غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ذكرى خلودك أبا عبد الله

الأمين العام السابق د. رمضان شلح.jpg
قلم/ د. سمير زقوت

احببت أن أكتب اليك في ذكرى خلودك لا لأرثيك، بل لكي أخاطبك وانت في عليين تسمعني وتراني , أخاطبك لأنني أعتقد جازماً أن الموت لا يستطيع تغييبك , فالعظماء الذين يرسمون ملامح الاوطان في حياتهم وفي خلودهم بعد الموت لا يموتون , قد تغيب أجسادهم ولكن روحهم وافكارهم تبقى تنير الطريق.

أكتب لك اليوم يا سيدي يا رمضان الخير والعطاء لأن القدس في خطر يستبيح مسجدها جنود الاحتلال الصهيوني , ويستبيح ساحاتها وقبة صخرتها المستوطنون ويرغبون ويتمنون بناء هيكلهم المزعوم , أكتب اليك وأستعيد مقولتك "القدس بالنسبة لي جزء من ديني وعقيدتي , ومن يقول لي تنازل عنها كأنما يقول لي احذف سورة الإسراء من القرآن".

نحن على دربك نؤكد كل يوم أن القدس سورة من القرآن , عرفتك في ثمانينيات القرن العشرين استاذاً لعلم الاقتصاد في الجامعة الاسلامية , في محاضرة عن الشهيد عز الدين القسام في قاعة من قاعات الجامعة التي كانت في بداياتها , يومها شدني اسلوبك وحديثك عن القسام ورفاقه وجهادهم , كان الشهيد المؤسس ابا ابراهيم من دلنا عليك , جمعنا بك الجهاد وفلسطين باعتبارها القضية المركزية للعرب والمسلمين , في أوائل الثمانينات كنت أحد الشخصيات المركزية في تيار الجهاد والمقاومة , وكان الشهيد فتحي الشقاقي بمثابة المرشد الروحي والملهم والمفكر الذي تأثرنا به وأحببناه.

في غزة تفتحت أزهار وأقمار الجهاد , فكنت قمراً ينير الطريق للعمل العسكري الجهادي المقاوم للاحتلال الإسرائيلي , كنت من أشد الداعمين للمعلم الشقافي , كنت من أصحاب الفكر ومن أصحاب القلم , والقدرات الموسوعية , فحبك للشعر والأدب أوجد بينك وبين المؤسس أكثر من مساحة للقواسم المشتركة. كنت صوتاً هادراً نرتكز عليه في بداية التأسيس , كنت حاضراً في المشهد الوطني , تمتلك قدرات أدبية وحسن بيان , تمتلك قدرة على الخطابة والاقناع , غضب عليك المحتل فحاول منعك من العمل.

غادرت فلسطين لاستكمال مشوار التعليم والجهاد , ولكن فلسطين لم تغادرك , كانت في عقلك وقلبك ووجدانك , فكنت أحد المدافعين عن فلسطين في كل المحافل والساحات.

على درب حرية فلسطين أسلمت روحك حاملاً الراية أميناً عاماً لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين , مكملاً مشوار الشهيد المؤسس , روح التي أحبت القدس ونذرت نفسها لها دائماً كانت تسير في بحرٍ عالي الموج , تغالب الأنواء , وتستمر في الحركة فأي بطلاً كنت أنت ؟؟؟.

كنت صاحب العزم , جميل الود ومستنير العقل , فهنيئاً لك ارتقاؤك وأنت في ذروة نُبلك وعطائك , وطوبى لك في غيابك وأنت في ذكرى حضورك.

كنت فلسطينياً حتى النخاع , وكنت وحدوياً حتى النخاع , وكان آخر إرثك أنه لابدَّ من توسيع دائرة العمل المقاوم من أجل فلسطين , وأن يصبح اسمه مشروع المقاومة وليس مجرد محور المقاومة فقط , لأن المحور تنتمي له أطراف بعينها , أما مشروع المقاومة فهو مشروع يشمل كل العاملين من أجل فلسطين في كل بقاع الدنيا بغض النظر عن انتماءاتهم الوطنية أو الدينية أو المذهبية , هذا المشروع يشمل امداد المجاهدين بالسلاح , والمال , وتثبيت الصمود , والنضال السياسي , والثقافي , والفني ...الخ , فالمقاومة ليست حكراً على أطراف بعينها , إنما هي وصف لكل من يعمل لفلسطين بأي طريقة كانت.

ترجلت كفارس ترجلت كبطل صوتك وكلماتك ونبضك المقاوم ما زال ينير لنا الطريق , نم قرير العين خلفك من يكملون الطريق على دربك بلا كلل ولا ملل حتى يكتب الله إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".