قائمة الموقع

أوكرانيا ضحية قواعد اللعبة الأمريكية والدولية

2022-02-27T15:30:00+02:00
خالد صادق.jfif
بقلم/ خالد صادق

منذ اللحظة الاولي من الازمة الاوكرانية الروسية أعربت أوكرانيا عن غضبها من الموقف الأمريكي والدولي في أزمتها مع روسيا، وقالت انه موقف لا يتناسب مع خطورة الحدث، وقد هاجم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الأمم المتحدة، معتبرا أنها عاجزة حتى عن حماية نفسها، فيما طالب الناتو بتقديم رد صريح حول آفاق انضمام أوكرانيا إلى الحلف. وقال زيلينسكي، «إن هيكل الأمن العالمي هش ويحتاج إلى التحديث... إنه مدمر تقريبا، هذه الحقيقة التي توصل لها الرئيس الاوكراني سريعا، لم تستطع ان تتوصل اليها السلطة الفلسطينية بعد نحو ثلاثين عاما من مسار التسوية مع الاحتلال الصهيوني، والذي وفر فيه المجتمع الدولي غطاءا «لإسرائيل» لتنفيذ مخططاتها الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، ووصولها الى هذه الحالة من التردي والضعف والتراجع, في ظل تمسك السلطة بمسار التسوية كخيار وحيد لا بديل عنه, والرهان على الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية، ظنا منها ان أمريكا والمجتمع الدولي اطراف محايدة في الصراع بيننا وبين الاحتلال الصهيوني, لكن الضعفاء والمستسلمين ليس لهم مكان في هذا العالم الذي يحتكم لقانون «البقاء للأقوى», أوكرانيا وبعد ان ايقنت استحالة خوض أمريكا والمجتمع الدولي أي معركة عسكرية ضد روسيا لجأت لطلب الحوار مع الروس وحل الاشكاليات, واليوم تواجه أوكرانيا الجيش الروسي وحدها, حتى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا والمجتمع الدولي لم تكن مقنعة للأوكرانيين, وانتقدوها بشدة, واعتبروا ان حلف الناتو والإدارة الامريكية والمجتمع الدولي خذلوهم تماما, فهلا تدرك السلطة ان رهاناتها خاسرة!.

كثيرا ما يتساءل الفلسطينيون عن انعكاس هذه الحرب على قضيتنا الفلسطينية ويتساءلون «احنا مع مين», وفي قراءة سريعة للموقف الإسرائيلي, نجد ان روسيا غضبت من موقف «إسرائيل» المساند لأوكرانيا وقال ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني يائير لابيد: «الهجوم الروسي على أوكرانيا انتهاك خطير للنظام الدولي، وإسرائيل تدين الهجوم، وهي مستعدة لتقديم المساعدة الإنسانية لمواطني أوكرانيا», وهذا التصريح خلق ازمة بين روسيا و»إسرائيل» ووضع اللوبي الصهيوني في روسيا وهو لوبي قوي ومتنفذ في حرج شديد, و»إسرائيل» تدرك تماما ان موقفها هذا له ثمن, ولكنها مضطرة الى هذا الموقف المنحاز لأوكرانيا حتى لا تخسر حليفها الاستراتيجي الأمريكي, لذلك قالها لابيد بصراحة «اننا في اسرائيل سنقف الى جانب حليفنا التقليدي» ويقصد أمريكا, فماذا خسرت «إسرائيل» في اعقاب هذا التصريح, صحيفة “هآرتس” العبريّة كشفت عن مضمون رسالة “غير مُباشرة” وجّهتها السّلطات الروسيّة «لإسرائيل» أكّدت فيها عدم اعتِرافها بسِيادتها على هضبة الجولان”، حيث هاجم ديمتري بوليانسكي نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة “إسرائيل” وادان احتِلالها لهضبة الجولان، وان روسيا لا تعترف بالسّيادة الإسرائيليّة عليها، وقال “نحن قلقون من خطط تل أبيب المُعلنة لتوسيع النّطاق الاستِيطاني في الهضبة المُحتلّة، الأمر الذي يتعارض مع أحكام اتفاقيّة جنيف لعام 1949، ولا تعترف روسيا بسِيادة «إسرائيل» على مُرتفعات الجولان التي هي جُزءٌ من سورية” ويبدو ان الرد الروسي على انحياز «إسرائيل» لأمريكا, سيؤدي الى تفاقم الازمة بينهما وتوالي التصريحات الروسية المنتقدة لسياسة «إسرائيل».

من هنا يجب ان نعود الى الوراء قليلا عندما استدعت وزارة الخارجية الروسية فصائل فلسطينية للحوار معها في موسكو, بما فيها حماس والجهاد الإسلامي, ويبدو ان روسيا كانت تدرك ان علاقتها مع «إسرائيل» ذاهبة نحو التوتر اذا ما اندلعت الحرب الأوكرانية الروسية, لذلك نسجت علاقات جيدة مع الفصائل الفلسطينية كما حسنت علاقتها بدول المنطقة في الشرق الأوسط, وابرمت اتفاقيات سياسية واقتصادية وعسكرية معها, وهى كانت تمهد لهذه المرحلة التي دخلت فيها روسيا في مواجهة مباشرة مع حلف الناتو, كما انها عززت من وجودها في سوريا وطورت من قدرات سوريا العسكرية في مُناورات جويّة وأرضيّة سوريّة روسيّة مُشتركة فوق هضبة الجولان شاركت فيها طائرات “سو 35” الروسيّة المُتطوّرة، ونشرت روسيا قوّات تابعة لها في ميناء اللاذقية لإنذار «إسرائيل» من الإقدام على أيّ قصفٍ له، لأنّ هذا القصف سيُعرّض أرواح الجُنود الروس للخطر, والمواقف الروسية تجاه «إسرائيل» ستتلاحق وفق السياسة الإسرائيلية المنحازة للإدارة الامريكية, فكل خطوة تقارب بين «إسرائيل» وامريكا, ستقابل بتصعيد روسي على الجبهة السورية, مندوب ‎روسيا لدى مجلس الأمن قال ان بلاده لا تعترف بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل” لأنها مدينة فلسطينية، وعليها استخدام كلمة “تل أبيب” كعاصمة لها, ويقدر محللون وخبراء ان روسيا قد تقدم على رفع الحظر عن استِخدام الجيش السوري لصواريخ “إس300” للتصدّي للطّائرات الإسرائيليّة وصواريخها التي تستهدف أهدافًا في العُمُق السوري، وهُناك مُؤشّرات تُؤكّد أن هذه الخطوة قد تكون وشيكة، في المقابل القيادة السوريّة اعترفت باستِقلال دونتسك ولوغانسك، وأكدت دعمها للتدخّل العسكري الروسي لهذا الاستِقلال، وقد حظيت هذه الخطوة بتَرحيبٍ روسي كبير.

العالم كله تحكمه مصالحه في صراعاته المتنوعة، ومن بعده يبحث عن مصالح الاخرين، وامريكا قدمت نموذجاً في التخلي عن الحلفاء والمقربين، عندما غررت بأوكرانيا وسرعان ما تخلت عنها، فلربما هذا يكون برهانا للسلطة الفلسطينية والدول العربية اللاهثة نحو «إسرائيل» والإدارة الامريكية، بانه لا رهان عليهما مطلقا.

اخبار ذات صلة