قائمة الموقع

ذكرى خلودك أبا عبد الله

2022-06-06T09:11:00+03:00
الأمين العام السابق د. رمضان شلح.jpg
قلم/ د. سمير زقوت

احببت أن أكتب اليك في ذكرى خلودك لا لأرثيك، بل لكي أخاطبك وانت في عليين تسمعني وتراني , أخاطبك لأنني أعتقد جازماً أن الموت لا يستطيع تغييبك , فالعظماء الذين يرسمون ملامح الاوطان في حياتهم وفي خلودهم بعد الموت لا يموتون , قد تغيب أجسادهم ولكن روحهم وافكارهم تبقى تنير الطريق.

أكتب لك اليوم يا سيدي يا رمضان الخير والعطاء لأن القدس في خطر يستبيح مسجدها جنود الاحتلال الصهيوني , ويستبيح ساحاتها وقبة صخرتها المستوطنون ويرغبون ويتمنون بناء هيكلهم المزعوم , أكتب اليك وأستعيد مقولتك "القدس بالنسبة لي جزء من ديني وعقيدتي , ومن يقول لي تنازل عنها كأنما يقول لي احذف سورة الإسراء من القرآن".

نحن على دربك نؤكد كل يوم أن القدس سورة من القرآن , عرفتك في ثمانينيات القرن العشرين استاذاً لعلم الاقتصاد في الجامعة الاسلامية , في محاضرة عن الشهيد عز الدين القسام في قاعة من قاعات الجامعة التي كانت في بداياتها , يومها شدني اسلوبك وحديثك عن القسام ورفاقه وجهادهم , كان الشهيد المؤسس ابا ابراهيم من دلنا عليك , جمعنا بك الجهاد وفلسطين باعتبارها القضية المركزية للعرب والمسلمين , في أوائل الثمانينات كنت أحد الشخصيات المركزية في تيار الجهاد والمقاومة , وكان الشهيد فتحي الشقاقي بمثابة المرشد الروحي والملهم والمفكر الذي تأثرنا به وأحببناه.

في غزة تفتحت أزهار وأقمار الجهاد , فكنت قمراً ينير الطريق للعمل العسكري الجهادي المقاوم للاحتلال الإسرائيلي , كنت من أشد الداعمين للمعلم الشقافي , كنت من أصحاب الفكر ومن أصحاب القلم , والقدرات الموسوعية , فحبك للشعر والأدب أوجد بينك وبين المؤسس أكثر من مساحة للقواسم المشتركة. كنت صوتاً هادراً نرتكز عليه في بداية التأسيس , كنت حاضراً في المشهد الوطني , تمتلك قدرات أدبية وحسن بيان , تمتلك قدرة على الخطابة والاقناع , غضب عليك المحتل فحاول منعك من العمل.

غادرت فلسطين لاستكمال مشوار التعليم والجهاد , ولكن فلسطين لم تغادرك , كانت في عقلك وقلبك ووجدانك , فكنت أحد المدافعين عن فلسطين في كل المحافل والساحات.

على درب حرية فلسطين أسلمت روحك حاملاً الراية أميناً عاماً لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين , مكملاً مشوار الشهيد المؤسس , روح التي أحبت القدس ونذرت نفسها لها دائماً كانت تسير في بحرٍ عالي الموج , تغالب الأنواء , وتستمر في الحركة فأي بطلاً كنت أنت ؟؟؟.

كنت صاحب العزم , جميل الود ومستنير العقل , فهنيئاً لك ارتقاؤك وأنت في ذروة نُبلك وعطائك , وطوبى لك في غيابك وأنت في ذكرى حضورك.

كنت فلسطينياً حتى النخاع , وكنت وحدوياً حتى النخاع , وكان آخر إرثك أنه لابدَّ من توسيع دائرة العمل المقاوم من أجل فلسطين , وأن يصبح اسمه مشروع المقاومة وليس مجرد محور المقاومة فقط , لأن المحور تنتمي له أطراف بعينها , أما مشروع المقاومة فهو مشروع يشمل كل العاملين من أجل فلسطين في كل بقاع الدنيا بغض النظر عن انتماءاتهم الوطنية أو الدينية أو المذهبية , هذا المشروع يشمل امداد المجاهدين بالسلاح , والمال , وتثبيت الصمود , والنضال السياسي , والثقافي , والفني ...الخ , فالمقاومة ليست حكراً على أطراف بعينها , إنما هي وصف لكل من يعمل لفلسطين بأي طريقة كانت.

ترجلت كفارس ترجلت كبطل صوتك وكلماتك ونبضك المقاوم ما زال ينير لنا الطريق , نم قرير العين خلفك من يكملون الطريق على دربك بلا كلل ولا ملل حتى يكتب الله إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.

اخبار ذات صلة