شمس نيوز /عبدالله مغاري
ما عادت الأحلام تنفع, ولا عادت الحسابات المستقبلية تبنى على أساس راتب أصبح في مهب رياح الأوضاع الاقتصادية ,التي تعجز الكلمات عن إجمال صعوبتها في قطاع تعايش مع كل شيء, حتى مع الموت والموت البطيء.
هي حالة الموت البطيء التي يعيشها سكان قطاع غزة , وأي موت ذلك الذي يكون أصعب من الموت بسكين قطع الأرزاق، بعد أن أصبحت شركات ومؤسسات القطاع الخاص تمر بأزمات مالية صعبة، جعلت من الاستغناء عن بعض الموظفين ,أحد الحلول الرئيسية للوقاية من الإفلاس.
القلق يلاحقني
المواطن(هشام.ع ) الذي كان يعمل موظفا في أحد البنوك العاملة بقطاع غزة, لم تغب أنظاره يوما عن البحث على فرصة عمل تخرجه من دوامة التفكير في مستقبل وظيفي بات مجهول المعالم, بعد أن قام البنك بطرد زملاء له بسبب ضائقة مالية يمر بها.
يقول (هشام) لمراسل "شمس نيوز": بدأت أشعر بالقلق بعد أن قامت إدارة البنك بفصل بعض الزملاء, ومن ذلك الوقت قمت بتقديم طلبات وظائف في أكثر من جهة حكومية وغير حكومية حتى لا يأتي دوري بالفصل".
ويضيف: تم قبولي في إحدى الدوائر التابعة لوكالة الغوث وبالرغم من أن هذه الوظيفة تحتاج إلى جهد أكبر وأجرتها أقل قدمت استقالتي من البنك ووقعت عقد عمل في الوكالة".
لم ينم (هشام) ليله الطويل دون التفكير بمستقبله الوظيفي بعد, ليفاجئ بقرار وكالة الغوث بتحويل دائرة التمويل الصغير التي يعمل بها ,إلى مؤسسة إقراض خاصة مفصولة عن الوكالة ماليا وإداريا ما يعيده إلى دوامة الشعور بفقدان الأمن الوظيفي من جديد.
يقول: تفاجأت بعد أشهر من استلامي العمل أن الوكالة تود فصل الدائرة التي أعمل بها لعدم سداد المواطنين القروض التي حصلوا عليها من الوكالة وعدم مقدرة الوكالة على تحصيل الديون".
ويؤكد (هـشام) سعيه للانتقال من دائرة التمويل الصغير, إلى دائرة أخرى تابعة للوكالة قبل تطبيق قرار تحويل الدائرة إلى مؤسسة خاصة لينجو بنفسه من تهديد العودة إلى دوامة الشعور بفقدان الأمن الوظيفي" بحسب قوله.
معدوم الاستقرار
"أعمل يوما وأجلس في البيت عشرة أيام, لست قادرا على تكوين نفسي للزواج, الوضع صعب وأنا بدأت أفقد الأمل" بهذه الكلمات وصف الشاب صهيب عبد الهادي "28 عاما" والذي يعمل في أحد مصانع غزة سوء حياته المهنية وعدم استقرارها, مشيرا إلى أن هذا الأمر أثر على حالته النفسية التي يمر بها منذ أن ازدادت الأوضاع صعوبة في غزة.
وأكد "عبدالهادي" في حديثه لمراسل"شمس نيوز" على سعيه للحصول على فرصة عمل مستقرة, تساعده في بناء مستقبل أفضل ليقول: الشغل في المصنع ضعيف جدا وقد يستغنوا عني خلال الأيام القادمة".
وأضاف: لم أدع مكانا إلا وسألت فيه عن عمل, أتمنى أن أجد وظيفة آمنة , لأنام وأنا مرتاح البال دون تفكير في كيفية قضاء التزاماتي المالية".
ويتمنى الشاب "عبدالهادي"أن يفك الحصار الإسرائيلي وأن تفتح المعابر وتدخل كافة المواد الخام وينتهي الانقسام الفلسطيني ليعود إلى مصدر رزقه بشكل منتظم ودون أي تهديدات.
التطوع من جديد
تعبر الأخصائية الاجتماعية "شيرين الدن"التي تعمل في إحدى الجمعيات الخيرية في غزة ،عن استياءها من عودتها للعمل تحت بند التطوع بفعل العجز المالي الذي تمر به جمعيتها بعد تأخر المنح المقدمة من الجهات المانحة.
تقول الدن لـ"شمس نيوز": تعتمد الجمعيات الخيرية على المشاريع والمنح المقدمة من الدول المانحة، وأنا أعمل في هذه المشاريع وعملي مرتبط بالمنح، وفي هذا الوقت هناك صعوبة في جلب المشاريع, ولا يوجد في رصيد الجمعية سيولة ليتم صرف رواتب".
وتكمل حديثها: أصبحنا نعمل تحت بند التطوع ونتقاضى مكافئات مالية فقط دون راتب منتظم, وأصبحنا ننتظر موافقة المانحين على أي مشروع لنعمل فيه".
وتؤكد "الدن" على أن إعادة المنح والمشاريع سينقذهم من تهديد ترك العمل والجلوس في البيت، داعية المسئولين إلى العمل على حل المشاكل السياسية التي تعتبرها أحد الأسباب الرئيسية التي تعيق وصول المنح والمشاريع وتوقعهم في وحل فقدان الأمن الوظيفي.
لا يمكن تحقيق أمن وظيفي
من جانبه قال أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر د."معين رجب"، إن حالة الكساد وعدم الاستقرار السائدة في أسواق غزة نتيجة الحصار وعدم انتظام الرواتب، دفع الكثير من شركات ومؤسسات القطاع الخاص إلى الاستغناء عن بعض موظفيها, مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى فقدان الموظفين للأمن الوظيفي .
وقال رجب في حديثه لـ"شمس نيوز": الأسواق تمر في ضائقة حقيقية، والكساد هو سيد الموقف والأعمال في حالة شلل ,الأحوال صعبة والحصار يزداد وهذا ما دفع الشركات الخاصة إلى الاستغناء عن بعض الموظفين".
وأضاف : أرباب العمل الأفق لديهم ضيق، ليس هناك نشاطا منتظما لهم, بجانب حالة البلد والركوض السائد, و أرباب الأعمال يحتاجون إلى سوق منتظم ومستقر، سوق عليه إقبال حتى تتم معاملات البيع والشراء".
ونوه "رجب" إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لم تؤثر على موظفي الشركات والمؤسسات الصغيرة فقط, بل أثرت على الشركات الضخمة أيضا, عازيا ذلك لاعتماد الشركات والمؤسسات الربحية الضخمة على عملائها بشكل أساسي الذين يعانون من حالة اقتصادية صعبة.
وأردف بالقول: الكثير من المؤسسات أصبحت تستغني عن العاملين حتى في الجامعات, لأن الجزء الأكبر من الطلاب غير قادر على سداد الرسوم, الجامعات أصبحت غير قادرة على سداد رواتب الموظفين و استغنت وأوقفت عقود الكثير من الموظفين وكذلك حال بعض البنوك".
وأوضح "رجب " أن الأمن الوظيفي هو مهمة وزارة العمل التي تتابع مؤسسات وشركات القطاع الخاص ,مشيرا إلى أن شركات ومؤسسات القطاع الخاص غير قادرة على تحقيق الأمن الوظيفي في هذا الوقت، ومستبعدا أن تكون هناك حلول على المدى القريب بسبب تزايد الوضع الاقتصادي صعوبة.