قائمة الموقع

تقرير "مدار" الإستراتيجي: إسرائيل تعزز مكاسبها الإقليميّة

2022-03-29T10:57:00+03:00
مصطفى ابراهيم.jpg
بقلم/ مصطفى إبراهيم

تزامن الإعلان عن تقرير (المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية) "مدار" الإستراتيجي لعام 2022؛ "المشهد الإسرائيلي 2021"، في وقت إنعقاد قمة النقب في كيبوتس "سديه بوكير" بالقرب من قبر رئيس وزراء إسرائيل الأول دفيد بن غريون مجرم الحرب ومهندس عمليات التطهير العرقي وتهجير وطرد الفلسطينيين من بلادهم. بمشاركة وزراء أربعة انظمة عربية، وهي الامارات، البحرين، المغرب، ومصر، في مشهد مخزي يعزز من مكانة إسرائيل ومنحها مزيداً من الشرعية لنظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني.

تقرير "مدار" الإستراتيجي السنوي من أهم التقارير يصدر عن مؤسسة بحثية وازنة، ويعطي تشخيصاً للواقع وللوقائع ويوفر تحليلات مهمة، بشان إسرائيل وسياستها ومادة مهمة بحثية، اتمنى ان يستفيد منها صناع القرار الفلسطيني وإيلائها اهتمام أكثر خاصة فيما يتعلق بمستقبل المشروع الوطني، ومواجهة السياسات والتطورات التي تعزز من مكانة إسرائيل.

قمة النقب وأهيمتها السياسية والرمزية بعقدها في النقب، التي حضرت لها إسرائيل جيداً باحتفالية، وكما ذكر مسؤول امريكي وأن القمة حدث غير مسبوق ونجاح سياسي كبير، وجاءت في ظل ظروف صعبة تواجهها القضية الفلسطينية والجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل، وكانها تعمل على تعزيز التوجهات والسياسات الإسرائيلية ومساعيها من اجل نزع الشرعية عن السردية الفلسطينية ومحاصرتها.

وهذا ما نبه منه تقرير مدار، وذلك من ضمن سلسلة من القرارات وملاحقة المؤسسات الفلسطينية التي تتهم إسرائيل بأنها تمارس نظام أبارتهايد وجرائم حرب وإعلانها "غير قانونية" وداعمة لـ"الإرهاب"، ومحاصرة المحتوى الفلسطيني على منصّات التواصل الاجتماعي، وإطلاق مشاريع دبلوماسية شعبية للدفاع عن إسرائيل، ومحاولات نزع الشرعية عن المؤسسات الدولية أو الأصوات التي تعارض السياسة الإسرائيلية أو تتهمها بأنها دولة أبارتهايد عبر اتهامها بمناهضة السامية.

وتاتي القمة في سياق كما ذكر تقرير مدار أن إسرائيل أصبحت لا ترى أن العالم العربي يُشكّل مصدر تهديد، وتقلّصت "مخاطر" اندلاع مواجهة مباشرة مع جيوش نظامية. على ضوء ذلك، جرى بناء "التعاون العربي/ الإسرائيلي" ونظمه في مواجهة إيران والحركات غير النظامية والإسلامية وحزب الله وغيرها.

كما تحسنت علاقات إسرائيل مع دول المنطقة التي شابها الجفاء في عهد نتنياهو، فقد عادت العلاقات مع الأردن إلى التحسن، وكذلك تحسّنت العلاقة السياسية مع مصر، بالإضافة إلى تحسّن العلاقات مع تركيا التي تجلّت بزيارة إسحق هرتسوغ لتركيا الشهر الحالي.

إسرائيل نجحت في مراكمة مزيد من المكاسب الإقليمية عبر اتفاقيات التطبيع، وتحسين علاقاتها الرسمية مع الدول الغربية في عهد الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينت.

وأن "اتفاقيات أبراهام" ودينامياتها الدافئة، تُسهم ليس فقط في تطبيع إسرائيل في المنطقة وتحويلها إلى جزء من التحالفات ومن النسيج العام الإقليمي؛ وإنما أيضا في "تطبيع" الاحتلال وتوسيع هامش إسرائيل في الاستمرار بالاستيطان والتهويد.

وحسب تقرير مدار أن "اتفاقيات أبراهام" عززت من مكانة إسرائيل كجزء من الخارطة الجيوسياسية، وأسهم في ذلك ترجمة الاتفاقيات إلى توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم والتعاون مع دول "السلام الإبراهيمي". وفي تقرير سابق لمدار بعنوان كيف تعزّز التطبيع مع إسرائيل في إطار "اتفاقيات أبراهام" خلال العام 2021؟. قراءة في أهم الاتفاقيات، والتي تم توقيعها خلال العام 2021 وبداية العام 2022 تصل إلى أكثر من 160 اتفاقية تغطي كافة مجالات الحياة الاجتماعية، وتنخرط فيها فئات وطبقات وشرائح متنوعة من كافة الدول المطبعة بالإضافة إلى إسرائيل.

ويكاد لا يمر أسبوع واحد بدون أن يتم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الأكاديمية، السياسية، الأمنية والاستخباراتية.

وتناول التقرير الموقف الإسرائيلي من الحرب الروسية الأوكرانية والتي تنطلق من مصالح أمام روسيا، وفي مواجهة تعقيدات الاصطفاف وتداعياته؛ تحاول إسرائيل لعب دور الوسيط وتحويل ’حيادها’ وعلاقتها المتينة مع الأطراف المتصارعة كافة إلى أداة دبلوماسية مهمة تؤهلها للعب هذا الدور للتغلب على استحقاقات الاصطفاف، ومن جهة أخرى والأهم تبييض "احتلالها" وتعزيز صورتها ومكانتها الدولية".

وفي ظل تلك الوقائع وما تناول تقرير مدار حول ديناميات الحرب الروسية على أوكرانيا والتعامل الإسرائيلي معها، وإمكانية انعكاسها على سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين من خلال استغلال الانشغال الغربي بالصراع مع روسيا، وبالتالي، توسيع قدرتها على المناورة وزيادة الاستيطان والتهويد والضمّ الفعلي المستمر، عبر استقدام عشرات آلاف المهاجرين من أوكرانيا وروسيا إلى إسرائيل، وتوطينهم في مناطق مختلفة بما في ذلك المستوطنات.

وعلى الرغم من ان تشكل حكومة "التغيير" اعتمدت على تحالف هش بعد 12 عامًا على حكم نتنياهو، وأن تشكيلة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي خاصة، والخارطة الحزبية السياسية عامة، حسب ما ذكر التقرير تظهر عمق الصدع الداخلي وإعادة إنتاجه على أساس إثنو/ أيديولوجي بين معسكرين.

إلا أن تقرير مدار يقول، أن هذا التحسّن يبقى محاصرا بمجموعة من الاختبارات الدولية الضاغطة، أبرزها مفاوضات النووي الإيراني وعلى وشك التوقيع على اتفاق بشانه، والتي تتخذ مسارا يعاكس الرغبات الإسرائيلية، والتحول الجذري في خطاب منظمات حقوقية دولية وازنة تجاه إسرائيل.

الذي انتقل من وصفها بدولة احتلال على حدود 1967 إلى اعتبارها دولة تقيم نظام أبارتهايد بين النهر والبحر.

وفي ضوء ذلك إسرائيل ما زالت ترى أن عدم تغلغل السلام إلى المستوى الشعبي/ الجماهيري بمثابة تحد كبير أمامها، قد يكون هذا بصيص أمل لمواجهة التنازل العربي، لكن هذا بحاجة لتوقف القيادة الفلسطينية عن ممارسة سياسة الإنتظار والقبول والاستسلام لسياسة التسهيلات على أمل أن تكون مدخل لتقدم المسار السياسي.

الطريق أمام الفلسطينيين طويل، ولمواجهة هذا الصعود الإسرائيلي ومواجهة السياسات الإسرائيلية، وضرورة إعادة الاعتبار للمؤسسات الفلسطينية، واتخاذ سلسة خطوات جذرية وسريعة ترتكز على عدم التغول والاستفراد بالقرار الفلسطيني، واحترام الحريات العامة والمشاركة السياسية باجراء الانتخابات.

والاستثمار في تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية التي صنفت إسرائيل كنظام فصل عنصري، وسياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها الولايات المتحدة والدول الغربية تجاه الحرب الروسية الاوكرانية، والاستناد إلى خطاب العدالة ومواجهة الاستيطان والتهويد وسرقة الأرض، ودعم حركة المقاطعة.

اخبار ذات صلة