أحدثت جريمة المنصورة زلزالاً، أصاب كافة المجتمعات العربية من الخليج إلى المحيط، حيث أُصيب الناس بالذهول والصدمة من هول ما حدث، حيث تناقل معظم زوار شبكات التواصل الاجتماعي، فيديو ذبح الشابة أمام جامعة المنصورة، وفي وضح النهار، وأمام المارة.
ويبدو إن هذا المجرم أراد الزواج من هذه الشابة، بالقوة، مع أنها اقنعته بأنها لا تريد الزواج منه، ومع ذلك قام بإطلاق التهديدات، ولم تتوقع الشابة أن الأمور ستصل إلى هذا الحد!
القضية يا سادة في منتهى الخطورة:
أن انحرافَ الشباب من أعظم المسائلِ المطروحة اليومَ وأهمِّ القضايا التي تُقلِق صناع القرار وكافة الشرائح الاجتماعية، وتكمن خطورة انحراف الشباب، التي طالت المجتمعات العربية بأسرها، فالانحرافُ في مرحلة الشّباب خطيرٌ ومخوِّف، فمنحرفُ اليوم هو مجرمُ الغدِ، وعلى قَدرِ الرعاية بالشبابِ والعنايةِ بشؤونهم يتحدَّد مصيرُ الأمّة والمجتمع.
إنّ انحرافَ الشباب من أعظم المسائلِ المطروحة اليومَ وأهمِّ القضايا التي تُقلِق الآباءَ والمربِّين
إن الشباب ثروة الأمّة الغالية وذخدرَها الثمين، ويكون خيراً ونعمة حين يُستَثمر في الخير والفضيلةِ والبناء، ويغدو ضررًاً وشرًّا حين يفترسه الشرُّ والفساد.
إنّ انحرافَ الشباب من أعظم المسائلِ المطروحة اليومَ وأهمِّ القضايا التي تُقلِق الآباءَ والمربِّين.
وهنا نتساءل:
أين علماء الأمة؟
أين مفكروها؟
اين كتابها ومثقفيها؟
لقد تملكت العاطفة بعضَ كتّابنا العاطفة وغدت السطحية تقودهم، أحيانًا في التعامُل مع ظاهرةِ الانحراف، فنظلّ نلوك المشكلةَ ونفجِّر جراحَها ونردِّد آهاتِها مرّةً وثانيةً وثالثةً دونَ طائل، والعلاجُ الناجِع إعمالُ العقل وإمعانُ النّظر واستشراف المستقبل، بتحليل الظاهرة ودراسةِ أسبابها والعَمَل على الوقاية منها، بموضوعيّةٍ ومنهجيّة على أساسٍ من الدين والشرع.
الأمة أمام تحدي وعلى الجميع محاصرة، الانحراف في أوساطِ الشباب لتجفيف منابِعه واجتثاثِ جذوره؛ لأنّ الشبابَ أملُ الأمّة وعدّة المستقبل وذخيرةُ المجتمَع والعَصَبُ الفعَّال في حياةِ الأمم.
وربما يبادر شخص ما ويقول، أن مجرم المنصورة، لا يشكل ظاهرة، لكن ظاهرة انحرافُ الشّباب، ظاهرةٌ عامّة تلوح في الأفق في كلِّ بلد، وتزدادُ زاويةُ الانحراف اتِّساعًا حين تجدُ نفسًا بلا حصانةٍ، وفكرًا بلا مناعة، وشخصيّةً بلا تربيّة وطاعة.
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً:
لماذا نمت وترعرعت ظاهرة الانحراف في أوساط الشباب وفي هذا الوقت؟.
تأتي الإجابة سريعة، أن غياب الرقابة لدي الآباء والأمهات ساهم بشكل فعال، حتى أصبحت الأمور لا تطاق، والدليل على ذلك، تنوّعت مسالكُ الانحراف، وتأجَّجت نوازِع الشهوات، وغدَا شبابُنا معرَّضًا لسهامٍ مسمومةٍ، ورماحِ غزوٍ مأفونة، ذاق مرارَتها المجتمَع في زيادة معدل الجرائم ...
في عصر العولمة، تصاعدت وتيرة، الأفكار المنحرفةِ وتعددت مسالك التلوث، وهنا ألقت التحديات بكل ثقلها على مفكري الأمة، لاجتثاث، الفتن..
لقد صُدم الناس من بشاعة الجريمة، الأمر الذي يهدِّد منظومة القيم والأخلاقَ في كل المجتمعات العربية
إن بشاعة الجريمةً وخطيئتها، أصابت الأمة بأضرارً جسيمةً ونالت من نظام المجتمع وسلامَتِه، خاصّة إنها كانت أمام الملأ وعلى مرأى ومسمع من المارة وأمام باب الجامعة وقد ارتكب المجرم جريمته، في مجاهرةٍ على رؤوس الأشهاد
حقاً:
أي بشاعة؟
وأي امعان في الإصرار على الباطل؟
إنَّ جريمة المنصورة وذبح الشابة أصاب، سلامةَ القاعدَةِ الأخلاقية في حياةِ الأمّة، ونال من استقرارها ومناطُ قوَّتها، وجسد انحرفَ سلوكُ الأفراد، وفجر عناد هذا المجرم، الذي هدد الشابة وابتزها مرارا وتكراراً
إن الدور الملقى على عاتق الأسر، دور كبير، وعلى الآباء والأمهات سرعة التحرك، لتحصين مناعة الشباب، لإعدادهم إعداداً سليماً، وبناء الشخصية النموذجية، لكي يصدُر نها الخيرُ، والناي بها عن كافة الشرور
ايها السادة الأفاضل:
تفقِد الأسرةُ دورَها وتضيِّع رسالتها إذا انصرَف الآباءُ عن أُسَرهم وكان همُّهم الأكبر توفيرَ مادّة الكسب مع (ترك الحبلِ على الغارب) للشباب والتقصيرِ في تربيتهم، وعدم تخصيص وقتٍ لهم يمارسون فيه التوجيه والرعاية، حيث، يختزل كثيرٌ من الآباء علاقتَه بأبنائه ومسؤوليّته في أسرتِه في حساباتٍ مادّيّة لا تتجاوز حاجاتِ الشباب من أكلٍ وشُرب وكِسوةٍ وترفيه، أما تربيةُ الأخلاق وتهذيبُ السلوك وبناءُ الشخصية فحظُّها أنها في ذيلِ قائمة المسؤوليات. ولا يشكُّ عاقِلٌ أنّ الآباءَ حين يمارسون التربيةَ الصحيحة ويجعلونها أولى المهمّات في حياتهم يوفِّرون المناعةَ الكافيةَ ضدَّ الانحراف والوقايةَ من المصير الأليم، ويُسهمون في أمن المجتمع