خلوني انهض وأقوم» فمن ذا الذي تناشده فلسطين ان يرفع الغما عن عينيها سوى أولئك المقاتلين لأجلها, العاشقين لترابها, المدافعين عن مقدساتها, لقد انبرى أهلنا في القدس وحي الشيخ جراح للدفاع عن وجودهم فوق ارضهم المغتصبة, وتصدوا لابن غفير وقطعان المستوطنين الصهاينة, والقوا زجاجاتهم الحارقة على مكتب ابن غفير الذي أراد ان يقيمه في حي الشيخ جراح, واجبروه على الهرب, ولكنه عاد مدججا بالسلاح والجنود وعناصر الشرطة وغلاة المتطرفين الصهاينة ليفرض وجوده بقوة السلاح في حي الشيخ جراح, وهذا دليل على ان السارق المغتصب يستولي على حقوق الغير بقوة السلاح والمكاثرة, لكن هذا لا يضمن له البقاء, ويبقى وجودة مهددا ومؤقتا وغير مضمون, وهذه وحدها رسالة تكفي ان تصل الى عقول لصوص الأوطان وسارقي الأراضي ومغتصبي الحقوق, وهى تحمل في طياتها كل عوامل الجلاء والاندثار والاندحار لذلك المغتصب, الذي تلفظه الأرض وأصحاب الحق وثورة الغاضبين, نعم ان سكان حي الشيخ جراح ينشدون «ولسه باحلم بيوم شمسه ما تعرف غيوم.. واطير كطير البراري واعدي بحر الهموم», وهذا اليوم سيأتي رغما عن انف ابن غفير وجنوده، طالما ان هناك من يقف ليذود عن ارضه وعرضه وشرفه.
حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين حذرت الاحتلال الصهيوني من تفجر الأوضاع برمتها بسبب تكرار اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال على أهلنا في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة. وحذرت في بيان لها، من تفجر الأوضاع برمتها بسبب تكرار هذه الاعتداءات، محملةً الاحتلال كامل المسؤولية عمّا يتعرض له أهلنا في الشيخ جراح. ودعت جماهير شعبنا في كل مكان إلى إعلان الغضب والنفير العام نصرة وإسناداً لأهلنا في حي الشيخ جراح، كما دعت كل من يستطيع الوصول إلى الشيخ جراح للرباط في الحي والتصدي لإرهاب المستوطنين وجنود الاحتلال, وهذا له دلالات ثلاث, أولها ان المقاومة لا زالت عينها شاخصة نحو حي الشيخ جراح ولن تغفل عنه ابدا, ثانيا انها ملتزمة بالعهد الذي قطعته على نفسها انها على اتم الاستعداد للدفاع عن أهلنا في القدس ولن تتركهم وحدهم ابدا, ثالثا انها عندما تقول ان القدس خط احمر فهذا ليس مجرد شعار ترفعه, انما هو التزام واجب من المقاومة تجاه القدس والمقدسات وانها مستعده للدفاع عن التزامها مهما كلفها هذا من ثمن, حركة الجهاد الإسلامي وجهت دعوة لأهلنا في القدس ولكل من يستطيع الوصول لها للرباط في حي الشيخ جراح, لأنها تقرأ توجها للاحتلال نحو التصعيد في القدس خلال الأيام القادمة, وان فتح ابن غفير مكتباً برلمانياً في حي الشيخ جراح هو بمثابة دعوة لاستجلاب غلاة المتطرفين الصهاينة للقدوم الى الحي وفرض واقع جديد على سكانه الفلسطينيين بالقوة, ما يعني انه يؤسس لمعركة جديدة عنوانها السيطرة على حي الشيخ جراح, وهنا يجب شحذ الهمم والثبات والصمود والتوحد لأجل افشال مخططات حكومة الاحتلال, واسقاط المخطط من اجندة ابن غفير.