يصادف، اليوم الاثنين، السادس من يونيو، الذكرى السنوية الثانية لرحيل القائد الوطني والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي السابق رمضان عبدالله شلح، والذي توفي إثر مرض عضال عن عمر يناهز 62 عامًا.
والقائد رمضان عبد الله شلح، ولد في الشجاعية بغزة في 1 يناير 1958، وهو أحد مؤسسي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والأمين العام لها بعد وفاة قائدها ومؤسسها الدكتور فتحي الشقاقي عام 1995، واستمر كذلك حتى مرضه عام 2018، عندما خلفه في المنصب القائد زياد النخالة.
نشأ القائد شلح وترعرع في حي الشجاعية بمدينة غزة، تلقى تعليمه المدرسي في غزة حتى حصل على شهادة الثانوية العامة، ثم غادر إلى مصر والتحق بجامعة الزقازيق وحصل منها على درجة البكالوريوس في علم الاقتصاد عام 1981.
في عام 1986 غادر إلى لندن لإكمال الدراسات العليا وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درم عام 1990.
أثناء الدراسة في جامعة الزقازيق المصرية تعرف على الدكتور فتحي الشقاقي، بالرغم من أنهما لا ينتميان إلى نفس التخصص فقد كان الشقاقي يدرس الطب في السنة الثانية، لبدأوا سويا بتأسيس حركة الجهاد الإسلامي.
بعد ذلك عاد إلى غزة وعمل أستاذًا للاقتصاد في الجامعة الإسلامية في غزة، اجتهد الدكتور في تلك الفترة بالدعوة واشتهر بخطبه الجهادية التي أثارت غضب الاحتلال الإسرائيلي ففرض عليه الإقامة الجبرية ومنعه من العمل في الجامعة.
واصل نشاطه الديني ثم سافر إلى الكويت وتزوج، عاد بعدها إلى بريطانيا، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل أستاذا لدراسات الشرق الأوسط في جامعة جنوب فلوريدا بين عامي 1993 و 1995.
وفي سنة 1995 جاء إلى سوريا راغبا في العودة إلى فلسطين، وبانتظار الانتهاء من أوراقه الخاصة بالعودة، التقى بالدكتور الشقاقي وعملا معا لمدة 6 أشهر لوضع الخطط لتطوير العمل الجهادي، وفي ذلك العام اغتال الموساد الدكتور الشقاقي.
والدكتور رمضان شلّح من بين الموضوعين على قوائم الإرهاب الأمريكي بتهمة "إدارة منظمة إرهابية تقوم بالتفجيرات وأعمال القتل وابتزاز وغسيل الأموال".
وتُوفي القائد رمضان شلح في بيروت في 6 يونيو (حزيران) 2020 عن عمرٍ ناهز 62 عامًا، وذلك بعد صراعٍ مع المرض خلال السنوات الأخيرة من حياته، ثم نُقل إلى مخيم اليرموك للاجئين في دمشق ليدفن هناك بجوار الشقاقي.
كان من المُقرر أن يُدفن في قطاع غزة حسب وصيته، وعلى الرغم من موافقة مصر على إدخال جثمانه عبر معبر رفح، إلا أنَّ إسرائيل رفضت الأمر. لذلك وبعد موافقة عائلته تقرر دفنهُ في مخيم اليرموك للاجئين في دمشق.
وفي هذه المناسبة، وجه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة رسالة، تحدث فيها عن القائد شلح ودوره وحضوره في مسيرة الجهاد الإسلامي.
وقال القائد النخالة في رسالته:" مَا أصعَبَ أنْ أتحدَّثَ عنْ قائدٍ فَلسطِينيٍّ بحَجْمِ الدكتورِ رمضان, وأُحِيطَ بِدَورِهِ وحُضورِهِ في مَسيرَةِ حَركةِ الجِهادِ الإسلامِيِّ مُنذُ تأسِيسِهَا أوِ انْطلاقَتِهَا، وفي مَسيرَةِ وجِهادِ الشَّعْبِ الفَلسطِينيّ، ومَا أصعَبَ على النَّفْسِ أنْ أتحَدَّثَ عنْ قائدٍ سَكَنَ اسْمِي بِجِوَارِ اسْمِهِ لِأكثَرَ مِنْ عِشرينَ عاماً رَاثِياً، وقَبلَهَا سَنواتٍ منَ العَمَلِ اللَّصِيقِ لأكثَرَ مِنْ عَشْرِ سنواتٍ أُخرَى.
وأضاف " فمُنذُ البداياتِ كانَ الدكتورُ رمضانُ رَحِمَهُ اللهُ حَيويَّةً وحَياةً لا تتوقَّفْ.. حُضوراً لَا تُلْغِيهِ كثيرٌ مِنَ المُعاناة، وعلينا أنْ نُدركَ أنَّ ذلكَ الزمنَ الجميلَ، زَمَنَ البِداياتِ, بِكُلِّ ما فِيهِ من حُضورٍ لأيقونَةِ الجهادِ الشهيدِ الدكتورِ فتحي الشقاقي المُتوهِّجِ على مَدارِ الوقت, أن تَتجاوَزَ حُضورَ الدكتورِ رمضانَ مُبدِعَاً ومُبادِراً وأنيسَاً في أحلَكِ الأوقاتِ وأجْمَلِها, فكانَ يتنقَّلُ بينَ الإبداعِ السياسيِّ والإبداعِ الحَركيِّ والثقافيّ, والحضورَ الذي لا تستطيعُ الجُغرافيا التي يتحرَّكُ فيها على اتِّساعِهَا تجاوُزَه".
وأكمل "لمْ تكُنْ لتَصدُرَ نَشرَةٌ داخليةٌ أو مَجلةٌ حركيةٌ دونَ حُضورِ اسْمِهِ اللامِعِ ولُغتِهِ البَليغة".
وتابع :"َرَفْتُهُ مُنذُ أكثرَ من ثلاثينَ عاماً ونَيِّف, لَمْ يَغِبْ لحظةً واحِدةً عن مَيدانِ الكِفاحِ بالكلمةِ والمَوقفِ والرأيِ في أعقَدِ الظروفِ وأيسَرِهَا, وخلالَ قيادَتِهِ للحَرَكةِ لَمْ يكُنِ الكِفاحُ المُسلَّحُ والمقاومةُ لِتُغادِرَ قلْبَهُ ورُوْحَهُ وعَقْلَه, مُحرِّضًا ومُنافِحًا وقائِدًا".
وأردف بالقول:" اللمْ تكُن جَوْلَاتُ السياسَةِ ودَهاؤهَا لِتنَالَ مِنْهُ ومِنْ إرادَتِه, يُدهِشُكَ وأنتَ تستَمِعُ إليهِ في كُلِّ شَيءٍ, مِنَ السياسَةِ إلى التاريخِ والقرآنِ والفِقْه, حتَّى النُّكتَةُ كانَ لهَا نَصيبٌ في جِلْسَاتِه.. إذا كَتَبَ أبْدَعَ وإذا تَحدَّثَ كانَ مُحارِباً ومُميَّزاً لا يُشَقُّ لَهُ غُبَارٌ في مَعركةِ الثقافةِ ومَعرفةِ التاريخِ وفَترَاتِ الصُعودِ والهُبوطِ التي مَرَّتْ بِها الأُمّة".
وأضاف " لَمْ أكُنْ لِأَتصوَّرَ أنْ أكتُبَ رَاثِياً الأخَ الحبيبَ والعزيزَ والقائدَ الدكتورَ رمضان وأنَا أكبُرُهُ بِسنوات لَكِنَّهَا إرادَةُ الله".
وقال :"لقَدْ كانَ أكثَرَنَا حُضُوراً وأكثَرَنَا ثقافَةً، لقَدْ تَوقَّفَـتْ رِحلَةُ أربَعَةِ عُقُودٍ مِنَ العَطاءِ السَخِيِّ والمُمَيَّزِ بِغِيابِه, ولكِنْ لَمْ يَنتَهِ الحُضورُ فِيمَا تَرَك، وسَتَكْتَـشِفونَ في مَوسُوعَةِ الأعمَالِ الكامِلَةِ للدُكتورِ رمضان التي سَتُصدِرُهَا الحركةُ قريباً، أنَّهُ يَستحِقُّ أكثرَ مِمَّا كُتِبَ عَنْهُ أوْ قِيْلَ فِيْه".
وختم رسالته قائلًا "سَلامٌ عَليكَ أبَا عَبدِاللهِ حَيَّاً ومَيِّتاً.. سَلامُ عَليك، كَمْ نَفتَقِدُكَ في مَسِيرَتِنَا التي لَنْ تَتَوقَّفَ بِإذنِ الله, إلَّا ورَاياتُنَا ترتَفِعُ على بيتِ المَقدِسِ وكُلِّ فَلَسطين".