تزداد تقديرات قادة جيش الاحتلال يوما عن اخر باحتمالية وقع مواجهة عسكرية جديدة مع غزة كالمواجه التي حدثت العام الماضي "معركة سيف القدس " والتي يطلق عليها جيش الاحتلال (حارس الاسوار 2 ) ,ولعل دواعي هذه التقديرات ما يجري الان في الأرض الفلسطينية المحتلة والعملية الأمنية التي اطلق عليها جيش الاحتلال ( كاسر الامواج ) والتي من خلالها بات يلاحق الخلايا الفلسطينية المسلحة التي يتهمها جيش الاحتلال بالتخطيط لشن عمليات مسلحة ضد وحداته وضد المستوطنين , بل ان جيش الاحتلال يخشي من عمليات قد تصل الي الداخل الصهيوني المحتل علي غرار العملية الفدائية الكبيرة التي نفذها الشهيد البطل (ضياء حمارشة) في تل ابيب الاسبوع الماضي والتي اسقطت نظرية الامن الصهيوني المزعومة وكشفت وهم قادة الامن في الحصول علي هدوء دائم مقابل اساليب لإدارة الصراع تبني علي اساس الحفاظ علي الوضع الحالي للعلاقة الرسمية وغير الرسمية مع الفلسطينيين دون ان تكف اسرائيل يدها عن قتل واعتقال الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وهدم بيوتهم ومواصلة حصارهم اقتصاديا وانكار حقوقهم السياسية وخاصة حقهم في تقرير المصير.
حتى الان لا تحاول دولة الاحتلال باي شكل كان نزع فتيل التوتر في القدس ولا تستطع ان ترسل بارقة امل للفلسطينيين بالأمن والاستقرار والاعتراف بحقوقهم السياسية او حتى القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات على أساس تطبيق حل الدولتين، اليوم الاستعدادات تجري في دولة الاحتلال والمستوطنين المتطرفين لاقتحام واسع للأقصى فيما يسمي " عيد الفصح" اليهودي والذي تحاول فيه جماعات متطرفة تقديم "قربان الفصح " داخل الاقصى وهناك تحضيرات ودعوات حاخامية كبيرة لجماعات الهيكل بالتجمع واقتحام الأقصى في هذا اليوم مدعين ان بناء الهيكل وقدوم المسيح المخلص لا يتم الا بالتواجد الكبير في المسجد الأقصى. هذه الدعوات ليست استفزازات للفلسطينيين وانما ستدفع لمواجهة مؤكدة مع الفلسطينيين والتي قد تقع في الأسبوع الثالث من رمضان شهر العبادة والرحمة. علي الجانب الأمني تستمر اسرائيل في تنفيذ العملية الأمنية التي أعلنت عنها بملاحقة واغتيال النشطاء الفلسطينيين داخل مدن ومخيمات الضفة الغربية من خلال الدفع بوحدات المستعربين الخاصة (يمام ودوفدفان) وغيرها لتنفيذ مهام إجرامية، كلها تقع تحت اسم " قتل خارج القانون " .
المشهد يعيد نفسه كما العام الماضي ,محاولة صهيونية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا والتركز على ذلك في رمضان ومحاولة لاستعادة امن وهمي يصنعه قادة إسرائيل الامنين والعسكريين بقوة السلاح والقمع والقتل، لا اعتقد ان هذا العام ان سمحت حكومة (نفتالي بينت) للمستوطنين تنفيذ "قربان الفصح" واستمرت في اقتحام المدن الفلسطينيين واعدام النشطاء الفلسطينيين من الفصائل المختلفة ان يمر مر الكرام دون مواجهة عسكرية مع غزة. تحاول دولة الكيان توظيف علاقاتها مع المستوي الرسمي الفلسطيني والأردن ومصر بتهدئة المشهد دون وعودات بنزع فتيل الانفجار المتوقع حدوثه بين الفينة والأخرى، لا اعتقد ان تفلح هذه المحاولات في تهدئة الشارع الفلسطيني المحتقن أساساً جراء كل ممارسات الاحتلال وانغلاق الأفق السياسي دون ان تكف دولة الاحتلال ومستوطنيها ايديهم عن المقدسات والدم الفلسطيني، السلطة الفلسطينية لا تملك سلطة على المقاومة الفلسطينية والأردن لا تستطيع الضغط على اسرائيل لتوقف اشعال فتيل الانفجار، ومصر وسيط ضعيف لم تحرز أي تقدم حتي الان في أي ملف من ملفات غزة وخاصة ملفي المصالحة وإعادة الاعمار. هكذا تبدوا الأمور تركت للمقاومة على الأرض في الضفة الغربية وغزة وتركت للجماهير الفلسطينية في كل مكان للدفاع عن الأقصى والحرمات في شهر الحرمات.
استمرار اقتحام وزراء حكومة الاحتلال لباب العامود وخاصة المتطرف (بن غفير) للأقصى يثير الكراهية ويرفع درجة التحريض ويزيد النار اشتعالا ولن تبتعد كثيراً المواجهة المحتملة ان بقيت اسرائيل على سياسة ركوب الراس والتباهي بقدرتها على فرض الامن والسيادة الإسرائيلية على باب العامون والمسجد الأقصى بالقوة. الذي يدعونا للتأكيد علي ان سيناريوا المواجه المحتملة بين المقاومة وإسرائيل قادم هو سلوك اسرائيل علي الأرض الذي لا يتخذ أي خطوة للوراء وانما يتقدم في سلوك احتلالي قمعي قاتل, وهنا ستجد المقاومة الفلسطينية ان عدم ردها سيحدث ضرر بالغ لوحدة جبهات المواجهة الفلسطينية مع إسرائيل وسيوجه لقيادتها انتقاد شديد ان اشتعل المشهد في القدس واستمرت إسرائيل في مسلسل تصفية عناصرها بالضفة دون رد , وستكون كل التقارير الواردة عن السياسيين الإسرائيليين بان إسرائيل تريد تفادي مواجهة مسلحة مع غزة هذه المرة بذات القوة الماضية خشية انتقاد دولي واسع لها وفتح عيون العالم علي جرائمها الذي ستقارن بما يجري في أوكرانيا مجرد تقارير اعلامية.
سيناريو المواجهة المحتملة قد يقع ان لم تتخذ إسرائيل خطوات للوراء وليس خطوات استباقية لان الفلسطينيين لم يتبقى امامهم خيار سوي هذه المواجهة لتجبر إسرائيل علي التوقف عن كل سلوكها الاجرامي والعدائي المفرط للفلسطينيين , واعتقد ان هذه المواجهة لن تستمر طويلا وستكون بالحد الأدنى من الفعل ورد الفعل ,فاذا زادت إسرائيل في عدوانها وقصفها لمواقع استراتيجية ومبان فلسطينية مدنية واغتيال قيادات عسكرية وسياسية من المقاومة فاعتقد ان المقاومة بذات الوقع ستوسع عملية الرد وتصل الصواريخ مدن الوسط العبري وابعد من ذلك , ولا اعتقد ان تكون خطة المقاومة بالرد كالعام الماضي لأنها هذه المرة سوف تستخدم قوة صاروخية صادمة بالإضافة لعمليات نوعية لتثبت ان قدرتها القتالية تتطور باستمرار وقادرة على ردع العدو في ذات الوقت, وخلال هذه الفترة بالطبع لن يتوقف الوسطاء عن التواصل مع الطرفين حتي يعاد المشهد الي ما كان عليه قبل المواجهة دون قدرة علي اجبار إسرائيل علي نزع مسببات أي مواجهة جديدة .