أكدت مصادر فلسطينية، يوم أمس الجمعة، صحة الأنباء التي تحدثت عن تقديم وزير المالية في حكومة رام الله شكري بشارة استقالته، ووضعها تحت تصرف رئيس السلطة محمود عباس، كاشفة أسباب الاستقالة.
وقال مصدر مقرب من وزارة المالية متحفظاً عن ذكر اسمه، لصحيفة "العربي الجديد"، إن "تقديم شكري بشارة استقالته ليس مفاجئاً، بل كان متوقعاً لمن يعرف طبيعة العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة محمد اشتية".
ولفت المصدر إلى أنه "في اجتماع المانحين الأخير الذي عُقد في بروكسل في التاسع من الشهر الحالي، كان كل من الرجلين يحمل ملفاً مناقضاً للآخر إلى حد كبير".
وفيما أكد المصدر أن الخلافات اتسعت بشكل كبير بين الرجلين أخيراً، حصر أسباب الخلاف في جزئيتين أساسيتين، الأولى هي؛ الترقيات والتعيينات الجديدة، الأمر الذي يرفضه بشارة في الوقت الحالي، ويؤيده اشتية.
أما الجزئية الثانية، فهي، بحسب المصدر، تتلخص بالمطالبات النقابية للموظفين العموميين في قطاع التعليم والمحاماة والهندسة والطب والقبالة، والتي أقرها اشتية في الآونة الأخيرة، ويرفضها بشارة بشكل كامل لأن المالية العامة لا تحتمل ذلك.
وتعاني الحكومة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة، ويرى المصدر أنه حتى لو استؤنفت المساعدات الخارجية الأوروبية، فإن الحكومة ستبقى تعاني من أزمة مصدرها بشكل رئيسي فاتورة الرواتب بأكملها، وقيمتها نحو مليار شيكل تقريباً (الشيكل يساوي 0,29 دولار أميركي)، وهي تساوي إجمالي 100% من إجمالي إيرادات الحكومة الفلسطينية الحالية (عائدات الضرائب التي تجمعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إضافة للضرائب التي تُجبى محلياً).
ويفسر المصدر أن "هذه المبالغ كلها تتوجه إلى فاتورة الرواتب، وتبقى النفقات التشغيلية والدين العام على الحكومة، ما يعني أن الوضع المالي في تعقيد أكثر".
غير أن مصدراً فتحاوياً آخر كشف أسباباً أخرى لاستقالة بشارة، قائلاً إنها "تأتي ضمن المماحكات واللوبيات التي يقوم بها أعضاء من اللجنة المركزية لحركة (فتح) ومسؤولين في الأمن، لخلق ضغط إضافي على اشتية ودفع الرئيس عباس لتغيير الحكومة".
وشغل شكري بشارة، البالغ من العمر (74 عاماً)، ويحمل الجنسيتين الفرنسية والكندية، منصب وزير المالية منذ عام 2013.
يذكر أنه لم يكن أيضاً على وفاق مع رئيس الحكومة الأسبق رامي الحمد لله.
ويتمتع بشارة بامتيازات وعلاقة مباشرة مع عباس، الذي عينه شخصياً بعد تقديم رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض استقالة حكومته، في إبريل/ نيسان 2013، إثر خلافات مع "أبو مازن" حول الصلاحيات.
قبول عباس بالاستقالة مستبعد
واستبعد مسؤول فلسطيني، فضل عدم ذكر اسمه، أن يقبل عباس استقالة بشارة، إلا إذا كانت هناك نية جدية لإقالة حكومة اشتية وتشكيل حكومة جديدة لا يعتبر بشارة مرغوباً عند رئيسها، أو يشترط عدم وجوده كشرط مسبق.