قائمة الموقع

قراءة في الانتخابات الفرنسية وتأثيراتها على الحالة الفلسطينية

2022-04-13T15:41:00+03:00
الانتخابات الفرنسية
بقلم/ د.زياد حسن مدوخ
جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية في فرنسا يوم الأحد 10 أبريل 2022 التي صعد فيها كل من الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون من حزب الجمهورية للأمام وهو حزب وسط اليمين وماري لوبان زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف للدور الثاني الذي سوف يجري في 24 أبريل القادم بدون مفاجآت كبيرة .
حيث أكدت التجديد للمسار الوطني والمسار الاوروبي الذي يتبناه الرئيس الفرنسي ماكرون الذي قاد حملته الانتخابية حول هذا المسار. وتراجع كبير للأحزاب الفرنسية التقليدية سواء من اليمين أو اليسار حيث لم يحصل مرشحي بعض هذه الأحزاب على نسبة 2 أو 3%.
ورغم عدم وجود فارق كبير بين هاذين المترشحين, حيث حصل الرئيس ماكرون على 28% من الأصوات وماري لوبان على 23%’ إلا أن نتيجة الدور الاول هي نفس نتيجة الدور الاول في إنتخابات 2017 التي شهدت صعود نفس المرشحين للدور الثاني.
وحسب جميع المتخصصين واستطلاعات الرأي بان الرئيس ماكرون سوف ينال أغلبية مريحة في الدور الثاني نظرا لأن قوى اليمين التقليدي واليسار والخضر والوسط أعلنت جميعها بأنها سوف تصوت للرئيس ماكرون بعد أسبوعين حتى لا تعطي الفرصة لفوز اليمين المتطرف بقيادة ماري لوبان.
وشهدت هذه الانتخابات المفضلة للناخب الفرنسي بالمقارنة مع الانتخابات البلدية والتشريعية التي تشهد مشاركة ضعيفة لا تتجاوز 20% ترشح 12مرشحا يمثلون تيارات سياسية عديدة وأحيانا ترشح عدة مرشحين من نفس التيارات السياسية. ويمكن القول بان هذه الانتخابات تميزت بالجوانب التالية :
1-تأثير الأزمة الروسية الاوكرانية على هذه الانتخابات حيث يؤيد جميع المرشحين أأوكرانيا ويؤيدون فرض عقوبات مالية وإقتصادية على روسيا. وفرنسا التي ترأس الإتحاد الاوروبي حاليا لا يمكنها أن لا تتأثر بالأحداث الحاصلة أوروبيا وعالميا.
2- تجدد المنافسة الشديدة بين حزب الوسط وحزب اليمين المتطرف دون أن تتمكن الأحزاب التقليدية أو الجديدة أن تنال نسبة الحسم.
3-تراجع اليمين التقليدي ممثلا بالمرشحة فاليري بكريس زعيمة الحزب الديغولي الشيراكي التي نالت فقط 4% من أصوات الناخبين واليسار الإشتراكي ممثلا بالمرشحة أن هيدالغو التي نالت فقط 3% من الأصوات والحزب الشيوعي الفرنسي ممثلا بفابين روسل الذي نال 2% من أصوات الناخبين , وحزب الخضر بقيادة أنيك جادو الذي نال 4% من الاصوات.
4-صعود التيار اليميني المتظرف بوجود حزب جديد يترأسه عدو المهاجرين والهجرة إيريك زمور الذي نال 7% من أصوات الناخب الفرنسي.
هذا التيار المشكك في الاتحاد الاوروبي والمناهض للهجرة دعا للتصويت لمرشحة اليمين المتطرف في الدور الثاني.
5-غياب مرشحين عن المهاجرين سواء كانوا عرب أو أفارقة رغم أن عدد المسلمين في فرنسا يتجاوز 10 ملايين شخص , وقد صوت أغلب المهاجري لمرشح اليسار الوسط جون لوك ميلنشون
6- الصعود الكبير لمرشح اليسار الوسط جون لوك ميلنشون زعيم حزب فرنسا الأبية الذي نال 22% من الاصوات بفضل حملته الإنتخابية الناجحة ودعم الطبقات الشعبية له. وبعض اليساريين من الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي. إلا أن تشتت اصوات ناخبي اليسار أفقده العديد من الاصوات الكفيلة بجعله يحصل على المركز الثاني وينافس الرئيس ماكرون.
وبعيدا عن أية مفاجأات فأن الرئيس الحالي سوف يتمكن من الفوز بفترة رئاسية لمدة خمس سنوات إضافية بعد أسبوعين نتيجة دعم اليسار واليمين له وبهذا سوف يتم التجديد للمسار الأوروبي حيث أن الرئيس ماكرون من أشد المؤيدين للاتحاد الاوروبي وتوسيعه والذي تعزز موقفه بفضل دوره الديبلوماسي في الازمة الروسية الاوكرانية من خلال زياراته المتعددة لروسيا ولقاءاته وإتصالاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .
يمكن القول بأن ماكرون قد إستفاد كثيرا من كثرة المرشحين و ضعف المعارضة رغم أن حصيلة فترة رئاسته في الخمس السنوات الماضية كانت كارثية على الشعب الفرنسي ووجود تيارات معارضة لبرامجه الإقتصادية والإجتماعية مثل حركة السترات الصفر في الشارع الفرنسي لعدة سنوات ومظاهرات المتقاعدين وعدم رضا المواطن عن إدارته للازمة الصحية والإرتفاع الحاد في الأسعار والتضخم.
دون أن ننسى تراجع الدعم للطبقات الفقيرة والشعبية , وإغلاق العديد من الجمعيات الخيرية والثقافية والمجتمعية خصوصا في الاحياء الشعبية. مما أدى إلى تراجع قيم العدالة والحرية والأخوة وهي من مبادئ الجمهورية الفرنسية وفرنسا.
الملاحظ في جميع البرامج الإنتخابية لجميع المرشحين غياب التطرق لمعانة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي رغم أن المرشح ملينشون كان يتقد أحيانا الإعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ولكن في مقابلات تلفزية وليس خلال حملته الانتخابية.
إن التجديد للرئيس الحالي إيمانويل ماكرون يؤكد بأن السياسة الفرنسية على الصعيد الخارجي مستمرة, ومنها السياسة المتبعة في الشرق الأوسط والتي تركز بخصوص القضية الفلسطينية أن الإستيطان و ضم أي أراضي فلسطينية يعد أمرا مخالفا للقانون الدولي ويهدد حل الدولتين وتحقيق سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط. رغم وجود تراجع في الموقف الفرنسي الرسمي من القضية الفلسطينية.
بعد تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستديد في نهاية شهر فبراير 2022 أثناء العشاء السنوي لمؤسسة يهود فرنسا بأن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة الإحتلال الإسرائيلي , وإنتقاده لتقرير منظمة العفو الدولية حول إعتبار دولة الإحتلال دولة فصل عنصري , وإغلاقه ثلاث جمعيات مؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني في فرنسا لتؤكد وجود تراجع الموقف الفرنسي من قضية الشرق الاوسط وانحياز الحكومة الفرنسية للموقف الإسرائيلي.
وعدم الالتفات لمعانة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. كما سوف تستمر فرنسا في عهد ماكرون في دعمها للسلطة الفلسطينية حيث تعتبر فرنسا أكثر دولة في أوروبا داعمة لميزانية السلطة الفلسطينية. بالإضافة للمساعدات الإقتصادية والإنسانية لمؤسسات المجتمع المدني في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن ننتظر قرار رسمي فرنسي من الرئاسة الفرنسية او الخارجية الفرنسية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
هذا الإعتراف المنتظر سوف يفتح الباب لإعتراف دول أخرى من الإتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية مما يعزز الموقف الفلسطيني دوليا ويشكل عامل ضغط جديد على الجانب الإسرائيلي للعودة لمفاوضات التسوية والإعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة.
اخبار ذات صلة