غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بلا مساحيق.. القدس والمسجد الأقصى وماذا بعد؟

د. أسعد جودة.jpg
بقلم/ أسعد جودة

المسجد الأقصى، هو آية في كتاب الله "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" هو قبلة المسلمين الأولى وتشد الرحال اليه، وثالث الحرمين الشريفين، منه تم الصعود وفيه اكتمل الدين وإمامة الأنبياء جمعيا عليهم السلام، أرض المحشر والمنشر وأقصر الدروب في ربط السماء بالأرض.

فتح المسلمون بيت المقدس العام ١٥ هجري ٦٣٦م، وجاء الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفلسطين وتسلم مفاتيحها من البطريرك صفرونيوس، وأعطاهم العهدة العمرية، وكما روى عن سيدنا عمر عليه رضي الله عنه كان يقول من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس.

ظلت فلسطين والقدس تحت حكم الإسلام، الى أن احتلها الصليبيون عام ١٠٩٩م وارتكبوا المجاز وقتلوا معظم أهلها ومكثوا فيها قرابة ٨٨ عام، وحولوا مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة السيد المسيح، أما المسجد الأقصى فحولوا جزءاً منه إلى كنيسة، والجزء الآخر إلى إسطبلات خيول.

القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي حررها عام ١١٨٧م وعادت لحضن قيادة الأمة الإسلامية تتابعا لحين احتلالها على يد الجنرال البريطاني إدموند اللنبي في ديسمبر/كانون الأول 1917م.

بعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية وتقسيم ممتلكاتها واتفاقية سايكس - بيكو الكارثية وتحويل جسم الدولة الخلافة الى فسيفساء بما يسمى الدولة القطرية والحدود المصطنعة المتفجرة والاستقلالات الوهمية وأنشأوا جامعة الدول العربية العام ١٩٤٥م.

وجاء وعد بلفور المشؤوم ١٩١٧م، وبعدها قرار عصبة الأمم المتحدة ١٩٢٢م وانتداب بريطانيا على فلسطين لتترجم الوعد الى حقيقة.

هذه المستعمرة في العقل الغربي هي الثكنة العسكرية المتقدمة في الحوض العربي الإسلامي لتفتك به وتحول دون ترابطه، اذن هو جسم مستنبت ومزروع ليكون الذراع المتقدم في استمرار الهيمنة والبلطجة وامتصاص الثروات ونهبها والحيلولة دون الوحدة بل نسف لكل تاريخ هذه الأمة وجوهر وجودها العقدي عبر تدنيس المقدس وهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم، حتى وصلت للحظة التي يعلن عن قيام المستعمرة الملعونة ما يسمى دولة اسرائيل في ١٥ مايو ١٩٤٨م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية العام ١٩٤٥م.

العدو الصهيوني ومنذ الإعلان عن قيامه وهو يعمل على مدار الساعة لترجمة رؤية هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية والأب الروحي للدولة اليهودية ومقولته "لا قيمة للصهيونية بدون قيام دولة يهودية (اسرائيل) ولا قيمة لإسرائيل بدون أورشليم ولا قيمة لأورشليم الا بوجود الهيكل ".

وجاءت المرحلة الثانية في استكمال المشروع بمسرحية العام ١٩٦٧م التي يطلق عليها نكسة؟! وهزيمة أنظمة عربية واستلام بقية جغرافية فلسطين الضفة الغربية القدس الشرقية وقطاع غزة، وأراضي عربية أخرى سيناء المصرية والجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية للدخول مستقبلا بمفاوضات لعقد اتفاقات سلام بدل الهدنة.

اليوم بعد ٧٤ عام من الإعلان عن قيام المستعمرة(اسرائيل) و٥٥ عام على احتلال بقية فلسطين وصل العدو للنقطة الحرجة الذي لا يمكن أن يتراجع عنها وهي حسم موضوع مشروع القدس الكبرى بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل لاستكمال رؤية المؤسس هرتزل وجوهر وجود الدولة كما يزعمون؟! على طريقة شكسبير في مسرحية هاملت " To be or not to Be نكون او لا نكون.

على الجانب الآخر الواقع الفلسطيني والعربي والاسلامي اليوم شديد التعقيد والتأزم، م.ت.ف دخلت في مقامرة سياسية من منتصف السبعينيات بتشجيع عربي وإسلامي رسمي مصحوبا بمباركة وتسهيل دولي حتى عام ١٩٩٣م تمخض بولادة اتفاق مشوه أعطى أرض فلسطين التاريخية ٧٨% للعدو وأعترف به وقبل بالتفاوض على ٢٢% وأجل البحث في القضايا الجوهرية القدس والعودة والحدود والسيادة، مضى عليه قرابة ثلاثين عام لم ينتج الا الموت والدمار وللأسف الشديد حتى العرب قفزوا عن مبادرتهم ٢٠٠٢م المتمخضة عن قمة بيروت ، سيئة الذكر ويتسارعون للتطبيع والهرولة ولم يعودوا قادرين على الانتظار.

في المقابل القوى الرافضة لمشروع الهوان من بداياته حماس - والجهاد الإسلامي وانحازت معها غالبية فصائل المنظمة وأخرى خارجها ليقينها أن المعركة مستمرة والعدو ماض في المخطط الاحللالي والتصفوي للقضية ، الجسم الرافض وتحديدا حماس والجهاد الإسلامي تعرض لكل صنوف القمع والاضطهاد لثنيه عن مواصلة الطريق.

قوى المقاومة بإيمانها الراسخ بحتمية الانتصار وزوال الاحتلال الذي لم يتزعزع في أحلك الظروف ظلت تراكم وتعزز وتطور من قدراتها وأجبرت العدو على الهروب من غزة كما هرب من جنوب لبنان لارتفاع كلفة احتلاله، وعادت غزة العزة أرض محررة شيد عليها سلطة مقاومة، شن عليها العدو أربع عدوانيات تدميرية قتل عشرات الألاف وجرح أضعافهم وهدم وشرد ولكنه فشل فشلا ذريعا في تحقيق أهدافه بتغيير الواقع وإعادة الاحتلال وحاصرها قرابة خمس عشر عام متواصلة ولا زال لكسر الارادة وكي الوعي ولم يفلح.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".