وجّه رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت رسالة "استغاثة" ونداء لما سمّاها بالأغلبية الصهيونية الصامتة، للوقوف ضد الحرب الدعائية المنهجية التي يشنها رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، وأركان المعارضة في اليمين الإسرائيلي، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مطالباً إياهم بالتصدي للحملات ضد الحكومة الحالية التي تقترب من إنهاء عام على تشكيلها منذ منحها الكنيست الثقة في 13 يوليو/ حزيران من العام الماضي.
وجاءت رسالة بينت الموجهة لما سمّاه بالأغلبية الصهيونية الصامتة، في ظل فشل ائتلافه الحكومي في الأسابيع الأخيرة في تمرير قوانين رئيسية، إثر قرار المعارضة بقيادة بنيامين نتنياهو إفشال كل مشروع قانون تقدمه الحكومة حتى لو كان في صالح دولة الاحتلال وجنودها، واستمرار الاحتلال وتكريس نظام الأبرتهايد الإسرائيلي.
كانت الحكومة قد اضطرت إلى تأجيل التصويت على تمديد أمر الطوارئ المعمول به منذ احتلال الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة في حزيران من عام 67، والذي ينظم مجموعة القوانين المدنية وتطبيقها على المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، مقابل منظومة القوانين والأوامر العسكرية التي تطبّقها دولة الاحتلال على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967. وينتهي مفعول هذا الأمر المدني بتطبيق القانون الإسرائيلي العام على المستوطنين نهاية الشهر المقبل.
وتسعى الحكومة لحشد تأييد له، في الوقت الذي فقدت فيه منذ أكثر من شهرين أغلبيتها العددية في الكنيست بعد إعلان رئيسة الائتلاف السابقة من حزب نفتالي بينت عضو الكنيست عيديت سيلمان الانسحاب من الائتلاف الحكومة والاستقالة من منصبها.
وحاول نفتالي بينت في رسالته التي نشرتها مواقع إسرائيلية مختلفة، صباح اليوم، وذكرت أن بينت عممها على شبكات التواصل الاجتماعي وطلب من الإسرائيليين مشاركتها وتعميمها على أوسع نطاق، أن يساوي بين ماكينة الدعاية والتحريض الذي تشنه المعارضة اليمينة بقيادة بنيامين نتنياهو وأحزاب الحريديم وحزب الصهيونية الدينية الفاشي الموالية له، وبين معارضة وانتقادات القائمة المشتركة للأحزاب العربية الثلاثة خارج الحكومة (الجبهة والحزب الشيوعي، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير).
وكتب بينت في رسالته، كما نشرتها المواقع الإسرائيلية اليوم: "قبل عام من اليوم، وصلت دولة إسرائيل إلى أسفل درك عرفته في تاريخها. فوضى، وانتخابات مكررة بدون توقف، وشلل حكومي، واشتعلت المدن المختلطة مثل عكا واللد في مواجهة حكومة محرجة ومتنازعة بينها، والسجود لشخص واحد (في إشارة إلى بنيامين نتنياهو)، وتسخير طاقات الدولة لاحتياجاته القضائية وضعف في مواجهة عدو قاتل أطلق صواريخ باتجاه القدس (في إشارة لحركة حماس ومعركة سيف القدس)".
ومضى بينت يقول في رسالته التي تشير إلى حجم اليأس والمصاعب التي يواجهها في ضبط حكومته "كنا على عتبة أيام قليلة فصلتنا عن انتخابات خامسة كانت ستفكك الدولة، وعندها اتخذت أصعب وأكثر قرار صهيوني في حياتي: تشكيل حكومة إنقاذ وطنية لتخليص إسرائيل من الفوضى وإعادتها لدور عمل طبيعية، والتحالف مع أشخاص ذوي آراء مختلفة ومغايرة جداً عن أفكاري لإنقاذ الدولة".
وأضاف "عرفت أن ماكينة دعاية سامة ضخمة ستستهدفني، وقبلت أن أكون الدرع البشري لدولة إسرائيل وتمكنت مع بقية أعضاء الحكومة من إعادة إسرائيل كدولة فاعلة وتنمو باستمرار".
ودعا بينت الإسرائيليين إلى التحرك والعمل ومشاركة رسالته، مرفقاً مقاطع فيديو تظهر التحريض الذي يواجهه أعضاء حكومته منذ تأسيسها من "الليكود" وقائده نتنياهو وباقي أقطاب المعارضة في اليمين، وبينها تصريحات لأعضاء كنيست في المعارضة مثل: "سندوسكم وندوس كل معيار أخلاقي"، و"سندوس على اليسار الإسرائيلي حتى النهاية"، و"سنعاقب الموظفين الفاسدين"، و"نسكب مائة طن من مواد التنظيف الحارقة على النيابة العامة".
كذلك تضمنت الرسالة عبارات تحريضية ضد حكومة بينت مثل: "عندما نعود للحكم ستعرفون ماذا يعني الليكود"، أو تلك المتعلقة بإطلاق دعوات الحرمان الديني التي أطلقها زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلال سموتريتش ضد أعضاء في الحكومة، مثل "من يشارك في هذه الحكومة يجب ألا يسمح له بدخول الكنيس للصلاة".
كما استذكر بينت المفاوضات والاتصالات التي أجراها زعيم "الليكود" بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة مع منصور عباس، رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية في الكنيست، والمدائح التي كالها أنصار نتنياهو لعباس، قبل أن يتحولوا لاتهام الحكومة الحالية بالاعتماد على أصوات "الإخوان المسلمين" و"مؤيدي الإرهاب".
وحاول بينت في رسالته الظهور بمظهر الضحية بسب التحريض من قبل نتنياهو وأنصاره، مشيراً إلى أن نتنياهو هدّده بأنه إذا لم يشكل حكومة معه فإنه سيشغل ضده ماكنة هائلة من التحريض عبر جيش "عرم من الطائرات الهجومية" (في استعارة من حياة العسكرة لدولة الاحتلال) لتشبيه الانتقادات والحرب الإعلامية التي شنها ويشنها عليه نتنياهو حتى اليوم، زاعماً أنه "فضّل مخالفة معسكر اليمين الذي جاء منه والذهاب باتجاه تشكيل الحكومة الحالية لإنقاذ إسرائيل".
واختتم بينت رسالته بالموازاة بين التحريض الدموي لزعيم حزب الكهانية الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، وبين معارضة رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة لسياسات الحكومة، علماً بأن الأخير أوصى سوية مع أحمد الطيبي بتكليف يئير لبيد بتشكيل الحكوم، بعد الانتخابات الماضية، بعد أن كان واضحاً آنذاك أن لبيد وبفعل موازين القوى ورغبته الجامحة في إسقاط نتنياهو، سيكلف نفتالي بينت برئاسة الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق كتب بينت يقول "يوجد على أرض الملعب الآن طرف واحد (ماكنة سموم هادرة وفتاكة لبن غفير، وعودة، ونتنياهو، وسموتريتش التي تمارس العنف والابتزاز، وكم هائل من الأخبار الزائفة"، بينما تلتزم الأغلبية الصامتة السعيدة بعمل الحكومة الصمت وتأخذ الأمور كأمر مفهوم ضمنا. إذا كنا لا نريد التدهور للوراء علينا جميعاً أن نتحرك، هذه الرسالة هي دعوة للتحرك".
ويحاول بينت من خلال رسالته هذه حشد تأييد شعبي في إسرائيل لحكومته، وربما لإطلاق الخطوط العريضة لحملة الانتخابات المقبلة، خصوصاً أن تقارير صحافية نقلت عن مقربين من نفتالي بينت أنه بات يسلم بأن حكومته لن تنهي ولايتها كاملة وأن مسألة سقوطها هي مسألة وقت لا غير.
في المقابل، رد حزب "الليكود" على ما جاء في رسالة بينت بقوله: "لا يمكن لأكاذيب بينت أن تحجب حقيقة قيامه بتسليم السيطرة في الدولة لأعضاء كنيست عرب ورفاقهم من مؤيدي الإرهاب. أسعار الوقود والمواد الغذائية والسكن تسجل أرقاماً قياسية في ارتفاعها. بينت ولبيد لا يفعلان شيئاً باستثناء دفع مليارات الشواقل أسبوعياً للقائمة الموحدة (بقيادة منصور عباس) والقائمة المشتركة (بقيادة أيمن عودة) وغيداء ريناوي زعبي فقط من أجل البقاء في كرسي السلطة. سنفعل كل شيء من أجل إسقاط حكومة الضعف والفشل وإقامة حكومة صهيونية قوية، تهتم بأمن ورفاهية كل مواطني إسرائيل".