قائمة الموقع

كتيبة جنين ثم نابلس وصولا لطولكرم.. ما تفسير تنامي العمل المسلح شمال الضفة؟

2022-06-08T09:20:00+03:00
كتيبة جنين.jpg
شمس نيوز - رام الله

على خطى كتيبة جنين، خرجت مدينة نابلس، لتعلن عن كتيبتها الخاصة في مواجهة اقتحامات الاحتلال الإسرائيلي للمدينة، وتسطر بذلك فصلًا تراكميًا جديدًا من تصاعد العمل المقاوم في الضفة المحتلة، الذي باتَ يأخذ شكله الجديد خلال السنوات الأخيرة من خلال الهبات الفردية، والتي ترسخت لاحقًا في أعقاب معركة سيف القدس في مايو\ أيار 2021.

كتيبة جنين، التي بدأ وجودها يتشكل في أعقاب استشهاد جميل العموري ابن مخيم جنين في يونيو\حزيران 2021، وظهرت رسميًا بعد عملية نفق الحرية، والتي أخذت تحضر بقوة خلال أي اقتحامٍ لقوات الاحتلال للمدينة، من خلال الاشتباك معه والعمل على صدّه وحماية المخيم، تلاها في أواخر مايو\أيار الماضي إعلان سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي انطلاق كتيبتها الجديدة في نابلس بعد جنين، ومؤخرًا، بدأ الحديث يدور عن كتيبتي طولكرم وبيت لحم، دون صدور إعلان رسمي بعد.

حول ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن ظهور هذه الكتائب يأتي في سياقٍ طبيعي حول حتمية استعادة الفلسطينيين في الضفة المحتلة لدورهم النضالي والكفاحي، سيّما وأنهم جزء لا يتجزأ من مقاومة الاحتلال، على الرغم مما تعرضت له هذه المقاومة والحركة النضالية لضربات قاسية بعد انتفاضة الأقصى وعام 2002، وبعد الانقسام الفلسطيني عام 2007.

ويشير عرابي في حديثٍ لـ "شبكة قدس"، إلى أن هذه الكتائب استفادت من الزخم الكفاحي المستمر منذ هبات (2015 ،2017، 2019، 2021) والعمليات الفردية وما شابه، فضلًا عن التأثر بحالة المقاومة الموجودة في قطاع غزة، بالتزامن مع سعي التنظيمات الفلسطينية لإعادة بناء ذاتها وخلق بنية تنظيمية عسكرية من هذا النوع الموجود في جنين ونابلس.

ويقول عرابي: لا شك أن هذه التشكيلات مفيدة، لأنها تعطي زخمًا للحالة النضالية الموجودة، وتجعل اقتحام الاحتلال الإسرائيلي للمناطق مكلفًا، وتخلق بيئة وثقافة مقاومة.

تراجع السلطة.. تصاعد المقاومة

ويقرأ الكاتب والمحلل السياسي في تآكل شعبية السلطة وتراجعها سببًا في تشكل هذه الكتائب في مناطق مختلفة من الضفة، مستدركًا: "إلا أن استمرارها على هذا النحو الاستعراضي على المدى الطويل لا يناسب طبيعة وبيئة وظرف الضفة المحتلة التي تحتاج بُنى أمنية أكثر صلابة لما هي عليه اليوم".

على غرار عرابي، يعزي المحاضر في جامعة بيرزيت عبد الجواد عمر ضعف نفوذ السلطة وأيديولوجيتها في مناطق تواجد هذه الكتائب جغرافيًا في شمال الضفة المحتلة كسببٍ في نشأتها، موضحًا، أن هذه الظاهرة لا يمكن أن تكون لولا أن السلطة تفقد شرعيتها بشكلٍ عام، كما أنها غير قادرةٍ على بناء تصورٍ ما عن المستقبل الذي يمكن أن نعيشه كمجتمع.

ويضيف عمر في حديثه لـ "شبكة قدس": "فضلًا عن ذلك، فإن عدم قدرة السلطة على حفظ الوضع كما هو، أي بما يصب في مصلحة الاستيطان وغيره، خلق معادلة صعبةً من ناحية رفض التوسع الاستيطاني من جهة، وإيجاد مقاومة له من جهة أخرى".

البيئة الحاضنة.. توارث المقاومة

ويشير عمر إلى أن ظاهرة الكتائب تنبثق في مساحات وفضاءات يصعب على الاحتلال وجيشه الدخول إليها، كما هو الحال في مخيم جنين والبلدة القديمة بمدينة نابلس، لأنها دومًا تشكل معضلات لجيش الاحتلال، من حيث الكثافة السكانية وتطور جيل جديد من الشباب يمتلك الإرادة.

وعلى مستوى التاريخ والذاكرة في مخيم جنين، فإن هناك علاقة تشكلت ما بين جيلين، الجيل القديم الذي دافع عن المخيم عام 2002، والجيل الجديد، وهو ما أوجد نوعًا من المحاكاة، التي تتزامن مع وجود ذاكرة حية اجتماعية تعيد إنتاج نفسها، وفق ما يراه المحاضر في جامعة بيرزيت.

وينوه عمر إلى أن ظاهرة الكتائب في غالبيتها حالة دفاعية، "ويمكن أن نعطيها مسمى بؤرية"، أي أنها تتمركز في مساحات يمكن الدفاع عنها إلى حد ما، وبالتالي ترسخ معادلة دفاعية في العلاقة مع جيش الاحتلال ضمن عملية إعطاب وتخريب قدراته على التحرك بحرية خاصة على المناطق الفلسطينية التي تتواجد فيها كقوات أو تنظيمات صغيرة."

تراكم العمل المقاوم

وعن مدى استفادة المقاومة من انتشار المجموعات والكتائب، يرى اللواء المتقاعد والمختص في الشأن العسكري واصف عريقات أن وجود الكتائب يعزز من قدرة المقاومة على تنفيذ عمليات نوعية، إلى جانب الرد على الجرائم الإسرائيلية، والضغط على الاحتلال ومستوطنيه.

ويقول عريقات لـ "شبكة قدس" إن العمليات التي شهدتها المدن المحتلة قبيل شهر رمضان كانت بمثابة دليل على تطور الأداء العسكري للمقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة، من خلال إصابة الأهداف والقدرة على تحقيق أكبر قدر ممكن من الأضرار باستخدام أبسط الأدوات.

ويعتقد اللواء المتقاعد والمختص في الشأن العسكري أن المقاومة ستكون قادرة على تنفيذ المزيد من العمليات، وتكبيد الاحتلال المزيد من الخسائر خلال الفترة المقبلة في ظل تمدد المجموعات المحسوبة عليها في مناطق شمال الضفة.

وعن أسباب التمدد والنجاح في تشكيل المجموعات العسكرية، يلفت عريقات إلى أن الجرائم الإسرائيلية تعتبر المحفز الأساسي للمقاومة الفلسطينية إلى جانب فشل مشروع التسوية والمفاوضات كليًا بفعل ممارسات الاحتلال، وهو ما انعكس على أرض الواقع بسلسلة لا تتوقف من العمليات على موجات متباعدة.

ولا يستبعد أن تشهد الفترة المقبلة تنفيذ المزيد من العمليات ونجاح المقاومة في التمدد عسكرياً إلى مناطق أخرى بالضفة المحتلة، اعتمادًا على نجاحها المرحلي في تنفيذ بعض العمليات، كما حصل في جنين وغيرها من المدن.

المصدر/ شبكة قدس

اخبار ذات صلة