قائمة الموقع

أوسلو والوظيفة الأمنية

2022-06-06T11:48:00+03:00
ياسر عرفات الخواجا.jpg
بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

تُعد اتفاقية أوسلو التي مضى على توقيعها ما يقارب الثلاث عقود بمثابة نكبة مؤلمة تُضاف إلى نكبات الشعب الفلسطيني، حيث كانت طعنه نجلاء وجرحاً غائراً وعميقا في خاصرة القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني التحرري. مضت كل هذه السنين ومازال هذا المشروع الأكثر كارثي في تاريخ القضية الفلسطينية المعاصر  جاثماً على صدر المقاومة وعبئاً ثقيلا على شعبنا الذي يدفع ضريبة وجوده واستمراره.

أوسلو التى صيغت بنودها بأيدي صهيونية ومسقوفة بنص صهيوني وإرادة صهيونية محكمة.. بحيث لاتعطى أى فرصة للطرف الفلسطينى بالانفكاك منه.

  فهي التى أذابت البعد الإسلامى للقضية وجعلته فى إطار القومية العربية ثم تحوله إلى الدائرة الفلسطينية ثم تحصره بفريق فلسطينى.

وبذلك فتحت الباب واسعاً أمام الهرولة المجانية للخيانة والتطبيع لبعض الدول العربية التى كانت تنتظر هذه الفرصة لتبرر تطبيعها الخيانى 

إتفاقية أوسلو التي وقعت   13/9/1993 التى أعلن فيها انتهاء حالة الصراع بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني، والأعتراف المتبادل بدولة للصهاينة وأحقيتهم  على 78% من أراضي فلسطين التاريخه وهذاأحد ابرز البنود الذى حول المغتصب الصهيونى  من مغتصب للحق والأرض إلى دولة شرعية لها حقوق يتم التفاوض عليها. ومنذ ذلك الوقت تشكلت حالة الإنقسام بين فئات الشعب الفلسطيني بين فريق تجرد من مشروعه المناهض للمشروع الصهيوني من خلال العمل المسلح. إلى فريق حامى وحارس لامن المشروع الصهيوني بكل أبعاده السياسية والأمنية والإجتماعية، وبالتالي تجذرت وتعمقت حالة الإنقسام والإختلاف لتتطور إلى حالة  كاملة من التناقض، أدت إلى تحول فريق ربط مصيره نهائياً بمصير العدو الصهيوني وأدار ظهره إلى شعبه، أمام فريق يريد مقاتلة ومقاومة ما يسمى بإسرائيل  والقضاء عليها وإنهاء وجودها عن الأراضي  الفلسطينية، فهذا الإتفاق فى كل مراحله يؤكد على الناحية الأمنية وحماية الإحتلال وتصدر السلطة لهذه المهمة التى تبلورت بنود أوسلو كلها من أجل هذه المهمة. وتجسدت الوظيفة الأمنية منذ بداية التوقيع على أوسلو. ومن خلالها إنقلبت المفاهيم فى البداية كان الإتفاق الأرض مقابل السلام ليتحول إلى مفهوم الأرض مقابل الأمن وبقى هذا المفهوم إلى وقتنا هذا متجسدا بسلوك السلطة الأمنية تجاه المقاومة الفلسطنية.  وربما رئيس السلطة أبو مازن عبر عن ذلك  بشكل واضح مختصرا  حقيقة أوسلو (الوظيفة الأمنية) بالعبارة الشهيرة عندما قال بأن التنسيق الأمني مقدس مقدس حتى لو إختلفنا فى السياسة أو إتفقنا، وقد عبر عن ذلك فى ظل غياب أي محرك جدي لعجلة المفاوضات.  التي باتت لا  تشكل أي أهمية لهذا الكيان فى ظل غياب كامل لأي من أوراق القوة وهو ما عبر عنه أرئيل شارون آنذاك  مستهيناً ومستخفاً بالسلطة وضعفها  . قائلا..

 إن اتفاقية أوسلو لا  تساوي الحبر  الذي وقع به. هذه هي الحقيقة التي أرادها  هذا الكيان وهو أن يجعل من السلطة فريق حددت له وظيفته الأمنية فقط لتخدم امن هذا الكيان  في مواجهة الفريق المقاوم، وبذلك تشوهت المفاهيم....، الإحتلال أصبح طرفا فى عملية ما يسمى بالسلام والمقاومة الشرعية أصبحت  إرهابا لأمن ما يسمى بإسرائيل  هذه هى المفارقة المخزيةللسلطة .....ويعتمد إقتصاد السلطة على المنح الخارجية ب80%من الإتحاد الأوروبى والولايات المتحدة  الأمريكية .

 وذلك مشروط بمدى رضى الإحتلال على الأداء الأمنى للسلطة.وكذلك ثلثا دخل السلطة من الضرائب  التى تأتى على شكل( مقاصة) من الجانب الصهيوني

وهو أيضا مرهون بالرضى الأمنى للكيان. بمعنى أن عصب ومقومات إستمرار الحياة للسلطةهو بأيدي الصهاينة.  إذن نحن أمام سلطة رهنت مصيرها بشكل كامل بمصير الإحتلال فهى لا تملك أى دور لها ولا تملك إستقلال لقرارها

أمام هذه المعطيات... هل يمكن بناء أي مشروع وطني تحرري على أنقاض هذه السلطة أو الإلتقاء معها والدخول والمشاركة فى منظمة التحرير بشكلها وتبعيتها الحالية لهذا الكيان؟ وهل يمكن أن تتم المصالحة وإنهاء الإنقسام، علماً أن الإنقسام لا ينتهي إلا بإنهاء ما تبقى من أوسلو (الوظيفة الأمنية.)

أسئلة مشروعة ومطروحة بقوة لدى كل فلسطيني عانى من آثار هذا الإنقسام  وآثار التنسيق الأمني والذى لم يكن يوماً فى الصالح الفلسطيني وإنما دائما يأتى فى سياق حماية الإستيطان  والأمن الصهيوني هذا ما أثبته الواقع والتجارب والحقائق  على الأرض، إن إستمرار  السلطة بالوظيفة الأمنية الخيانية قد أعطت العدو شرعية لممارسات الإحتلال من توسع السرطان الإستيطاني وإرتكابه جرائم القتل والإعتقال والملاحقة اليومية والتهويد والعبرنة المستمرة بحق أبناء شعبنا ومقدساته 

 أمام ذلك كله أقول أنه  مستحيل الإلتقاء مع هذا الفريق منطلقاً من فهمى العميق لجذور المشكلة، فهذا الفريق غير قادر على صناعة موقف مستقل بعيداً عن رغبة الإحتلال.

لا  يمكن الإلتقاء مع هذه السلطة حتى ولو على مقاومة شعبية لأنها تشكل خطر على الصهاينة، وهو ما يرفضه الإحتلال.

             الخلاصـة....

أوسلو إلى متى؟.. وإلى متى سنستمر في دفع ضريبة إستمرار الوظيفة الأمنية التى أنهكت المشروع الوطنى و شكلت حالة من التناقض والإنقسام في بنية وتركيبة  الشعب الفلسطينى.  وإلى متى سنتحمل آثاره الخطيرة على القضية ووجوده كعقبة  كئداء و حائلاً أمام نهوض مشروعنا الوطني الجامع.. أسئلة ستبقى تلاحقنا وتؤرقنا كشعب وكمقاومة حتى نجد المخرج، والمخرج لا يكون إلا بتشديد الإشتباك الدائم مع العدو لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها السلطة فكلما تألم العدو أدى ذلك إلى إضعاف  السلطة لأن الإرتباط بينهما إرتباط جدلي ومصيري.

اخبار ذات صلة