يعد الفن الفلسطيني نوعًا من أنواع المقاومة؛ إذ يحمل فكرة ورسالة هادفة تعزز الرواية الفلسطينية في مواجهة رواية الاحتلال الإسرائيلي، ويقدم بقوالب مختلفة، سواء "كوميدية أو درامية أو تاريخية" بشكل راقٍ يساهم في إقناع الأجيال بمبادئ وأخلاق المقاومة؛ إلا أن ما جرى في فيلم "صالون هدى" مخالف تمامًا للمبادئ والأخلاق التي يتميز بها الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
الباحث في الفكر السياسي الدكتور وليد القُططي يقول: "عندما تكون الدراما مقاومة، تنتشر ثقافة المقاومة؛ ثقافة النصر المُضادة لثقافة الهزيمة الناتجة من دراما التطبيع، والفرق بينهما كالفرق بين الحياة والموت؛ الحياة الكامنة في إرادة النصر، وحياة العزة والكرامة، والموت الكامن في فقدان إرادة النصر، والرضا بحياة الذلة والمهانة".
وأضاف د. القططي في مقالة سابقة له بعنوان " عندما تكون الدراما مقاومة": "إن الدراما المقاومة تستطيع مواجهة تيار التفاهة في الدراما، فتواجه السطحية بالعمق، والإسفاف بالسمو، والجهل بالوعي، والتبعية بالأصالة، والخضوع بالممانعة، والانحلال بالالتزام، والإفساد بالأخلاق، والاستبداد بالثورة، والاحتلال بالمقاومة".
وأمام ذلك المشهد المقاوم من الفن الفلسطيني، تأبى مجموعة من "السفلة" -كما وصفهم البعض- بتشويه صورة الفلسطيني المقاوم صاحب الرسالة السامية في مواجهة العدو الإسرائيلي، بمشاهد مخلة للآداب، تتنافى مع كل القيم والأخلاق والدين والوطنية.
الكاتب السينمائي والمخرج الفلسطيني نبيل ساق الله وصف فيلم صالون هدى بـ "الرخيص الذي يتساقط عليه الذباب، كما تتساقط على القمامة" مؤكدًا أن الفيلم يتنافى تمامًا مع تقاليدنا، وثقافتنا، وديننا، ومقاومتنا للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد ساق الله في تصريح لـ "شمس نيوز" أن الشعب الفلسطيني شعب بطل، ولديه قصص كثيرة، يمكن معالجتها بقوالب فنية رائعة ومميزة، وليس كما جرى بعرض مشاهد فاضحة تتنافى تمامًا مع قيم شعبنا.
وطالب ساق الله، مخرج الفيلم هاني أبو أسعد، وطاقم العمل، والكاتب، بالاعتذار رسميًا من الشعب الفلسطيني على هذا العمل "المخزي، والمعيب، والمنافي لقيمنا وعاداتنا، وتقاليدنا"، داعيًا، الجهات الرسمية إلى ضرورة مراجعة أي عمل فني، أو ديني، أو ثقافي؛ لتلاشي الانتشار المسيء لقيمنا وعاداتنا.
وقال: "قضية التخابر سببها الرئيسي هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي ينتهج كل ما هو محرم وحقير للضغط على الفلسطيني؛ في محاولة لإضعافه وتدميره حتى لا يقوى على مقاومته، أو التبليغ عن أي عمل ضده".
ويرى الكاتب السينمائي ساق الله، أن موضوع التخابر مع العدو يمكن معالجته بالحديث عن أساليب الاحتلال الخسيسة؛ لإضعاف الانسان الفلسطيني، مشيرًا إلى أنه "كان بالإمكان استخدام القصة بشكل أكثر رُقيا، بدون المشاهد المخلة التي لا تليق بالإنسان الفلسطيني، ولا بقيمنا، وعاداتنا، ولا تقاليدنا".
وأوضح أن الفن مهمته معالجة القضايا مثل الطبيب، متسائلًا "هل يستطيع الطبيب إجراء عملية جراحية لسيدة وسط الشارع؟"، قائلًا: "هذه العملية يجب أن تتم بشكل سري، وليس بشكل علني، ولا يمكن أن تتم المعالجة أو الطرح بهذا الشكل، هذا مخالف تمامًا لكل القيم والعادات والتقاليد".
وأشار المخرج السينمائي في نهاية حديثه"يمكن معالجة قصة التخابر مع الاحتلال بطرق ومشاهد أكثر رقيًا واحترامًا لمشاعر الفلسطينيين" مستدلًا بذلك: "بقصة أحد التجار الذي عُرض عليه التخابر مع الاحتلال مقابل استمرار تصريحه للتجارة، إلا أن التاجر مزق تصريح التجارة أمام عيون الاحتلال قائلًا لهم "ما بدي التجارة كلها".
وشدد المخرج نبيل ساق الله، أن صورة التجار وتعرضه للظلم، والقهر، والاستبداد الإسرائيلي، وطريقة مواجهة العدو، هي الصورة التي يجب أن يتم ترويجها عبر الشاشات والأفلام المقاومة المدافعة عن القضية الفلسطينية، وليس عبر مشاهد الرذيلة والفاحشة.