أضحت الشعائر الروحانية والدينية في شهر رمضان المبارك، الخيار الأوحد لشعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وأصبحت الصلوات الملجأ الأخير، أملاً باستجابة عدالة السماء، راجين الله جل شأنه أن يزول الاحتلال عن المسجد الأقصى وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية.
واليوم فجراً، توافد مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني، الا أن الاحتلال يأبى إلا أن يكدر صفو الصائمين العابدين لله، فاقتحمت قوات الاحتلال المدججة بكل أنواع السلاح، المسجد الأقصى فجراً، واعتدت على المصلين وأوقعت أكثر من 160 إصابة، واستمرت حتى ساعات الصباح، ورغم الاعتداءات الاحتلالية التي استمرت لساعات في الأقصى ومحيطه، والإغلاقات والتضييقات التي فرضتها قوات الاحتلال على أبواب الأقصى والبلدة القديمة والحواجز العسكرية المحيطة بمدينة القدس، تمكن نحو 60 ألف مواطن من دخول المسجد لأداء الصلاة في رحابه.
وبدأت قوات الاحتلال اعتداءاتها في المسجد الأقصى منذ ساعات الفجر، باقتحام باحاته بأعداد كبيرة عقب صلاة الفجر، وأطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت ووابل من الغاز المسيل للدموع تجاه المصلين، ما أدى إلى إصابة أكثر من 160 مصليا، بينهم اثنان في حالة الخطر.
وطالت اعتداءات الاحتلال مصليات المسجد الأقصى كافة، وبالأخص المصلى القبلي، الذي تعرضت نوافذه الزجاجية للتحطيم من قبل جنود الاحتلال، كما جرى اعتقال 400 من المعتكفين داخله بعد الاعتداء عليهم بقنابل الصوت والغاز والضرب بالهراوات.
ولم تكتف بذلك، بل أطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع الذي أطلقه الاحتلال داخل المسجد القبلي، أدى إلى لحاق أضرار مادية فيه، وتحطم بعض نوافذه.
مصادر تعنى بشؤون الأسرى، بأن قوات الاحتلال اعتقلت نحو 400 فلسطيني، من داخل المسجد القبلي، إثر الأحداث حيث تم نقلهم إلى مركز شرطة "متسودات أدوميم"، بالقرب من مستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي المواطنين.
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس، أقامت مستشفى ميدانيا داخل الأقصى، وأن طواقمها تعاملت مع أكثر من 160 إصابة، بينها مسعفون وصحفيون، مشيرة إلى أن معظم الإصابات تركزت في المناطق العلوية من الجسم، فيما تم نقل 27 إصابة الى مستشفيات القدس.
وقد استنفرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني جميع طواقمها، حيث انطلقت 4 سيارات إسعاف، لإسعاف الجرحى، إضافة إلى طواقم من مؤسسات أخرى، وتمكنت من إخلاء معظم الإصابات رغم إجراءات الاحتلال.
وقد أصيب أربعة من طواقم الجمعية في اعتداءات قوات الاحتلال التي هاجمت سيارتي إسعاف تابعتين للجمعية.
مستشفى المقاصد في القدس، استقبل العشرات من اصابات الأقصى، حيث تم إدخال ثمانية منها إلى غرفة العناية المكثفة، وإصابتين إلى العمليات
وفي الحقيقة:
كانت النية مبيتة، لاقتحام المسجد بهدف فرض واقع جديد حيث اعتلت قوات الاحتـلال الأسطح قرب باب السلسلة، وانتشرت بشكلٍ مكثف في محيط المسجد الأقصى، قبل اقتحام باحاته من عدة أبواب، كما اعتلت سطح المصلى القبلي، وشرعت بقمع المصلين بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز باتجاههم.
حقاً:
جاوز الظالمون المدى، باقتحامهم المسجد، غير ٱبهين بمشاعر المصلين الصائمين، وهذا تجاوز لكل الخطوط الحمراء، الأمر الذي يستدعي، توفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا
وهذا العام من أقسى الأعوام التي مرّت على المسجد الأقصى المبارك، ففيه نفذ المستوطنون اعتداءات استثنائية دفعت جماعات الهيكل المتطرفة للإعلان أنها أتمت كافة الأهداف التي وضعتها لنفسها في الأقصى خلال الأعياد التوراتية، وأنها قطعت شوطا على طريق فرض كافة العبادات التوراتية فيه من دون أن تواجه الردع.
وفي كل يوم تقتحم باحات الأقصى جماعات متطرفة وبأسماء متعددة ومنها جماعة العودة إلى جبل الهيكل، حيث تم النفخ في البوق (أحد الطقوس التوراتية) داخل الأقصى ويقوم المتطرفون بإدخال سعف النخيل ثمار عيد العُرش إلى المسجد كما يرفعوا العلم الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى في معظم الأعياد اليهودية.
ومن أخطر الانتهاكات التي سُجلت أيضا إقدام الحاخام المتطرف يعقوب هيمن على نشر صورة لقبة الصخرة وإعلانه عن الحاجة إلى مهندس متخصص في هدم المنشآت لتقديم مقترح لكيفية إزالة المبنى، لبناء المعبد الثالث مكانه.
وفي عيد الأنوار التوراتي (الحانوكاه) أشعل المتطرفون الشموع والولّاعات في الأقصى إشارة إلى شمعدانهم ورفعوا لافتة كُتب عليها "جئنا لنطرد الظلام ...
عام 2022 سيكون عاما حاسما في تاريخ الأقصى وحاضره ومستقبله، لما سيحمله من ملفات ورثها عن عام 2021 على كل من الصعيد الديني والأمني والإداري.
فعلى الصعيد الديني، تترقب جماعات الهيكل المتطرفة عام 2022 نبوءات ومعتقدات تنتظرها هذه الجماعات منذ سنوات طويلة، سواء تلك المتعلقة ببناء الهيكل المزعوم وظهور المسيح المُخلّص "في حالات التفاؤل لدى بعضهم أو المتعلقة بإحداث تغييرات جذرية على أرض الواقع، سيسهلها الرب لهذه الجماعات داخل الأقصى
اقتحام المسجد الأقصى فجر اليوم، ووقوع هذا العدد الكبير من الإصابات يحتم على الجميع اليقظة، وهنا نتوجه إلى أبناء شعبنا وخاصة المقدسيين وكل القوى السياسية الفاعلة في المجتمع الاتفاق على خطة وطنية موحدة لحماية الأقصى، لأننا أمام واقع صعب، ففي كل يوم تتناسل المنظمات الإرهابية الصهيونية المتطرفة التي تستهدف المسجد الأقصى
يا أبناء شعبنا الحبيب
توحدوا
وكونوا على قلب رجل واحد
احموا الأقصى بأرواحكم
واجسادكم
وبكل ما تملكون من قوة
فالاحتلال يستثمر انشغال العالم بأزمة أوكرانيا، ويود تحويل الصراع إلى حرب دينية