قائمة الموقع

قرارات صادمة.. "الأونروا" تنحرف وتُعيد الفلسطينيين إلى "عام الهجرة"

2022-02-15T13:54:00+02:00
الأونروا
شمس نيوز -فتحي الزق

"إذا أردت أن تهدم مجتمعًا اهدم التعليم، وإذا أردت أن تهدم التعليم اهدم المُعلم" تنطبق هذه المقولة على الأوضاع الحالية التي يعيشها المعلم الفلسطيني في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، بعد قرارات وُصفت بالصادمة والخطيرة ضد آلية التوظيف في مدارس المؤسسة الأممية.

اتخذت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين خلال الأيام الماضية، قرارين ضد آلية توظيف المعلم في مدارسها، يتمثل الأول في منع المعلم المواطن ذي الكفاءة العالية المتميزة من التوظيف، أما الثاني فهو منع المعلم اللاجئ الناجح من حقه بوظيفة، إذا كان أقرباؤه من الدرجة الأولى والثانية موظفين لديها.

وتأتي القرارات الصادمة في وقت يستعين فيه "برنامج تعليم الأونروا بغزة" بنحو 1500 معلم على بند "المياومة"؛ لسد الفراغ في مدارسها كافة، دون أي حقوق أو وعود بتوظيفهم رسميًا؛ ما يترك آثارًا سلبية على أداء المعلم والذي يفتقد الأمان الوظيفي.

استهداف مباشر

"معلمو اليومي" من المواطنين عبروا عن صدمتهم ومفاجأتهم من قرارات الأونروا، معتبرين أن القرارات تهدف لضرب المسيرة التعليمية، وتخريج جيل جاهل بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وقال المعلم محمد محمود لمراسل " شمس نيوز": "نشعر بالإحباط بعد قرار إدارة الأونروا، وهذا الاستهداف المباشر للأجيال الفلسطينية الصاعدة بمنع توظيف الكفاءات".

وأشار محمود إلى، أن المعلم اليومي تجاوز أصعب وأطول امتحان في تاريخ الوكالة، وذلك بشهادة القائمين على برنامج تعليم الأونروا، مؤكدًا أن الإحباط، وعدم الاستقرار، وفقدان الأمان الوظيفي في الأونروا؛ دفعه لتركها والاستعداد لوظيفة معلم في المدارس الحكومية.

انحرفت عن مبادئها

الكاتب والباحث السياسي الدكتور ناصر اليافاوي يرى أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" انحرفت عن المبادئ التي تأسست من أجلها، والمتمثلة بحماية اللاجئين، وتوفير حياة كريمة، تحفظ حقوقهم المدنية والإنسانية على أكمل وجه.

ويعتقد د. اليافاوي في تصريح لـ"شمس نيوز" أن الأوضاع التي يعشيها اللاجئون الفلسطينيون اليوم، تشبه تمامًا تلك الأوضاع الصعبة التي عاشها الآباء والأجداد خلال عامي (1948 و 1967) أثناء عملية تهجيرهم قسرًا من أراضيهم بفعل الإرهاب والإجرام الإسرائيلي.

ويؤكد الكاتب السياسي، أن القرار داخل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين مختطف لدى بعض الشخصيات التي تتقاطع سياستها مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي؛ مقابل حفنة من الأموال وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني.

واستدل د. اليافاوي بالعديد من القرارات التي تهدف لإذلال الشعب الفلسطيني وسرقة حقوقه، بدءاً من الكابونة التموينية التي قطعتها إدارة الوكالة عن بعض اللاجئين في الوطن والشتات، إضافة إلى إغلاق العديد من مراكز التغذية، وحرمان طلبة المدارس من القرطاسية بشكلها الكامل، وتزوير المنهاج الفلسطيني، وتغيير بعض الكلمات الوطنية لإرضاء الاحتلال الإسرائيلي.

حرب ضد المعلم

وتُعد محاربة المعلم واحدة من أشكال مضاعفة معاناة اللاجئين وفقًا للدكتور اليافاوي الذي قال: "إن آلية التوظيف في مدارس الأونروا تعتمد على تجاوز امتحان التوظيف، وهذا أمرٌ طبيعي يدل على الشفافية والنزاهة؛ ولكن تتعمد إدارة وكالة الأونروا وضع امتحانات تعجيزية؛ بهدف تحقيق هدفين خطيرين.

والهدف الأول وفق الكاتب اليافاوي هو تقليل أكبر قدر ممكن من الموظفين، وخاصة في قطاع التعليم، عبر امتحانات تعجيزية غير منسجمة مع تخصص المتقدمين لامتحان التوظيف، أما الهدف الثاني وهو الانتقائية في اختيار الموظفين.

وقال: "إدارة الوكالة تبتعد في اختيار الموظفين عن الكفاءات والخبرات، عبر المقابلة الوجاهية التي تعتمد على انتقاء أشخاص لا علاقة لهم مطلقًا بالجانب الوطني المناهض للاحتلال".

وأضاف: "كل موظف ناجح يتعرض لحرب شرسة من قبل إدارة الوكالة، ويمنع منعًا باتًا من التعبير عن موقفه أو رأيه، وفي حال نشر الموظف تغريدة على حساباته في منصات التواصل الاجتماعي تخالف سياسة الفئة الخاطفة لقرار الأونروا؛ فإنه لا يبقى داخل المؤسسة مطلقًا، ويتم فصله نهائيًا دون رجعة".

وأشار د. اليافاوي إلى، أن الواسطة والامتحانات التعجيزية للمعلمين، واختيار المعلم الأقل كفاءة وخبرة؛ يؤثر مباشرة على سير العملية التعليمية داخل مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

ويرى الكاتب السياسي أن محاربة المعلم ذي الكفاءة العالية، ووضع معلمين أقل كفاءة بسبب الواسطة والمحسوبية، هو جزء أساسي من مخطط تغييب الكفاءات وتفريغ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين من محتواها وأهدافها ومبادئها.

وأكد د. اليافاوي إلى أن قضية تغييب الكفاءات في مدارس وكالة الغوث تحتاج إلى صرخة مدوية من المعلمين، خاصة في ظل العجز المفرط في عدد المعلمين داخل مدارس الأونروا، وتكدس الطلبة في الصفوف، مبينًا أن بعض الصفوف يصل عدد الطلبة فيها إلى 50 طالبًا.

نظام العقود

ومن مظاهر محاربة اللاجئ الفلسطيني وفقًا للدكتور اليافاوي، نظام العمل ضمن برنامج العقود؛ إذ يقول إن "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أعلنت عن مشروع للإشراف على الحالات التي تعاني من صدمات سيكولوجية –على سبيل المثال- ووقعت على عقود عمل مع بعض الأخصائيين النفسيين ؛ لكن يتفاجأ صاحب العقد بإنهاء العقد؛ بحجة انتهاء المشروع، وهذا الأمر دمر مجموعة كبيرة من الأسر الفلسطينية.

ويُضيف "إنهاء عقود موظفي حراس المؤسسات التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في المخيمات؛ تسبب بوقوع عمليات سطو وسرقة المعونات وممتلكات الأونروا؛بسبب غياب الحراس الناتج عن سحب وإنهاء عقودهم دون وجه حق".

وأكد د. اليافاوي أن صمت الفصائل السياسية هو السبب الرئيسي لتغول إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا ضد اللاجئين، مشيرًا إلى أن عدم مراجعة ومحاسبة إدارة الوكالة سيؤدي قطعًا لمزيد من المعاناة للاجئين.

تحذير بالتصعيد

وفي ذات السياق، طالبت اللجنة المشتركة للاجئين، مدير شؤون "الأونروا" في قطاع غزة، بتنفيذ مجموعة القرارات الصادرة عن المفوض العام للوكالة الأممية، ووقف المماطلة والتسويف؛ لأن عدم تنفيذ هذه الحقوق سيفتح الباب واسعاً أمام عودة الأنشطة والفعاليات الميدانية الاحتجاجية ضد سياسة الوكالة.

وأكدت اللجنة أن مدير "الأونروا" في غزة لم يلتزم بقرار المفوض العام بخصوص البدء بتثبيت معلمي المياومة من بداية العام 2022 وفقاً للاتفاق المبرم بين اتحاد الموظفين والإدارة، بما لا يتجاوز 7.5%، هذا إضافة إلى القرار الجديد بمنع أبناء الموظفين والأقارب من الدرجة الأولى للموظفين من التقدم للحصول على وظيفة داخل "الأونروا"؛ مما يخلق مشكلة حقيقية داخل الأسرة الواحدة؛ ويضر بالنسيج الاجتماعي، وبالتالي يصبح معيار التقدم للوظيفة هو درجة القرابة بدلا من درجة الكفاءة.

وأضافت اللجنة أن إصرار مدير شؤون "الأونروا" في قطاع غزة على منح إجازة "كورونا" للمعلمين في المدارس دون تعيين بديل أو الاستعانة بمعلمي المياومة؛ مما يؤدي إلى غياب المعلمين عن العملية التعليمية لمدة أسبوع على الأقل، وهذا يخلق حالة فوضي وإرباك للبرنامج التعليمي، وإلحاق الضرر بجودة التعليم؛ بسبب عدم تعيين أي موظف مياومة جديد؛ بما يحمل ذلك من انعكاسات سلبية على المسيرة التعليمية.

اخبار ذات صلة