غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

60 ساعة من الحرية

خالد صادق.jfif
بقلم/ خالد صادق

بعد ما يقرب من ستين ساعة من تنفيذ المجاهدين البطلين الشابين أسعد يوسف الرفاعي (19 عامًا) وصبحي عماد أبو شقير (20 عامًا) خرج البطلان من عرينهما في أحراش منطقة «رأس العين» القريبة من مكان تنفيذ العملية على بعد نحو 500 متر حسب مصادر العدو، ورصدتهما كاميرات المراقبة وتوجهت وحدات عسكرية كبيرة لاعتقالهما في المكان, كانت الكلمات الأولى في اعقاب اعتقالهما من الاحتلال الصهيوني, ان عمليتهما البطولية جاءت ردا على ما حدث ويحدث داخل المسجد الأقصى المبارك, ليؤكدا على عمق الارتباط بين الفلسطينيين ومسجدهم المبارك, وانهم يفدونه بأرواحهم, وان الاحتلال سيدفع ثمن عدوانه المتكرر والمستمر على الأقصى, فما فعله الاحتلال في الحرم الابراهيمي الشريف لن يسمح الفلسطينيون بفعله في المسجد الأقصى المبارك, ودون ذلك أرواحنا ودماؤنا, فمعركتنا مع الاحتلال عنوانها ومحورها ومركزيتها القدس برمزيته الدينية التي هي جزء من عقيدتنا وهو المسجد الأقصى المبارك, أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين, مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه الى السماء, فالقدس في قلب الخط الأحمر ومن واجبنا ان ندافع عنها ونحميها من مخططات الاحتلال مهما كلفنا ذلك من تضحيات, وهى من الثوابت الأربعة ذات العناوين الكبيرة التي لا تقبل المساومة (الانسان, الأرض, العقيدة, المقدس), فكل ثابت من هذه الثوابت يمثل نهجاً لن نحيد عنه.

ستون ساعة من الحرية لها طعم ومذاق خاص, نتذوق حلاوتها كما تذوقنا من قبل حلاوة أيام الحرية لأسرى عملية انتزاع الحرية الذين استطاعوا تحرير انفسهم من سجن جلبوع الصهيوني المحصن, بعد ان ضربوا نظرية الامن الصهيونية لتتهاوى تحت اقدامهم صريعة وهم يصنعون النصر على الأعداء, ستون ساعة من الفشل الصهيوني في الوصول الى المجاهدين الفلسطينيين وهما على بعد نصف كيلو متر فقط من مكان تنفيذ العملية, فالانتشار الأمني الكثيف في المنطقة, واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة واستخدام الكلاب البوليسية المدربة, ونشر وحدات سرية وإقامة حواجز عسكرية, ومشاركة الطائرات في عمليات البحث, كل ذلك فشل في الوصول الى المجاهدين أسعد وصبحي, ولم يستطع الاحتلال ان يصل اليهما الا عندما خرجا من عرينهما بحثاً عن الطعام كما قال الاحتلال, الجميع يدرك ان اختفاء الشابين كل هذه الساعات هو فشل للاحتلال, وقد وجهت انتقادات لاذعة للحكومة الصهيونية بعد ان تحولت منطقة العاد ومحيطها الى مناطق اشباح, وامتنع المستوطنون من التحرك فيها, وحذرت حكومة الاحتلال المستوطنين من الخروج من منازلهم, وذلك خوفا من قيام الشابين بعملية أخرى مما يعنى ان الخطر كان قائما على مدار اكثر من ستين ساعة من الحرية, شعر فيها شعبنا الفلسطيني بالنشوة والانتصار, وان هذا الكيان الصهيوني هو كيان واهن وضعيف, ومن الممكن ان ينهار امام ضربات المقاومة.

الحرية ترفرف بجناحيها في فضاء فلسطين فتخرج من نفق سجن جلبوع الى جنين القسام الى غزة الاحرار الى نابلس جبل النار، الى باحات الأقصى وحماته الابطال الذين يذودون عنه ويواجهون بصدورهم العارية الجنود وقطعان المستوطنين الأشرار. رايات الحرية ترفع في باحات الأقصى وعلى قبة الصخرة المشرفة لترسم ملامح النصر الذي ينشده شعبنا الفلسطيني، حتى عندما يستخدم الاحتلال صورة اعتقاله للبطلان المجاهدان اسعد وصبحي لتسويقها على انه انتصار لمنظومته الأمنية, فانه لن يستطيع ان يعمي على نصر شعبنا الذي فرض على الاحتلال منع ذبح القرابين في الأقصى, وفرض عليه وقف مسيرة الاعلام التي أراد المستوطنون تنظيمها في القدس واقتحام المسجد الأقصى, وفرض عليه عدم السماح برفع العلم الإسرائيلي داخل باحات الأقصى, انها سياسة الردع التي نجحت فصائل المقاومة الفلسطينية وأبناء شعبنا في فرضها على حكومة نفتالي بينت, وهو الردع الذي يؤسس لمرحلة النصر, لكن المطلب دائما ان نبقى في حالة مشاغلة مع الاحتلال, حتى لا يمرر مخططاته في المسجد الأقصى ويقوم بتقسيمه زمانيا ومكانيا, فاذا ما ركنا قليلا واسندنا ظهرنا الى الحائط لكي نستريح, فسنجد الاحتلال ينقض علينا وينتزع منا قدسنا ومسجدنا, وينتزع ارواحنا, فهو يتربص بنا ويود ان نغفل عن مخططاته ولو شيئا قليلا فيميلون علينا ميلة واحدة, لذلك مطلوب ان نبقى متيقظين لإفشاله.

ما فعله المجاهدان اسعد الرفاعي وصبحي أبو شقير في العاد, أصاب الإسرائيليين بالإحباط الشديد, بعد ان تصدعت صورة الجيش الذي لا يقهر امامهم, فبالفأس والسكين حطم الفلسطينيون الابطال نظرية الامن الصهيونية, وادخلوا «إسرائيل» في نزاعات وتباين في المواقف, واظهرت الجبهة الداخلية الصهيونية حالة ضعف كبيرة, وتولد لدى الإسرائيليين شعور بالقهر من حكومتهم التي وعدتهم واكتشفوا ان ما وعودهم الا غرورا, فقد كان نفتالي بينت وحكومته يعدهم ويمنيهم, بالأمن والاستقرار والسلامة, والحق في ممارسة طقوسهم التلمودية في باحات الأقصى, لكنهم وجدوها مجرد وعود بلا قيمة, والامر لا يعدو انه تسويق فاضح للوهم.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".