على عتبات باب المنزل في مخيم العروب بمدينة الخليل، يجلس عمار وابن عمه أحمد، يتبادلان أطراف الحديث ويتمازحان قبل أن تختطف رصاصة "إسرائيلية" قاتلة روح عمار المرحة التي تنثر الحب والسعادة بين أهله وأصدقائه.
كانت عقارب الساعة تدور حول الواحدة ظهرًا، حينما قال عمار أبو عفيفة لابن عمه أحمد "اتزوج يا رجل بدي ألبس بدلة عريس" هذه كانت أخر كلمات الشهيد عمار والتي ستبقى محفورة في ذاكرة أحمد وإلى الأبد.
تبادل عمار (19 عامًا) وابن عمه أحمد الذي يكبره عمرًا، أطراف الحديث حول الأوضاع بشكل عام، حيث تدرج الصديقين في الحديث حتى وصلا للحديث عن زواج أحمد حينها قال عمار: "اتزوج عشان حابب ألبس بدلة عريس"، لتنطلق الضحكات بينهما بشكل جميل.
بنظراته المليئة بالمحبة وعيناه اللاتي تتراقصان، وبنبرة تحمل همًا كبيرًا قال أحمد: "عندما يفرج عن أخي من سجون الاحتلال سأتزوج إن شاء الله وستلبس يا عمار بدلة العريس لتعم الفرحة منزلنا".
ترك عمار ابن عمه أحمد على باب المنزل، وذهب برفقة أحد أصدقائه إلى منطقة جبلية داخل مخيم العروب حيث الأحراش الزراعية والهواء الطلق – تعتبر تلك المنطقة عند أهل مخيم العروب المتنفس الوحيد لهم-.
ما أن وصل عمار وصديقه لتلك المنطقة البعيدة عن أول نقطة تماس مع جنود الاحتلال بنحو كيلو متر أو يزيد، حتى سمع الصديقين صوت إطلاق نار، فتناثرت الدماء على الأرض لتعلن إصابة عمار بطلق ناري بشكل مباشر في الرأس.
وقعت تلك الحادثة دون أي مبررات، لا يوجد مواجهات، لم يقترب عمار وصديقه من المستوطنة المقامة على أراضي المواطنين، لم يطلق جنود الاحتلال أي رصاصة في الهواء كتحذير أولي، لم يُلقِ عمار أي حجر أو زجاجة مالتوف تجاه جنود الاحتلال، وفقًا لابن عمه أحمد الذي كان غاضبًا جدًا من الحادثة المفاجئة والصادمة، وذلك في حديث هاتفي مع مراسل شمس نيوز.
ووصف أحمد عملية اطلاق النار صوب ابن عمه عمار بعملية اعدام بدم بارد، دون أي وجود لمبررات لافتًا، إلى أن عائلته قامت بتشريح الجثمان للحصول على تقرير طبي استعدادًا لتقديمه في المحاكم الدولية لمحاسبة المحتل الإسرائيلي.
وسلمت قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمان الشهيد عمار أبو عفيفة إلى ذويه الساعة الثالثة فجر اليوم الأربعاء 2 مارس 2022، قبل أن تحوله العائلة لمستشفى أبو ديس لتشريح الجثمان والحصول على تقرير طبي توضح الحالة كاملة.
سعى عمار لتحقيق هدفه النبيل في الحياة الدنيا، دفاعًا عن أبناء شعبه ووطنه بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عبر تخصصه بدراسة أنظمة المعلومات المحاسبية، وكان يأمل استكمال دراسته في الماجستير والدكتوراه قبل أن تختطفه رصاصات قناص "إسرائيلي" حاقد.