غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الذكرى السنوية الثانية لرحيل الدكتور رمضان شلح أمين الجهاد وفارس فلسطين

الأمين الراحل رمضان شلح.jfif
شمس نيوز - إعلام الضفة

"القدس بالنسبة لي جزء من ديني وعقيدتي، ومن يقول لي تنازل عنها كأنما يقول لي احذف سورة الإسراء من القرآن"، الدكتور الراحل رمضان عبد الله شلح.

يصادف الاثنين، السادس من حزيران، الذكرى السنوية الثانية لرحيل الدكتور رمضان عبد الله شلح الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والذي وافته المنية إثر مرض عضال عن عمر يناهز 62 عاماً.

ميلاد الأمين:

في حي الشجاعية بمدينة غزة، وُلد الدكتور رمضان عبد الله شلَّح في الأول من كانون الثاني (يناير) 1958م في أسرة محافظة. والتزم من صغره فرائض الصلاة، وكان يتمتع بصوت جميل، جعله يؤذن في مسجد الحي مذ كان في العاشرة من عمره. وبقي هذا التدين ملازماً له خلال مراحل دراسته، إلى أن أضيف إليه البعد السياسي والوطني في المراحل الأخيرة من المرحلة الثانوية، فبدأ يكتب الشعر الحماسي.

وبهذه الخلفية الدينية والاهتمام السياسي مثّل توجهه للدراسة الجامعية عام 1977م إلى مصر، الطريق الطبيعية للدراسة لأهالي غزة، نقطة تحول في مسيرته، خصوصاً أن الدكتور فتحي الشقاقي كان سبقه إلى جامعة الزقازيق قبل ذلك بنحو سنتين، وتعرف عليه في أيلول (سبتمبر) من نفس العام، بحكم الاهتمام بالشعر والأدب المقاوم والسياسة.

بعد تخرجه 1981م كان من النشطاء في الدعوة للتيار الجهادي كخطيب يتجول في مساجد غزة. وإحياء ليلة القدر في المسجد الأقصى، على الرغم من استدعائه إلى سجـن "المسكوبية" في القدس، والدعوة إلى إقامة صلاة العيد بشكل جماهيري في العراء عام 1982م مع الشيخ الداعية عبد العزيز عودة في شمال غزة، وهي الظاهرة التي تدخل الصهاينة لقمعها بعد ثلاث سنوات.

وحتى العام 1986م عمل محاضراً في الجامعة الإسلامية التي حُرم منها لمدة عام. عندما فرضت الإقامة الجبرية عليه بتهمة التحريض ضد العدو الصهيوني عام 1983م.

في تلك المرحلة حصل تحول آخر في حياته، تمثل في سفره إلى بريطانيا لنيل الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درم حيث نالها عام 1990م، وكان يخطب في مسجد الجمعية الإسلامية ويمارس نشاطه في أوساط الطلاب. وتزوج عام 1990م، وله من الأبناء أربعة، اثنين من البنين واثنتين من البنات.

وبعد تخرجه عمل في العاصمة البريطانية كباحث في مراكز إسلامية عدة، ثم انتقل إلى مدينة "تامبا" في ولاية فلوريدا الأميركية حيث عمل مديرًا لمركز أبحاث (الإسلام والعالم)، رئيساً مشاركاً لتحرير دورية (قراءات سياسية)، إضافة إلى التدريس في قسم السياسة الدولية في جامعة جنوب فلوريدا لمادة (دراسات شرق أوسطية).

في صيف 1995م قرر الدكتور رمضان العودة إلى فلسطين. لكن كل شيء تغير؛ لأن الدكتور الشقاقي سافر إلى ليبيا عبر مالطا وتعرض لعملية اغتيال على يد الموساد الصهيوني. فاتخذ مجلس شورى الحركة قراراً بانتخاب الدكتور رمضان خليفة للشقاقي.

ولدى تسلمه قيادة الحركة، كانت أمام الدكتور رمضان تحديات كبيرة أهمها: ترتيب البيت الداخلي وملء الفراغ الكبير الذي حصل باستشهاد الشقاقي. لكن التحدي الرئيسي كان سياسياً وتمثل في أنه تسلم القيادة في مرحلة خطرة على مستوى الوضع الفلسطيني خلال اتفاق أوسلو.

استطاع الدكتور رمضان تجاوز الامتحان والحفاظ على العلاقات الفلسطينية الداخلية وعلاقات طيبة مع كل القوى وعدم الانجرار إلى صدام مع السلطة على الرغم من كل الضغوط، حيث عمل على تقوية البناء الداخلي في الحركة، وتم بإشرافه توسيع انتشار الجهاد في الضفة الغربية، وتوسيع علاقاته وتحالفاته خصوصاً مع حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله.

وشكَّل اندلاع الانتفاضة في نهاية سبتمبر (أيلول) 2000م امتحاناً لهذا التوسع والتماسك والاستعداد العسكري. حيث تمت إعادة تفعيل الجناح العسكري للحركة باسم جديد هو (سرايا القدس) الذي اختاره شخصيًا لمركزية القدس في الصراع. والتي نفذت عمليات نوعية خلال الانتفاضة، وقدمت قافلة عظيمة من الشهداء والاستشهاديين.

عرف بكلماته وبياناته في نعي الشهداء وتأبينهم في أعراس شهادتهم، حيث كانت مفعمة بالحب والانتماء واَيات الفخر والاعتزاز بصنيعهم وجهادهم المبارك، وخاصة القادة إياد حردان وأنور حمران ومحمود طوالبة ونعمان طحاينة ومحمد سدر ولؤي السعدي، وغيرهم من القادة والمجاهدين.

على قائمة المطلوبين:

في نهاية عام 2017م أدرج مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي"FBI"، الدكتور رمضان شلَّح على قائمة المطلوبين لديه، إلى جانب 26 شخصية حول العالم.

وسبق أن أدرجت السلطات الأمريكية الدكتور رمضان شلح على قائمة "الشخصيات الإرهابية" بموجب القانون الأمريكي وصدرت بحقه لائحة تضم 53 تهمة من المحكمة الفيدرالية في المقاطعة الوسطى لولاية فلوريدا عام 2003م. وقامت الإدارة الأمريكية عام 2007م بضمه لبرنامج "مكافآت من أجل العدالة" وعرضت مبلغ 5 ملايين دولار مقابل المساهمة في اعتقاله.

مسيرته الفكرية والثقافية:

كتب الدكتور رمضان عموداً ثابتاً "مرايا" في جريدة الاستقلال التي تصدر في غزة وكان يوقعه باسم محمد الفاتح قبل أن يصبح أميناً عاماً لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

عُرف الدكتور رمضان بحبه للأدب والشعر فقد كتب قصيدة بعنوان: "الحوار الأخير لسعيد بن جبير"، في مجلة المختار الإسلامي، وقصيدة بعنوان: "الفجر والرحيل" في مجلة أخبار غزة عام 1980م، وترك كتابين هما: "بدر كتاب مفتوح للأجيال_ تأملات قرآنية في ظلال المعركة"، وكتاب "الغرب والصراع على فلسطين في القرن الواحد والعشرين". كما خط الوثيقة الفكرية والوثيقة السياسية لحركة الجهاد والتي صدرت قبل أن يُقعده المرض في العام 2018م.

عُرف عن الدكتور المجاهد رمضان شلَّح علاقاته الواسعة مع قيادات العالم الاسلامي والعربي وكان يحظى باحترام واسع لدى الشرائح النخبوية والسياسية في الإقليم.

في عام 2018م أُعفي من منصب الأمين العام لحركة الجهاد بسبب مرضه الذي لم يمكنه من القيام بمهامه، وانتخب خلفًا له القائد زياد النخالة.

راحة الخلود:

في يوم السبت 14 شوال 1441هـ، الموافق السادس من يونيو (حزيران) 2020م وافته المنية إثر مرض عضال عن عمر يناهز 62 عامًا.

ارتقى أبو عبد الله شهيداً بعد قيادته لحركة الجهاد الاسلامي بكل فخر واعتزاز لأكثر من عشرين عاماً، كان فيها فارس الكلمة والموقف والمقاومة.

وكان يوم رحيله حزيناً وثقيلاً على القلب إذ ودعت الأمتين العربية والإسلامية رجلاً كبيراً وقائداً مميزاً حمل الأمانة وبقي على عهد الإسلام والجهاد وفلسطين.

رحم الله فقيدنا وفقيد أمتنا العربية والإسلامية وفقيد فلسطين والمقاومة الدكتور رمضان شلح.