شمس نيوز /عبدالله مغاري
يتجه الكثير من طلاب الكليات والجامعات الفلسطينية, للعمل في مهن مختلفة خلال الدراسة , كبادرة منهم للموازنة بين الحياة الجامعية ومتطلبات الحياة المعيشية , والتخفيف تكاليف التعليم عن كاهل آبائهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة, ذلك ما يترك آثارا سلبية كبيرة على نفسيات الطلبة ومستقبلهم التعليمي كما يرى مختصون.
الطالب الجامعي"محمد عباس" والذي يدرس تخصص العلاقات العامة في جامعة الأقصى, ويعمل في مهنة الدهان, يؤكد على أن الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها أسرته أجبرته على البحث عن فرصة عمل يتمكن من خلالها سد احتياجاته الجامعية وتوفير المصاريف اليومية له.
وقال "عباس" في حديثه لـ"شمس نيوز": نمر بأوضاع صعبة مع تزايد متطلبات الحياة ومتطلبات الجامعة، وهذا جعلني أبحث عن مصدر دخل أساند من خلاله والدي واخفف عنه عب تعليمي".
وينوه "عباس" إلى حالة الضغط التي يمر بها بسبب العمل ,مؤكدا على أن قيامه بالعمل خلال دراسته الجامعية هو نوع من المقاومة يتحدى من خلاله الظروف الصعبة والحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة.
أما الطالب الجامعي "محمد بدر" فيرى أن توجهه للعمل في أحد محلات بيع الأدوات الكهربائية ليس لقضاء المتطلبات الجامعية فقط ,بل هو أيضا بمثابة مهنة تؤمّن له الحياة الكريمة بعد التخرج في حال لم يجد فرصة للعمل في مجاله.
وقال "بدر" لـ"شمس نيوز": الحالة الاجتماعية صعبة وخاصة أن أبي من عمال الداخل المحتل والآن لا يعمل وهذا تطلب مني البحث عن عمل، فوجدت فرصة في أحد المحال التجارية والآن أنا أقوم بتسديد الرسوم الدراسية وأساعد أسرتي".
ويضيف: حتى بعد التخرج لا يوجد آفاق للعمل في ظل الأوضاع الصعبة، لذلك أنا متمسك بعملي كي أضمن لنفسي حياة كريمة بعد التخرج".
حياة أكاديمية قاسية
الطالب "محمد غريب" والذي يعمل في مهنة الزراعة بالتزامن مع دراسته لتخصص الإعلام ,يؤكد على أن لجوءه للعمل في مهنة الزراعة أفقده فرصة التطوع والتدريب في المؤسسات ومراكز التدريب, مشيرا إلى سوء الحالة النفسية التي يمر بها نتيجة ضغط الجامعة والعمل .
وقال "غريب" لمراسل "شمس نيوز": لا يمكن لأي طالب إعلام أن يحقق النجاح والتميز دون الانخراط في مجال التدريب والعمل على كسب الخبرات، وهذا ما افتقده بسبب ضيق الوقت وتشتتي بين العمل والجامعة".
ويردف بالقول: في كثير من الأحيان أمر بحالة نفسية صعبة وخاصة في فترة الاختبارات التي تتطلب مني جهدا دراسيا كبيرا بسبب تراكم المواد وعدم المتابعة أول بأول".
ويشير "غريب" إلى تراجع مستواه الدراسي وتزايد الأعباء والمشاكل الأكاديمية بسبب عزوفه عن الالتزام بالمحاضرات الدراسية والتكاليف وحالة الضغط التي يعيشها.
أما الطالب "أحمد جاد الله"الذي يعمل في أحد مطابع غزة، فقد أجبرته ظروف العمل لتأجيل بعض الساعات الأكاديمية لأكثر من فصل دراسي، ليقول لـ"شمس نيوز": يفترض أنني متخرج من الجامعة منذ ثلاثة فصول ولكن تأخرت بسبب ضغط العمل، فلم أتمكن من التوفيق بين العمل والتعليم في كثير من الأحيان".
ويضيف: أضطر في كثير من الأحيان لعدم اتباع الخطة الدراسية، وأقوم بتنزيل ساعات دراسية أقل من المطلوب".
تكيف صعب
يرى أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى د."درداح الشاعر" أن توجه الطلاب نحو العمل في مرحلة التعليم الجامعي , شكل من أشكال التكيف مع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة ,مشيراً إلى خطورة الانعكاسات السلبية التي تؤثر على نفسية ومستقبل الطلبة.
وقال "الشاعر" متحدثا لـ"شمس نيوز": الأصل أن يكون الطالب في حياة أكاديمية مستقرة توفر له جميع المطالب المادية والمعنوية التي تساعده على التفوق والنجاح ولكن نظرا للظروف المادية والمعيشية التي يمر بها القطاع يحاول الكثير من الطلاب العمل في مهن مختلفة والتكيف مع الأوضاع".
وأشار أستاذ علم النفس إلى انعكاسات سلبية كبيرة يتركها توجه طلبة الجامعات نحو العمل خلال الدراسة، عازيا ذلك إلى فقدان الاستقرار النفسي لدى الطلبة وبذلهم لجهود وطاقات بدنية وذهنية يكون من الأولى أن تبذل في الدراسة والمذاكرة والتركيز.
وأوضح "الشاعر" أن الطلاب الذين يعملون خلال الدراسة يصابون بحالة من التشتت، ليضيف: أعتقد أن الطالب يكون مشتتا بين رغبته وحاجته للمال وبين مواصلة الدراسة، وهو يقع في تأزم نفسي وقلق، فهو لا يستطيع الحصول على المال بشكل سلس ولا يستطيع مواصلة الحياة الأكاديمية بشكل جيد".
ونوه "الشاعر"إلى ضرورة أن تعمل الجامعات على تخفيف الأعباء المادية عن الطلبة والعمل على بعض المبادرات التي تخفف عن كاهل الطلبة، مشيراً إلى الدور الجيد الذي يمكن أن تلعبه الجامعات في استقطاب مشاريع ومنح مالية من دول صديقة تسد الرسوم عن الطلبة وتوفر لهم حياة أكاديمية مريحة.