غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

في ذكرى أسد الأغوار

عز الدين: ذكرى أيمن دراغمة تجديد للعهد مع الشهداء

الشهيد أيمن دراغمة
شمس نيوز -إعلام الضفة

تمر علينا الذكرى العشرون لاستشهاد القائد المجاهد أيمن دراغمة ورفيق دربه الشهيد فؤاد بشارات، اللذين قدما نماذج مشرَّفة ومحطات مضيئة في طريق الجهاد والمقاومة، وكان لهم بصمة واضحة في مواجهة الاحتلال.

وقال الأستاذ طارق عز الدين المتحدث الرسمي باسم حركة الجهاد الإسلامي عن الضفة الغربية، إن دماء الشهيد القائد أيمن دراغمة والشهيد المجاهد فؤاد بشارات، تجدد فينا روح الجهاد والمقاومة، وتحيي فينا قيمة المواجهة والمضي قدماً على طريق القدس.

وأكد عز الدين، إننا في ظلال هذه الذكرى المباركة، نجدد تمسكنا بنهج المقاومة، الذي رسمه هؤلاء الشهداء بعطائهم وتضحياتهم، واستشهدوا من أجل استمراره وإبقاء جذوته حتى النصر المبين وتحرير كامل أرضنا المحتلة. 

واستذكر الذكرى العشرين، لاستشهاد القائد الفذ أيمن دراغمة، الحافظ لكتاب الله، والمنتمي لعائلة مجاهدة، قدمت الشقيقين عبد القادر ومعمر دراغمة، مشيداً بمسيرته الجهادية الحافلة بالعطاء والتضحية، حيث تعرض للعديد من فترات الاعتقال، وخطط لعمليات بطولية أوجعت العدو.

وترحم عز الدين على الشهيدين المجاهدين أيمن دراغمة وفؤاد بشارات، واللذين قضيا شهداء إثر.

 إن ذكرى الشهداء تستوجب منا الوقوف أمام هذه الدماء الطاهرة، ومعاهدة الله وأبناء شعبنا وشهدائنا وأسرانا، بأننا سنبقى الأوفياء لدماء الشهداء وتضحيات الأسرى ومسيرة شعبنا المستمرة نحو الحرية والتحرير.

ذكرى الشهيد أيمن دراعمة تتوهج رغم سنوات الغياب

قال سامي دراغمة "أبو أيمن"، شقيق الشهيد: إن أيمن منذ صغره كانت لديه روح الرفض والمواجهة للاحتلال، حيث كان يتعرض للمستوطنات الصهيونية في الأغوار.

وأضاف دراغمة في مقابلة خاصة، أن أيمن لم يعش طفولة عادية، حيث تعرض للكثير من محطات الاعتقال منذ طفولته وحتى قبل استشهاده، إلى جانب أخويه الشهيدين عبد القادر ومعمر، وأمضى ما مجموعه 10 سنوات في سجون الاحتلال.

وأردف، أن الشهيد أيمن تأثر بأفكار حركة الجهاد الإسلامي داخل سجن جنيد، وتعرف على أصدقائه من قيادات الحركة أمثال خالد ومحمد جرادات وشريف طحاينة.

وأوضح، أن الشهيد كان له تأثير كبير على كل من عرفه، خاصة الشهيد محمود طوالبة في فترة اعتقالهم على يد أجهزة السلطة، مشيراً إلى دوره البارز في إحياء مكانة الجهاد في مناطق طوباس والأغوار.

وبيَّن، أن شباب طوباس إلى اليوم يعتبرون أيمن أميناً ومعلماً وملهماً لهم، ويستذكرونه رغم مرور عشرين سنة على استشهاده.

واستذكر، أن القائد "أبو حذيفة" قرر الانتقام للجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين، لافتاً إلى أنه استشهد برفقة الشهيد فؤاد بشارات في محاولة زرع عبوة ناسفة قرب إحدى المستوطنات.

وترحم "أبو أيمن"، على الشهيد وعلى كل شهداء فلسطين، داعياً للعمل على أن تكون ثمرة جهاده حاضرة في الأجيال القادمة، وأن يبقى نهجه متوهجاً حتى النصر والتحرير.

القائد أيمن دراغمة في ذكراه.. زئيره يدوي في الأغوار

في الفاتحِ من مارسْ عام ألفين واثنين، كان قلبُ الفارسْ يَخطو سَريعاً نَحوَ أَشْرِعَةِ الشمسْ، وَجَسَدُهُ الطاهرْ يَفِيضُ شَوقاً للقاء. كانوا يَبْحَثونَ عنهُ أياماً وليالي.. كانَ تَحتَ الشمسْ مُخَضَّبَاً بدمه، إلى جِانبِ شَجَرَةِ زَيتون، يَحتضنُ شَقِيقَهُ الشهيد عبد القادر، وَيَسْتَعدُ لاستقبال شقيقه مُعمَّر الذي سَيَلْحَقُ به بعد أشهرٍ قليلة.

كانتْ طُوباس تَسْتَقْبِلُ دِرْغَامَهَا في العشرينَ من نِيسان عَامَ ألفٍ وتُسْعُمَائَةٍ وخَمْسَةٍ وسَبْعِين، في بيتٍ مُشَيَّدٍ بالرجالِ المؤمنين. دَرسَ المرحلةَ الابتدائيةَ، وقبل أنْ يَجْتَازَهَا، كان يَجْتَازُ الحواجزَ والحدودْ مع صديقِ طُفُولتهِ الشهيد أشرف الحمزة، لمواجهة قواتِ الاحتلال. فقد كانَ استشهادُ شَقِيقًهِ عبد القادر في انتفاضةِ الحجارةِ، قد تَركَ أثراً بالغاً في نفسه.

كانَ السجنُ مَوْعِدَهُ للمرةِ الأولى عامَ ألفٍ وتُسْعُمَائَةٍ وثَمَانِيَةٍ وثمانين، بِرفقةِ شقيقهِ مُعَمَّر، وصديقهِ أشرف الحمزة. فكانَ السجنُ مدرسةً، تُعَوَّضَهُ عمَّا فات من أيامِ دراسته، فَأخَذَ يُعلَّمُ نَفْسَهُ، فحفظ القراَن الكريم كاملاً، واَلاف الأحاديث النبوية، وقرأ الكتب والمجلدات والتفاسير، حتى صار مُعلَّمَاً فذَّاً يشار له بالبنان.

لم تَتْرُكُهُ السجونُ، ولمْ يتراجعْ عن دَرْبِهِ، وحينَ يَخْرُجْ كانتْ شوارعُ طوباس والأغوار، ترى فِعْلَهُ المشهود، بِضَرْبِ الحجارةِ والقنابل، والجبالُ تَحْتَضِنَهُ وتُخَبّئَهُ من عيونِ الليل، يُلَمْلِمُ الرصاصَ ويرصدُ الجنودَ، ويَسْتَعِدُ للمواجهة.

دَاهَمَتْ قواتُ الاحتلال مَنْزِلَهُ، واعتَقَلتْهُ بتهمةِ التخطيطِ لاغتيالِ الوزير ديفيد ليفي في منطقةِ الأغوار، وحُكِمَ عليهِ بِالسجنِ أربعَ سَنَوَات، وخَرجَ بَعْدَ سَنَتَيْن، عَقْبَ اتفاقية أوسلو.

في السجنِ، تعرَّفَ على الشهيد القائد نُعمان طحاينة والقيادي محمد فارس جرادات، ومضى على الدربِ المستحيلِ، جَوادَاً بَرّيَاً لمْ يُسْرَجْ بغيرِ الريح، مؤمناً بأن "زوال إسرائيل حتمية قراَنية".

لم تَمْحُ صَلابةَ أيمن، رُوحُ المرحِ في شخصيته، فقد كانَ يهوى المِزاحَ في محضرِ إخوانهِ الذين وجدوا فيه أخاً حبيباً، يُضفِي على المكانِ روحهَ الوثَّابة.

تَرَّقَبَّ كثيراً الوصولَ إلى المسجدِ الأقصى والصلاةِ فيه، لكنهُ اعتقلَ أثناءَ ذهابِه، بتهمةِ تزويرِ الهويةِ، حيث كان قوات الاحتلال تضع صورته على قائمة أخطر المطلوبين.

كما أُعتقلَ عَقْبَ زَواجهِ، وبَقِيَ رَهنَ التحقيقِ تُسعونَ يوماً، وأمضى ثَلاثةَ عَشْرَ فترةَ حُكْمٍ مُتَتَاليةٍ، كأطولِ فترةِ اعتقالٍ إداري، تَرَاكَمَتْ لسَبْعِ سنواتٍ ونصفٍ في سجن مجدو، وكان له دورُ الصَدَارةِ في هبَّاتِ الأسرى ضد الاعتقال الاداري، وفي واحدةٍ منها سَقَطَ الجميعُ أرضاً من شدةِ الغاز والقنابلِ الصوتية، ولكنَّهُ ظلَّ يُهاجمُ الأبراجَ بالحجارة، رغم مناشداتِ الأخوةِ له بالتوقفِ من هَولِ الموقف.

مع انطلاقةِ انتفاضةِ الأقصى، خَططَّ "أبو حذيفة"، للعديد من العملياتِ البطوليةِ، كانَ أبرَزُهَا عمليةُ غور الأردن التي وأوقعتْ في جنود الاحتلال القتلى والجرحى.

وكان لهُ دورُ الإشرافِ والتوصيلِ المباشرِ للاستشهادي المجاهد أحمد عبد المنعم دراغمة، في السابعِ من أكتوبر لعام ألفين وواحد، حيث فَجَّر شهيدنا أحمد نَفْسَهُ في ضابطِ أمنِ مستوطنةٍ صهيونيةٍ قربَ مدينةِ "بيسان" شمال فلسطين المحتلة، ما أدى إلى استشهاده ومقتلِ ضابطِ الأمن، وإصابةِ آخرين بجروح.

تعرَّف على الشهيدِ القائدِ عصام براهمة في سجن جنين، وتأثر بهِ، وعندما تعرَّض "أبو حذيفة"، للمطاردةِ، كان قد عَلِمَ أنَّ الشهيدَ عصام كان يَتَنَقَّلُ مشياً على الأقدام من رام الله حتى الخليل، فكان يتأسى بهِ في التنقلِ مشياً بين جنين وطوباس.

وعندما قرَّرّ الشهيدُ القائد نعمان طحاينة، نقلَ عملِ الشهيد المهندس خالد زكارنة من نابلس إلى جنين، أوكلَ المهمةَ بكاملها للشهيد أيمن دراغمة، والذي أتمَّها خلال فترة قياسيةِ لا تتجاوز بضعَ ساعاتٍ في ظروفِ الحصار ِعلى جنين في ذلك الوقت.

كان بمثابةِ الموجّهِ والمرشدِ للشهيد القائد محمود طوالبة، وقد جَمَعَهُم الاعتقالُ في جهاز الأمن الوقائي عام ألفين واثنين، فقد رَوَى الشهيدُ محمود طوالبة لبعضِ إخوانه أنه قد وُلِدَ من جديد بما تَعَلّمَهُ واستفادهُ من تجربةِ القائد "أبو حذيفة"، قائلاً قبل ملحمة جنين: "إنه أخذ رَوحاً جديدةً من دروسِ أيمن، ولن يَضيَّع دقيقةً في الفراغ".

في الثالثِ من مارس ألفين واثنين، كانت نهايةُ الرحلة، فقد استشهد القائدُ أيمن دراغمة ورفيق دربه المجاهد فؤاد بشارات، أثناءَ قيامِهِما بزرعِ عبوةٍ ناسفةٍ على تخوم إحدى المستوطنات الصهيونية قرب منطقة المْطِلَة.

في طوباسِ، والأغوارِ، وجنين، في كل الأمكنةِ التي مرَّتْ بها خطواتُ أيمن على امتداد الأرضِ المقاتلة، كان زئيرهُ من الحدود إلى الحدود، حتى صار بعد الاغتيال أشدُّ حضورًا، كأن الروحَ التي فاضتْ قد انتشرتْ في البلاد، وكَبُرَتْ حتى صارتْ جيشًا من الشهداء.