يشهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظاً على أسعار مواد البناء؛ ما شكل حالة من الاستياء في أوساط المواطنين والتجار على حد سواء؛ بسبب الخسائر الفادحة التي قد يتركها ارتفاع الأسعار على استكمال مشاريع البناء والمنشآت.
وارتفعت أسعار مواد البناء بشكل كبير؛ حيث زاد سعر طن الحديد نحو 1400 شيكل، كان يُباع الطن بحوالي (3200 شيكل، وأصبح اليوم 4600 شيكل)، أما سعر الأسمنت فقد زاد الطن نحو 60 شيكل من (440 شيكل إلى 500 شيكل).
وأرجع مراقبون ومختصون أن ارتفاع أسعار مواد البناء في قطاع غزة يعود للارتفاع العالمي؛ نتيجة تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية سلبًا على البضائع والسلع، غير أن بعض المواطنين يرجعون الأسباب إلى احتكار التجار.
اضطر المواطن سائد زياد إلى وقف مشروع استكمال بناء منزله؛ نظرًا لارتفاع أسعار مواد البناء المفاجئ، قائلًا: "كنت أسعى لإكمال الجزء الآخر لمنزلي؛ واشتريت الرمال والحصمة؛ لكني تفاجأت بارتفاع سعر طن الأسمنت والحديد بشكل كبير؛ ما دفعني لوقف المشروع نهائيًا حتى العودة إلى الأسعار الطبيعية".
سائد الذي يعيل 4 أطفال أوضح لـ"شمس نيوز"، أن ارتفاع الأسعار شكل حالة من الاستياء لدى العائلة، خاصة وأن جميع أفراد الأسرة كانوا متحمسين لتوسيع المنزل، وإضافة غرف للأطفال، إلا أن الارتفاع المفاجئ أجل فرحة أبنائه بتحقيق أحلامهم.
وأشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية صعبة جدًا؛ إذ أن ما يملكه من أموال لا يكفي لشراء الحديد والأسمنت المطلوب بالأسعار الحالية، مناشدًا المسؤولين للضرب بيد من حديد لكل المحتكرين.
المواطن سائد كغيره من عشرات بل المئات من الشباب الغزي الذين قرروا إيقاف مشاريع البناء، سواء البناء، أو التشطيب، أو التوسيع؛ ما أثر أيضًا على القطاع الإنتاجي في قطاع غزة.
المحلل الاقتصادي ماهر الطباع توقع بأن بعض مشاريع البناء الخاصة والعامة ستتوقف؛ نظرًا لارتفاع الأسعار، إضافة إلى أن "الشقق السكنية" ستشهد ارتفاعًا كبيرًا سواء أسعار الإيجارات أو البيع خلال الفترة القادمة؛ حال استمر ارتفاع أسعار مواد البناء.
وأرجع الطباع لـ "شمس نيوز" أسباب ارتفاع الأسعار في قطاع غزة إلى تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على جميع مواد البناء والسلع الغذائية في دول العالم بنسب متفاوتة.
وقال: "إن ارتفاع الأسعار يُكبد المقاولين خسائر فادحة؛ إذ أن المقاولين حصلوا على مناقصات لبناء بعض المشاريع بأسعار قديمة، وفي حال بدأ تنفيذ المناقصات بالأسعار الجديدة سيتعرض المقاول لخسائر فادحة".
ويعتقد الطباع أن ارتفاع مواد البناء سينعكس تأثيره السلبي على قطاع الإنشاءات، وقطاع الإسكان، ومشاريع البنية التحتية، وقطاع الإنتاج بشكل عام؛ الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة بين سكان قطاع غزة.
وفي السياق أكد رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين المهندس علاء الدين الأعرج، أن المشاريع في قطاع غزة والضفة الغربية ذاهبة للتوقف الإجباري؛ بسبب الارتفاع غير المسبوق في الأسعار؛ نتيجة تداعيات الأزمة العالمية والحرب الروسية الأوكرانية.
وقال الأعرج في تصريحات إذاعية اليوم الخميس: "إن الأزمات المتلاحقة لا يمكن لقطاع المقاولات تحملها، وذاهبون لكارثة حقيقية، وإذا توقفت المشاريع فهي مشكلة، وسينضم قطاع كبير إلى البطالة، وسيؤثر على قدرة الشركات على الإيفاء بالتزاماتها تجاه البنوك والموردين، والعمال، والموظفين".
وبين رئيس اتحاد المقاولين أن ترك الشركات وحيدة تواجه هذه الأزمات سيؤثر على الأداء الاقتصادي، وخاصة في قطاع غزة المحاصر أصلا، والذي يخضع لاشتراطات إسرائيلية على المعابر.
وأضاف الأعرج: "كافة مشاريع البناء والطرق والبنية التحتية كلها عرضة للتوقف، وإذا ارتفعت الأسعار بنسبة تزيد عن 3% فيجب على المؤسسة المشغلة والمانحين أن تلتزم بالتعويض، وما حصل اليوم هو ارتفاع جنوني لأكثر من 36%".
وكان اتحاد المقاولين الفلسطينيين قد دعا قبل يومين كافة الجهات المشغلة والمانحين الدوليين إلى تعويض المقاولين عن الارتفاع الفاحش في أسعار مواد البناء، الناتج عن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الطاقة، وانعكست بشكل مباشر على أسعار المواد التي ارتفعت بما يزيد عن 35%، بالإضافة إلى العديد من الأزمات السابقة التي كان يعاني منها قطاع المقاولات.
وأعلن الاتحاد عن تشكيل خلية أزمة تعمل بشكل مكثف؛ لرفع التحدي، والحفاظ على حقوق المقاولين، والانفتاح على الجميع؛ لمنع هذه التداعيات الخطيرة والحادة.