إنهم الشهداء، فوارس فلسطين، يولدون في أجمل الأزمنة والأمكنة، يعطرون البلاد بروحهم وريحانهم، ويسيرون في صفوف الجهاد، قافلة من العاشقين لا تنتهي، ويرتقون شهداء على طريق القدس.
ميلاد فارس:
كان مخيم جنين على موعد مع فارسه طه محمد زبيدي في 30 أغسطس 1977م، لعائلة مؤمنة بدينها ووطنها، تعود جذورها إلى مدينة الخضيرة المحتلة. وترتيبه الثالث وله أربعة من الأخوة واثنتين من الأخوات، ونشأ فارسنا في ظل ظروف قاسية، فقد توفي والده وعمره 8 سنوات، واستشهدت والدته خلال اجتياح مخيم جنين في مارس 2002م.
أنهى الفارس طه دراسته الثانوية العامة في مدارس المخيم، ثم التحق بمعهد أكاديمي لدراسة الصحافة والإعلام، قبل أن ينتقل للعمل في جهاز الشرطة الفلسطينية في مدينة رام الله.
روح وريحان:
عرف فارسنا بأنه كتوم، متمثلاً قول الرسول المصطفى: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان"، وكان طموحاً ومحباً لقراءة القرآن الكريم والمحافظة على الصلاة. وكان ذا خيال أدبي واسع، فكتب في الرواية والمقالة والشعر والقصص، كما ظهرت موهبته في الرسم.
في صفوف الجهاد:
مع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000م، اَثر المجاهد طه التفرغ للعمل الجهادي المقاوم، ولذلك انسحب من الجهاز الشرطي ليلتحق بصفوف مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي وليصبح بعدهاً قائداً ميدانياً في سرايا القدس.
على إثر ذلك، قامت أجهزة أمن السلطة بملاحقته واعتقاله، وقد تمكن من الفرار من سجن جنين المركزي برفقة عدد من إخوانه المعتقلين، وواصل عمله الجهادي، ملاحقاً من أجهزة الاحتلال وأجهزة السلطة.
عمل الفارس طه مرافقاً للشهيد القائد محمود طوالبة، ومساعداً للأسير القائد ثابت مرداوي، كما استلم مهمة توزيع السلاح في مخيم جنين حين اشتداد المعارك مع جيش الاحتلال. وقاد الفارس طه سرية "جند الله" في منطقة حي الدمج في المخيم.
خاض المجاهد طه، حرباً نفسية ضد الاحتلال، حيث كان يوجه الرسائل باللغة العبرية لجنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت. ما حدا بقوات الاحتلال إلى قصف مكبرات الصوت، لما لها من أثر كبير على معنويات الجنود المنهارة.
شهيداً على طريق القدس:
في 6 أبريل 2002م، اشتداد المواجهات بين المقاومين وجنود الاحتلال ودخول معركة المخيم يومها التاسع، وفي حي الدمج، خلال المواجهة العنيفة تمكن قناص صهيوني من إطلاق رصاصة باتجاه الشهيد المجاهد طه ما أدى إلى إصابته بجراح خطيرة، واستشهد عقب إطلاق طائرة أباتشي صهيونية قذائفها تجاه مكانه.