قائمة الموقع

بعد 9 شهور.. دموع فرحٍ واشتياق كبيرين بين "محمود وباسمة"

2022-05-26T19:37:00+03:00
محمود العارضة.jpg
شمس نيوز - مطر الزق

لا يأبهون لحرارة الشمس؛ فقلوبهم وآذانهم مشتاقة لسماع الأخبار المفرحة عن محمود، ذاك البطل الذي أذل وأركع واحدة من أقوى المنظومات العسكرية والاستخباراتية في العالم، كبارٌ وصغار ينتظرون بلهفة كبيرة وصول باسمة وأحمد اللذين غادرا المنزل صباحًا وعادا منهكين من سفر استمر نحو 8 ساعات متواصلة.

ما أن وصل الشقيقان حتى تجمع أهل القرية حولهما، وتهافت الجميع لسماع الأخبار، في تلك اللحظات أزيل التعب عن جسد باسمة وأحمد، وبدأت تتسع حدقات أعينهم؛ لتفسح المجال أمام الدموع لتنهمر فرحًا لما شاهدوه؛ كأنهما تحررا من الاعتقال، وارتسمت البسمة على وجهيهما، حتى كاد جسدامها يرتجفان.

لوحت باسمة شقيقة قائد عملية "نفق الحرية" في سجن جلبوع الأسير محمود العارضة من نافذة الباص يمينًا ويسارًا للحشود التي تنتظرها بشغف، ولسان حالها يقول: "الحمد لله الحمد لله، كل الناس جاءت لتسمع أخبار محمود"، كانت باسمة في تلك اللحظات عائدة من أول زيارة لشقيقها القائد محمود بعد نحو 9 أشهر من منع زيارته عقب عمليته البطولية التي أذل فيها إدارة مصلحة السجون.

تتوقف باسمة هنا قليلًا؛ لتعود في ذاكرتها إلى يوم معرفتها بالسماح بزيارة محمود قائلة: "كنت أشعر بالخوف والارتباك، كنت أخشى أن يرفض جيش الاحتلال السماح لي بلقاء محمود، لكن الحمد لله، الأمور سارت على ما يرام- بفضل الله تعالى".

في ساعات المساء من يوم الثلاثاء الموافق 24 مايو 2022 تحول منزل القائد العارضة إلى خلية نحل، حيث بدأت باسمة وشقيقها أحمد يتفقدان حقائبهما، تسأل باسمة شقيقها، هل وضعت تلك الملابس لمحمود؟ إنه يحب هذا النوع من الملابس"، وهكذا جهزت باسمة نفسها للقاء حبيب قلبها، ودرة عينها جنرال الأسر.

وعندما حل صباح يوم الأربعاء أسرعت باسمة وأحمد لحمل الحقائب متجهين إلى معتقل ريمون، وفي الطريق شعرت باسمة بخوف شديد، متسائلة: "هل سيسمح لنا الجنود بزيارة محمود؟"، نعم فقد تخطت الحافلة التي أقلتهم الحاجز بسلام، ووصلت إلى سجن ريمون حيث يقبع فيها الجنرال محمود.

توقفت الحافلة أمام المعتقل، وبدأ قلب باسمة يخفق بشدة، وجسدها يرتعش فرحة بلقاءٍ كانت تنتظره طويلًا، تُسابق خطواتها خطوات شقيقها أحمد، فكانت تتقدم عليه حينما دخلت إلى صالة الانتظار، وبدأت تقول: "مش قادرة أعصابي راحت، وينك يا محمود"، وإذ به يلوح بيده من باب الزنزانة على بعد 100 متر.

قفزت باسمة من كرسيها، متجاوزة شقيقها؛ كأنها في مسابقة للوثب الطويل، لكن فرحتها باحتضان محمود اصطدمت بالزجاج العازل الذي يمنع احتضان الأهل بأبنائهم الأسرى؛ ليكتفي الجميع بالمحادثات الهاتفية، تمكنت باسمة من الوصول أولًا لسماعة الهاتف، لكن دمعها كان أسرع من النطق بكلمة واحدة أمام شقيقها الجنرال.

"تسألنيش يا محمود، أنا إلي بدي أسألك، انت كيفك؟ كيف وضعك؟ كيف الأسرى؟، أسئلة رددتها باسمة بسرعة من شوقها للتعرف على صحة شقيقها؛ ليرد عليها بابتسامة الأبطال "أنا بخير الحمد لله رب العالمين كلنا بخير، معنوياتنا عالية جدًا".

خلال اللقاء الذي استمر نحو 45 دقيقة بين باسمة ومحمود، تبكي باسمة فرحة بلقاء شقيقها والاستماع إلى صوته، وبعد أن اطمأنت على صحته فجأة قال محمود: "هدول بخوفوش، في السجن بخافوا مني، ما تقلقيش علينا المهم طمنوني عن أمي والأهل والناس كلهم".

ركز محمود خلال حديثه الذي مضى كلمح البصر عن والدته البالغة من العمر (79 عامًا) والتي منعت من زيارة محمود قبل (13 عامًا) وقال لشقيقته: "كنت أريد لقاء والدتي؛ لكن لم يحصل ذلك، لكن أملي بالله كبير والناس إلى برا"، -يقصد هنا المقاومة-.

وحملت باسمة رسالة من محمود لكل الفلسطينيين، وأبناء الأمتين العربية والإسلامية، يبلغهم فيه تحياته واشتياقه لاحتضانهم جميعًا.

مع غمرة الفرحة بلقاء محمود، وارتياح قلب باسمة وشقيقها أحمد الذي رافقها بالزيارة، قطع حديثهم صوت "نحس" يقف خلفها يقول لها: "قومي انتهى الوقت" لترد عليه بعد 45 دقيقة: "الوقت ما مشي قبل قليل وصلنا"، لكن الحقيقة أن الوقت مضى كلمح البصر، ولم تشبع عينا باسمة من رؤية محمود.

تسلل في تلك اللحظة حزنٌ كبيرٌ إلى قلب باسمة، وبدت غاضبة من الصوت "النحس" الذي قطع انسجامها مع حبيبها محمود، لتدور في ذهنها تساؤلات عدة منها كما قالت: "كيف أغادر وأترك محمود في السجن؟، لسة ما اشبعت منوا".

بالدموع غادرت باسمة من سجن ريمون مودعة شقيقها محمود، وعادت إلى الحافلة؛ لكن الطريق أخذت وقتًا طويلًا جدًا نحو 4 ساعات ونصف، وهي نفس المدة التي جاءت بها؛ لكن ما قلل تعب باسمة في الطريق إلى ريمون هو الاشتياق لزيارة محمود.

بدأت الحافلة تقترب من أطراف بلدة عرابة، ونظرت باسمة من النافذة لتجد مجموعات كبيرة من الناس تنتظرها أمام بيتها، عدلت جلستها، وأخرجت ذراعها من النافذة تلوح يمينًا ويسارًا، ودون شعور انهمرت الدموع من عينيها، وأزيل التعب قائلة في نفسها: "الناس تنتظرني لأخبرهم عن محمود، كيف لو تحرر محمود من سجون الاحتلال؟".

وجاءت زيارة باسمة لشقيقها محمود بعدما أصدرت محكمة الاحتلال الإسرائيلي بالسجن الفعلي لمدة خمس سنوات إضافية إلى مدة اعتقال على الأسرى الذين تمكنوا من انتزاع حريتهم من سجن "جلبوع"، عبر نفق "الحرية" عقابًا لهم، وغرامة مالية بقيمة 5000 شيقل.

وكان الأسرى الستة تمكنوا في السادس من سبتمبر الماضي، من انتزاع حريتهم من زنزانتهم في سجن "جلبوع" عبر نفق حفروه على مدى أشهر؛ لكن أُعيد اعتقالهم خلال أسبوعين.

والأسرى الستة هم: محمود العارضة (46 عاما) من عرابة، ويعقوب قادري (49 عاما) من بير الباشا، وأيهم كممجي (35 عاما) من كفر دان، ومناضل انفيعات (26 عاما) من يعبد، ومحمد العارضة (40 عاما) من عرابة، وجميعهم من محافظة جنين، والأسير زكريا الزبيدي (45 عاما) من مخيم جنين.

اخبار ذات صلة