بقلم/ د. سمير زقوت
أحببت أن استخدم هذا العنوان الواضح لعلى استبق الاحداث ويصدق تنبؤي , ذلك أن الصراع على وراثة الرجل المريض – مع الاعتذار للتاريخ والدولة العثمانية – بدأ منذ زمن بعيد , ففي عام 2011 م وفي تسريبات لموقع وكيليكس كان هناك يقين أن الرئيس محمود عباس لن يستطيع الاستمرار كرئيس لدولة فلسطين حتى نهاية العام 2011م , وكذبت كل التسريبات , ونحن نراه نفس الرئيس في العام 2022م , رغم كل ما جرى ويجري في فلسطين من انقسام وحروب لا تنتهي .
وفي خطوة استباقية تم تعيين حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أمين سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير , تمهيداً لفرض الرجل على المؤتمر الثامن لحركة فتح الذي تم تأجيله , ويعتبر التعيين في هذا المنصب مقدمة للرئاسة كما يرى الكثير من المحللين , لأن هذا المنصب تولاه رئيس السلطة محمود عباس في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات , ومن خلاله استطاع الوصول لكرسي الرئاسة .
تعيين رئيس للسلطة الفلسطينية كما يعلم القاصي والداني أمر تتدخل فيه عوامل متعددة ومتشابكة , تتدخل فيه دول على رأسها أمريكا واسرائيل ثم دول الاقليم , وعلى رأسها الاردن ومصر والسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي , ومن هنا يكون صراع الوراثة أو الصراع على منصب رئيس السلطة أمر يتعلق بالصراع على الشرق الاوسط , وللأسف فإن الفلسطينيين في السلطة أو المقاومة أو حتى الشعب الفلسطيني هم أقل المؤثرين في هذا التعيين من وجهة نظري.
ظهرت في الآونة الأخيرة تسريبات مصدرها الإعلام الصهيوني عن نية رئيس الحكومة محمد اشتية تقديم استقالته , ويوجد لمز بأن ذلك يتم بضغط من السيد حسين الشيخ , وذلك لتهيئة الأجواء لإحلال محمد مصطفى الرئيس السابق لصندوق الاستثمار الفلسطيني والمقرب من الرئيس عباس ومن الشيخ مكان اشتيه.
من وجهة نظري يوجد منافسين للسيد حسين الشيخ على كرسي الرئاسة وعلى رأسهم القيادي محمد دحلان المفصول من فتح بأمر من عباس , وكذلك الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والذي حاول الترشح للرئاسة , ويقال أن أحد أهم اسباب الغاء الانتخابات في الفترة الاخيرة كان ترشح البرغوثي للرئاسة , وكذلك ناصر القدوة الذي تم إقصاءه ومعاقبته , لم يبق أمامنا الا شخص واحد يقبل الرئيس عباس أن يكون مكانه هو السيد حسين الشيخ. ولكن لماذا حسين الشيخ ؟؟
هنا يتعلق الأمر بأمور متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر , اتفاقية أوسلو والعلاقة مع الاحتلال فالشيخ هو مهندس التنسيق الأمني المقدس , حيث تم تقليص الحلقة المحيطة بمحمود عباس لتقتصر على الشيخ وبعض المقربين منه , وهذه الحلقة تمارس كل المحرمات بحق الشعب والقضية الفلسطينية , والصمت على ما يجري في القدس يدلل أين تتجه الامور.
والامر الثاني يتعلق بعباس وأسرته وأبنائه , فلا يهم عباس اتجاهات القضية , وما ستؤول إليه حركة فتح , بل يهمه أولاً وأخيراً مصالح أسرته وأبنائه التي سيحافظ عليها الشيخ .
من هنا فأبناء فتح وكوادرها يستشعرون الخطر الذي يحدق بديمقراطية غابة البنادق التي أسستها فتح بزعامة الشهيد الراحل ياسر عرفات , وما يحدث في المقاطعة فيه تجاوز لكل الأطر الفتحاوية , وما يحدث يعني الذهاب إلى خياراتٍ وأشخاصٍ لا يحظون بأي شعبية في أوساط الشعب الفلسطيني.
وتوجد مؤشرات قوية أن شخصية الشيخ أمليت على الرئيس عباس , وهذا سيخلق فوضى قد يكون لها تداعيات خطيرة.
إن الخيارات التي تتم بالتعيين وبعيداً عن إرادة الشعب الفلسطيني تكون على شكل إملاءات من العدو المحتل , وعباس يدرك هذه الخطورة , لكن التقاء المصالح بينه وبين الشيخ يجعله يدير ظهره لأي كوارث قادمة. إن طريقة تعيين حسين الشيخ كأمين سر للجنة التنفيذية للمنظمة بدون تصويت اللجنة التنفيذية , وبدون مشاورة فصائل منظمة التحرير , كون هذا المنصب منصباً وطنياً بامتياز يدلل على ارتهان عباس للاحتلال.
في النهاية شخصية الشيخ غير مجمع عليها وطنياً بل هو من الشخصيات التي عليها ملاحظات كثيرة في علاقاته مع الاحتلال , , واهتماماته ودوره في التنسيق الامني , ويمكن القول أن وضعه في هذا الموقع وبهذه الطريقة يضعف منظمة التحرير , ويضعف الثقة فيها , وستكون له انعكاسات سلبية على دورها وأدائها وصفتها التمثيلية.
اختيار الشيخ بهذا الأسلوب ينسجم مع سياسة عباس وتوجهاته بالمضي في الاختيار عن طريق الولاء لا الكفاءة , لذلك مرحلة ما بعد محمود عباس من وجهة نظري ستكون خطيرة وستؤدي الى تشظي المجتمع الفلسطيني , ولعل ما حدث في جامعة النجاح هو بروفة لانقسام جديد , ويزيد حظوظ الصراع الداخلي في فتح نفسها , فبعد التيار الاصلاحي قد تظهر تيارات أخرى , والتجييش الذي يحدث في بعض المناطق وتكديس السلاح ينذر بعواقب وخيمة.
إن اختيار الشيخ يعني الاستمرار في المنهج الأحادي المتفرد الذي سيؤدي إلى فوضى عارمة وكارثة محققة.
لذا ينبغي على القوى الحية في الشعب الفلسطيني الوقوف عند مسئولياتها , ومحاولة وقف هذه الكارثة والانطلاق في مسيرة جديدة بالعودة إلى الإرادة الشعبية في اختيار أهم منصب ألا وهو رئيس دولة فلسطين.