في ميادين العزة والكرامة والإباء يمضي حراس الوطن وحماة العقيدة والمقدسات، حاملين أرواحهم على أكفهم، وأنفسهم توّاقةً للحاق بركب الأطهار والمخلصين حيث جنان الخلد والنعيم.
إنهم رجال سرايا القدس الذين لم يفكّروا بحياة الرفاهية، ولم يلتفتوا لهذه الدنيا الفانية، فقد تركوا ملذات الدنيا كلها، وكان جُلّ تفكيرهم كيفية الوصول إلى الجنة، فشمَّروا عن سواعدهم وحملوا بنادقهم مسابقين الريح في العمل رغم عتمة الطريق وعثراته.
ميلاد فارس
مع بزوغ شمس يوم العشرين من شهر من أغسطس من العام 1969م، أبصر فقيدنا المجاهد علي سويلم علي أبو سبت "أبو فادي" نورَ الحياة في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة, بين أكناف أسرة كريمة تعرف تعاليم الدين العظيم وواجبها تجاه وطنها فلسطين.
وعاش فقيدنا وترعرع في ظلال هذه الأسرة على حب الجهاد والمقاومة والفداء، حيث قدَّمت عائلته المجاهدة العديد من الشهداء والأسرى، فزرعت في نفسه حب الجهاد، وأخلاق الإسلام العالية، وتربى التربيةَ الإيمانية الصحيحة على موائد القرآن الكريم، وكان منذ صغره ملتزماً ومُحافظاً على الصلوات الخمسة.
تلقّى فقيدنا علي تعليمه في مدارس مدينة خانيونس، فكان من الطلبة المجتهدين في دراسته، محبوباً بين أساتذته وزملائه في الدراسة، وتزوّج من رفيقة دربه ورزقه الله منها بخمسة من الأبناء والبنات، رباهم على المحبة والاحترام والالتزام بتعاليم ديننا الحنيف.
الرجل الكتوم
اتصف فقيدنا أبو فادي بهدوئه وصمته، فكان رجلاً شديد الكتمان في حياته وعمله، وامتاز بالأخلاق الحميدة العالية، واصلاً لأرحامه، بشوشاً، باراً، متواضعاً، وأحبه كل من عرفه وتعامل معه، وله الكثير من المواقف التي تدل على صلابته وقت الشدة.
علاقته بأسرته وأصدقائه
يتمتّع الفقيد المجاهد بعلاقات جيدة بين أسرته وإخوانه فكانوا يعتبرونه الأخ الحنون والهادئ، وكان محبوباً بين أفراد عائلته كافة؛ وذلك لصمته وقلة كلامه، والتزامه الديني والأخلاقي، ومحبته للناس والجيران وكل من يعرفه, كما تميز بأنه إنسان اجتماعي يستطيع أن يبني علاقات مع الجميع, وهذا جعل كل من يعرفه يحبه ويتقرّب منه.
مشواره الجهادي
بدأ فقيدنا أبو فادي في مشوار الدم والشهادة، عندما انتمى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وشارك في الكثير من الفعاليات التي كانت تنظمها الحركة في خانيونس, ونظراً لاجتهاده ومشاركته الفاعل اختارت قيادة سرايا القدس في المنطقة ليكون أحد جنود السرايا الميامين، وتلقى العديد من الدورات العسكرية، وأبلى فيها بلاءً حسناً، وتدرّج في العمل التنظيمي حتى وصل رتبة أمير فصيل في وحدة الانضباط العسكري.
رحيل الفارس
ارتقت روح فقيدنا القائد علي سويلم أبو سبت إلى بارئها، مساء اليوم الجمعة، الموافق 18 فبراير 2022م، إثر إثر مرض عضال، عن عمر ناهز (53 عاماً)، بعد رحلةٍ جهاديةٍ مُشرفةٍ أفنى فيها وقته وعمره وجهده، وما بدَّل ولا غيَّر ولا تنازل عن شبرٍ واحدٍ من أرضنا الطاهرة، لينقش اسمه في مهجة القلوب، ويحط رحاله في دار المقر، فسلامٌ لروحه الطاهرة، وتقبله الله في الفردوس الأعلى.