حق العودة للاجئين الفلسطينيين هو ثابت من الثوابت الفلسطينية, رغم محاولات البعض الالتفاف على هذا القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 حيث تم تبنية في العام 1947-1949, وهو يحدد مبادئ الوصول إلى تسوية نهائية وإعادة لاجئي فلسطين إلى ديارهم وفق المادة 11 من القرار التي تقرر ذلك, فالالتفاف على قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين, بدأ من اتفاقية التسوية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل, وقد ضرب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هذا الثابت الفلسطيني بتصريح صادم عندما قال «انه تنازل عن حق العودة إلى مدينته صفد حيث بيته ووالده واجداده وقد اعتبر ذلك «تخلياً عن حق العودة، وعن المقاومة من دون الحصول على شيء», ثم جاء الانتقاص الثاني لحق العودة فيما تسمى بالمبادرة العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية كحل للقضية الفلسطينية وما اسموه بالصراع العربي الإسرائيلي حيث لم تتطرق «المبادرة العربية» لحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات الشتات في لبنان والأردن وسوريا الامر الذي احتجت عليه هذه الدول الثلاث, ثم طالبت الإدارة الامريكية إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني وفق منطقها «الأعوج» والمنحاز كليا «لإسرائيل» فقد كشفت صحيفة عبرية عن تقرير أمريكي خطير سري يوصي باعتماد عدد 40 ألف فلسطيني فقط لاجئين, وهم الذين ما زالوا أحياءً منذ النكبة عام 1948م فذكرت صحيفة (إسرائيل اليوم) في تقريرها أن لدى مجلس الشيوخ الأمريكي الكونجرس توصية باعتماد الخطط الأمريكية المشددة في التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من اللاجئين في العالم فتقضي المخططات الأمريكية باعتماد اللاجئين الفلسطينيين الأجداد الذين هجروا من ديارهم خلال نكبة فلسطين عام 1948م دون الاعتراف بأبنائهم أو أحفادهم لاجئين, وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن القانون الأمريكي المقترح يسمح للولايات المتحدة بدعم وكالة الغوث الدولية فقط حال موافقتها على تقليص أعداد اللاجئين المسجلين رسميًّا في سجلاتها 5.3 مليون لاجئ فلسطيني على مستوى العالم إلى 40 ألفًا فقط, وهو ما حدث في عهد دونالد ترامب.
مؤامرة الالتفاف على حق العودة لم تتوقف, انما امتدت لتطال وكالة الغوث الدولية «الاونروا» والتي تخلت عن دورها الخدماتي والإنساني لتنخرط في اتون المؤامرة وتتعاطى مع السياسات الامريكية الهادفة للالتفاف على حق العودة للاجئين الفلسطينيين, فقلصت من خدماتها المقدمة للاجئين, وهددت انها ستنهي دورها في تقديم الخدمات, وتدخلت في المناهج التعليمية الفلسطينية في المدارس التابعة لها, وصولا لتصريحات المفوض العام لوكالة الغوث الدولية فيليب لازاريني حول آليات وصول وتقديم خدمات الوكالة للاجئين الفلسطينيين, من خلال بناء شراكات مع مؤسّسات تقدّم الخدمات للاجئين نيابة عن وكالة «أونروا»، وقد رفضت فصائل المقاومة الفلسطينية هذه التصريحات التي تنتقص من حق اللاجئين الفلسطينيين, وتعفي «الاونروا» من التزاماتها بحقهم وتحمل اخطار التخلي عن قضيتهم وانهاء قرار حق العودة, ويبدو ان هناك ضغوطات أمريكية وأوروبية وعربية تمارس على وكالة الغوث الدولية, ومنع ارسال أموال المساعدات اليها للقيام بواجبها تجاه اللاجئين الفلسطينيين, حيث رفضت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ما تتعرض له وكالة الغوث «الأونروا» من ضغوطات ومؤامرات صهيونية وأمريكية لوقف عملها، مطالبة العالم بتحمل مسؤولياته لدعم الشعب الفلسطيني المنكوب, وقال مسؤول ملف اللاجئين في الحركة القيادي احمد المدلل «من المعيب على المجتمع الدولي الذى يدّعى التحضر والديمقراطية وحق تقرير المصير أن يبقى صامتاً بل مشاركاً في استمرار حالة اللجوء التي يعيشها الفلسطيني بدعم الاحتلال الصهيوني الغاصب, الذى يمارس افظع الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية, مؤكدا رفضه، لما تتعرض له « الأونروا» من ضغوطات ومؤامرات صهيونية وأمريكية لوقف عملها وهي التي تأسست من اجل اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى يعودوا لأرضهم التي هجروا منها, ولن يتم التخلي عن هذا الثابت البتة.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نحو 6.4 ملايين لاجئ فلسطيني موثقين لدى «أونروا» لا زالوا يعانون أزمة اللجوء جراء تعرضهم للتهجير من أراضيهم بالقوة خلال نكبة العام 1948, وتظهر التقديرات السكانية أن عدد السكان بلغ نهاية 2021 في الضفة الغربية «بما فيها القدس» 3.2 مليون نسمة، ونحو 2.1 مليون نسمة في قطاع غزة. وفيما يتعلق بمحافظة القدس فقد بلغ عدد السكان نحو 477 ألف نسمة في نهاية العام 2021، منهم نحو 65% (نحو 308 آلاف نسمة) يقيمون في مناطق القدس، ووفقًا لهذه المعطيات، فإن الفلسطينيين يشكلون نصف السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، فيما يشكل اليهود الغاصبون ما نسبته النصف الآخر من مجموع السكان ويستغلون أكثر من 85% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية (البالغة 27 ألف كم2), ولا زالوا يساوموا على البقية المتبقية من مساحة فلسطين التاريخية, فهل يمكن لاحد مهما كان ان يلتف على حق العودة, او يساوم عليه, بالتأكيد لا احد يملك ذلك, فحق العودة ثابت لا يتغير, والثوابت لا يمكن الالتفاف عليها بأي حال من الأحوال, فهي محل اجماع لدى الشعب الفلسطيني