غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خضر عدنان: الشارع الفلسطيني يستعيد عافيته

الشيخ خضر عدنان.jpg
شمس نيوز - الاخبار اللبنانية

عند الحديث عن معارك الإضراب الفردي عن الطعام، لا يمكن تجاوز الرمزية التي يتمتّع بها الشيخ خضر عدنان، ابن بلدة عرابة - قضاء جنين -، والذي كان أول من سنّ هذا النهج، كوسيلة من وسائل الضغط على مصلحة إدارة السجون الإسرائيلية لتحقيق مطالب الأسرى. نجح الشيخ الشاب - المولود في 24 آذار 1978- ، عبر الإضرابات، في مقارعة الاحتلال مرّات عدّة، لكن الذي لم يكن يعرفه كثيرون، أنّ التجربة الأولى له في هذا المضمار كانت عام 2000، يوم زجّت به السلطة في سجن آريحا، على خلفية تَصدّره احتجاجات طلبة جامعة بيرزيت، على تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك، ليونيل جوسبان، الذي كان في زيارة للمقاطعة في رام الله، حيث وصف حينها «حزب الله» بـ«الإرهابي».

نهاية عام 2011، سُجّلت أولى معاركه الناجحة مع مصلحة إدارة السجون الإسرائيلية، والتي تُوّجت بالإفراج عنه، كما هو الحال في اثنتي عشرة مرّة اعتقال خضع لها عدنان، وانتهت أخيراً بخروجه من المعتقل، مع تعهّد العدو بعدم اعتقاله إدارياً.

واليوم، أضحى خريج الرياضيات الاقتصادية، الذي يعمل خبازاً، مضطرّاً للسير على حدَّي السكّين، ما بين جيش الاحتلال من جهة، وأجهزة أمن السلطة ومناصريها من جهة أخرى، بعدما بدت الأخيرة وكأنها تقود حملة منظّمة لتشويه رمزيّته الوطنية وحضوره الاعتباري، وصولاً إلى محاولة اغتيال فاشلة تعرّض لها نهاية الشهر الجاري، لدى مشاركته في حفل تأبين شهداء نابلس الثلاثة (أدهم مبروك ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط).

في ما يلي حوار أجرته «الأخبار» مع القيادي في «حركة الجهاد الإسلامي»:

  • يصنّفك البعض على أنك مزعج، من هي الشخصية المريحة بالنسبة للسلطة؟

الشخص المريح للسلطة هو الشخص الميّت أو الصامت، لأنهم يريدونا كأسرى محرَّرين، أيقونات صامتة. يريدون أن يتكلّموا هم نيابةً عنا، أمّا عندما يتكلّم الأسير المحرَّر، عندها يخرج عن الملّة والدين والأخلاق بفهمهم. هم يريدون أن يتكلّموا عنّا كما كانوا يتكلّمون عن عميد الأسرى، أحمد جبارة أبو السكر، عليه رحمة الله. يريدوننا بصمت معين، أمّا أن يسمع صوتنا شعبُنا، فهذا الذي لا يريدون. يريدون من الأسرى المحرَّرين، وكلّ الشخصيات الاعتبارية، أن تتقاعد عن الفعل الوطني، وأن تصبح تحفاً جميلة، ذات رمزية صامتة، بلا أيّ فعل وتأثير لا وطني ولا اجتماعي ولا سياسي.

  • قلتَ لدى إطلاق النار عليك، إنهم يريدونني أن أصمت، كما فعلوا مع نزار بنات، لماذا هذه الأزمة مع خضر عدنان؟

كلّ شخص يمتلك الجرأة والقدرة على النقد، ويحظى بالإجماع، هو شخص مزعج للسلطة والاحتلال. هم لا يريدون لأحد أن يتكلّم بالسياسة وبالشأن الفلسطيني العام، أي ليس مستساغاً ولا محتملاً من قِبَل الأجهزة الأمنية أن أخرج وأقول، إن لدى الأجهزة الأمنية 70 ألف قطعة سلاح، ما قيمتها إذا لم تحمِ الشعب الفلسطيني؟ هذا الخطاب لا أقدّمه عن كراهية لأحد، إنّما عن منطق، وسيجد قبولاً في الشارع، لذا هذا الخطاب محرج لهم.

  • مشهد محاولة اغتيالكم غير مكتمل للجمهور؛ هناك من يحمّلكم مسؤولية دم شهداء نابلس الثلاثة بدعوى وجود عميل في صفوف حركتكم، هل يمكنك تقديم توصيف كامل لما حدث؟

هناك شبهات بوجود أسير محرَّر كان مناسباً إلى الجهاد الإسلامي، وعلى صلة بالشهداء الثلاثة، لكن التحقيقات لم تَقُد حتى هذه اللحظة إلى أنّ ذلك الشخص، هو السبب في الوشاية بالشهداء. ثمّة من يتّهمه بأنه كان يحاول تنظيم الشهداء الثلاثة في خطّ عسكري، واتّضح لاحقاً أنه ذو صلة بالمخابرات الإسرائيلية. وعلى رغم عدم وجود تأكيد لهذه التهمة، نحن قطعنا الطريق أمام الجميع، بأنه إن ثبت أن ثمّة عميلاً، أيّاً يكن، فإنّنا سنقوم بأنفسنا بالاقتصاص منه، هذا هو موقفنا الواضح. لكن السلطة اليوم، لديها في السجون وخارجها، مَن ثبتت عمالته، ومَن هو متحمّل لدماء العشرات من الشهداء، ونحن نطالبها منذ سنوات بأن تغلّظ عقوبتها تجاه العملاء. مَن قتل الشهيد القائد في كتائب شهداء الأقصى، باسم أبو سرية «القذافي»، معتقل منذ سنوات في سجون السلطة، فَلتُقم عليه حدّ الإعدام بتهمة الخيانة العظمى.

  • ذاع اسم مطلق النار عليك، هل نفّذ محاولة الاغتيال من تلقاء نفسه أم كان مدفوعاً من جهات عليا؟

من أطلق النار عليّ، قام بالاعتذار، وجلّ من تصدّروا تلك الحادثة، طيّبوا خاطرنا بعدها، كما قامت حركة فتح في البلدة القديمة بالاعتذار. لكنّني على أيّ حال، أعتقد أنه لم يقْدم على هذا الفعل بشكل فردي، فلقد زيّنته له بعض الجهات وحرّضته عليه، حتى هو لم يقبلها على نفسه، بعدما خرج من حالة الإرباك التي كان يمرّ بها. نحن حركة مقاومة، نخوض كلّ يوم مواجهات مع الاحتلال، لا يجوز أن يدخل في داخل أيّ فلسطيني أيّ ظن بفساد المجموع، مع تقديرنا أنه يمكن أن تعتري كلّ حركات المقاومة حالات فردية، لكن ذلك ليس هو الأصل، فليس هناك غطاء لأيّ عميل، ولن نقف مع أيّ أحد يمسّ بأبناء شعبنا ومقاوميه.

  • ما هو موقف السلطة والجهات الرسمية من حادثة الاغتيال؟

السلطة غابت عن المشهد بشكل كلّي، ولم تفتح أيّ تحقيق، لم يتكلم في القضية رئيس بلدية نابلس، ولا أيّ جهة أمنية، لا السلطة ولا المخابرات ولا الأمن الوقائي، حتى رئيس هيئة التعبئة والتنظيم طارق دويكات، وهو من مدينة نابلس، لم نسمع له كلمة أو موقف، وكذلك نائب رئيس حركة فتح أبو جهاد العالول من مدينة نابلس، ورئيس الوزراء، لم يُبدِ أيّ منهم أي موقف. الأجهزة الأمنية عندما سُئلت عن الحدث، وصلني أنها قالت، اعتبِروا أن الحدث لم يكن، وأنتم لم تسألونا، وكأن أحداً أراد أن تمرّ جريمة الاغتيال بصمت، على أيدٍ فلسطينية، بحيث لا يحمل تبعاتها لا سلطة ولا احتلال، وهو ما قاله الكاتب الإسرائيلي، يوني بن مناحيم، الذي تكلّم عن هذه الحادثة بالتفصيل. لكنني أقول، أيّاً كان قاتلي، إن قتلْت في يوم من الأيام، فإن القصاص يجب أن يكون من الاحتلال، فلا لي ولا لأهلي ولا لعشيرتي ولا لحركتي حق ولا ثأر، إلا من الاحتلال، فليعِ الاحتلال أن قتلنا على أيّ جنبٍ سيكون الثأر منه فقط.

  • هل هناك صلة لما يحدث لك مع تنامي حالة المقاومة في جنين وانخراط مسلحي حركة «فتح» فيها؟

لا يروق للسلطة ولا للأجهزة الأمنية التي تنسّق مع الاحتلال أمنياً، أن ترى الشعب الفلسطيني ملتفّاً حول شخصية مثل وصفي كبها ولا إبراهيم النابلسي ولا خضر عدنان. لا تريد أن ترى الشباب الثائر يتوجّه إلى المقاومة بعد سنوات طويلة من الصمت والظن بأنه تمّ القضاء على بنى المقاومة التحتية في الضفة المحتلة. دماء الشهيد جميل العموري وحادثة نفق الحرية، تحيي حالة المقاومة ليس في جنين فقط، بل في طولكم ونابلس.

  •  كيف ترون مستقبل المقاومة في الضفة المحتلة خصوصاً أن الفعل المقاوم يأخذ اليوم منحى أكثر تنظيماً من ذي قبل؟

المقاومة في تنامٍ مستمر، وحالة الوعي في الشارع الفلسطيني بهذا الخيار تتصاعد، ودماء الشهداء تجد التفافاً شعبياً كبيراً، الشارع الفلسطيني يستعيد عافيته، ويعي خياره أكثر من ذي قبل، وهو يعيش اليوم مرحلة التحشيد، التي ستتطوّر إلى فعل أكثر تنظيماً وتأثيراً من ذي قبل. وتدلّل عملية «حومش» البطولية التي قادها الشيخ محمد جردات ذو الستين عاماً، على أن المقاومة لن تفنى، وأن شعبنا مستمرّ في مقاومته، وأن رجال المقاومة لا تكسرهم سنوات الأسر.