شعاري دومًا:" الإرادة والإدارة؛ ليتحقق النجاح "، شعارٌ تبنته الشابة المبدعة مريم أسامة الزناتي من قطاع غزة منذ نعومة أظفارها، حتى تم منحها عضوية سفيرة فلسطين في قمة المعلمين بمؤتمر T4 العالمي الذي يضم أكثر من 40ألف معلم ومعلمة على مستوى العالم وللعام الثالث على التوالي.

البنتُ الطموحة

كانت بداية سفر الزناتي على طريق النجاح منذ نعومة أظفارها، وهو ما كان واضحاً بتفوقها الدراسي في جميع مراحلها الدراسية الابتدائية او الإعدادية او الثانوية، تقول الزناتي: " كنت مُلّقبة بمدرستي بالبنت الطموحة، وكنت ولا زلت أسعى نحو تحقيق شغفي في رسم اسمي على جدران التميّز".

وخلال مرحلتها المدرسية شاركت بمسابقاتٍ للبحث العلمي، وحازت على أفضل العروض المقدمة، بالإضافة لفوزها بالمرتبة الأولى في مسابقاتٍ عديدة على مستوى مدارس قطاع غزة، كمسابقة منهاج الثانوية العامة وحفظ الأربعين النووية وشاركت في عمل أنشطة وورش عمل ولقاءات محلية ودولية خاصة لطالبات المدارس في قطاع غزة مع معلماتها في الثانوية العامة، وأسست لهم صفحة خاصة بمبادرتهم المدرسية باسم:" مبادرة فلسطينيون حول العالم " والتي تعتبر من أفضل المبادرات التي تقدمها المدرسة.

 

فرحة مغلفة بالحزن

حرمت الحرب "الإسرائيلية" على غزة عام 2014، مريم وعائلتها من الفرحة بنتيجة الثانوية العامة، وعلى الرغم من حصولها على معدل بتقدير امتياز، إلا أن مشاهد الدماء والدمار جعلت الفرحة منقوصة، ولم تكن تتخيل أن تفقد بعد أيامٍ أخ أمها، الذي أحبها وأحبته.

 وبلغة الحزن والاشتياق تروي لنا مريم كيف بعث لها خالها الشهيد رائد الحلبي هدية النجاح في أول فرصةٍ سنحت له خلال الحرب، ولوضعه الخاص أرسل الحلبي زوجته لبيت أخته حاملةً هدية نجاح مريم، آمراً إياها بإحضار مريم وأختها لرؤيتهم، ولم يكن يجول بخاطرها أنها كانت رؤية الوداع.

نجاح رغم الظروف

التحقت مريم بتخصص اللغة الإنجليزية بكلية التربية بالجامعة الإسلامية، وهو ما اعتبرته بداية قوية لنجاحاتٍ متتالية، فبالإضافة لشهادة البكالوريوس، تحمل الزناتي الآن ما يزيد عن 100 شهادة علمية وعملية بعدة مجالات مختلفة.

وتم تكريمها لأفضل قصص نجاح خريجي كلية التربية في الجامعة الإسلامية عام 2020 وتم نشر قصتها كأفضل قصص نجاح مؤثرة في العالم ببريطانيا على موقع Global Translations Community   هذا العام، بالإضافة لاختيارها كأفضل قصة نجاح لخريج كلية التربية عن كيفية تصميم المحتوى الرقمي للمناهج التعليمية كخطوة في مسار العمل الحر لخريجي كلية التربية.

عضويات عالمية

تم منح الزناتي عضوية سفيرة فلسطين في مؤتمرT4 العالمي الذي يضم أكثر من 40ألف معلم ومعلمة على مستوى العالم في عام 2020 و2021و 2022بالاضافة لحصولها على عضو محترف عالمي من قبل مؤسسة IGP للمدربين في بنغلادش، ورابع معلّمة على مستوى فلسطين تحصل على لقب معلّم معتمد لدى منصة Nearpod العالمية، وعضو رسمي لدى منصات أجنبية عالمية متعددة للتعليم عن بعد مثل Waklete و Buncee و Microsoft Education.

سوق العمل

تعمل الزناتي حالياً معلمة للغة الانجليزية عن بُعد لعدد من الطلاب من مختلف الوطن العربي، كما وعملت سابقًا كمعلمة في مدرسة السلام لأطفال الزيتون الخاصة، وشغلت منصب مدير تنفيذي لمجموعة جسور للتواصل الدولي التابعة لمجلس العلاقات الدولية في فلسطين ومدير علاقات عامة في جمعية مركز الإرشاد التربوي، وناشطة في الإعلام الأجنبي الحكومي، ومصممة دورات تدريبية ومناهج تعليمية الكترونية على منصة Alison المختصة بالتعليم عن بُعد في ايرلندا.

منصة مريم

أنشأت مريم منصتها التعليمية الأولى على مستوى فلسطين باسم "mariamid.com "والتي تتخصص فقط في أعمالها بتصميم المناهج والألعاب التعليمية الالكترونية والتي تهدف الى تقديم خدمتين خاصة بطلاب المدارس ومدراء المشاريع في المؤسسات.

وقامت بتصميم أول دورة تدريبية تفاعلية خاصة بمدراء المشاريع على مستوى الوطن العربي والتي كانت بعنوان "الرشاقة في إدارة المشاريع"، مضاف إلى ذلك العديد من تصميم الألعاب التعليمية التفاعلية الالكترونية الجديدة التي تم نشرها عبر منصة mariamid.com.

مشاريع للقضية الفلسطينية

بموجب عملها بالإعلام الحكومي الأجنبي والعلاقات الدولية، عملت مريم على إنشاء فكرة برنامج تدريبي مع تنسيقه بكامل مخرجاته لمدة 6 شهور كأول برنامج تدريبي على مستوى فلسطين مختص بالقضية الفلسطينية، مستهدفاً خريجي اللغة الإنجليزية، وتم بخلاله تخريج 30شاب وشابة من مختلف جامعات قطاع غزة.

ويهدف ذاك البرنامج إلى تعزيز وتنمية قدرات الخريجين وتوصيل رسالة القضية الفلسطينية أمام المحافل الدولية، وذلك بإشراف مجلس العلاقات الدولية في فلسطين وبالتعاون مع معهد التعليم المستمر في الجامعة الإسلامية –غزة.

مشاريع نوعية قيد التطوير

تعمل الزناتي حالياً بمشاركة مجموعة من خبراء الاختصاص من مختلف التخصصات العلمية والتقنية، على إنشاء شركة خاصة باسم " Technologize Me "، لتأهيل وتطوير ذوي الإعاقة على استخدام الهواتف الذكية من خلال تقديم الدعم التقني والعلمي لهم في الدخول لعالم التكنولوجيا، وقد تم تأسيس موقع ويب خاص بهم باللغتين العربية والانجليزية إلى هذه اللحظة.

معيقات التطوير

نظراً للأوضاع الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، اشتكت مريم كثرة الصعوبات التي تقف في طريق تحقيق آخر مشاريعها النوعية على مستوى فلسطين، فعدم توفر الدعم المادي لشركة   Technologize Me جاء عائقاً أمام استكمال مخرجات وأنشطة أعمال الشركة التي تخدم كل أشكال ذوي الإعاقة وتأهيلهم وتطويرهم في استخدام الهواتف الذكية من خلال عمل برامج الكترونية وتصميم مناهج خاصة بهم.

وتأمل الزناتي كل الأمل في تبني أي جهة لمشروعها النوعي، والذي يعد من أول المشاريع فلسطينياً وعربياً لذوي الإعاقة من جهة، ونجاحاً يضاف لسجلات نجاحاتها من جهةٍ أخرى.

 

لا توقف حلمك

وفي ختام حديثنا مع مريم الزناتي ابنة الخامسة والعشرين ربيعاً، في قصة نجاحها وابداعها، قالت" أنا لم أتوقف عن الحلم، وتحديت المستحيل"، مشيرةً إلى أنها لم تجعل كل محطمات الأحلام التي تمر بها غزة من أن تقف أمامها أثناء شق طريق النجاح، متمنيةً من كل الشباب استثمار أصغر الفرص وأكبرها ليصلوا نحو القمة.