مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك، يسعى المسلمون للتعرف على شروط الأضحية، ومدى جواز التضحية بالأنعام المسمنة، أو أن تكون الأضحية بالتقسيط، وكذلك إذا ما كان جائزًا الجمع بين الأضحية والعقيقة.
مفتي المعاهد الأزهرية الشيخ سميح حجاج، أوضح في حديث لـ"شمس نيوز" عددًا من الأمور المتعلقة بالأضحية، وأجاب عن التساؤلات التي تدور في ذهن كل منا في هذا الأمر.
وقال حجاج: "الأضحية هي اسم لما يُذبح من الأنعام، يوم عيد الأضحى، وأيام التشريق الثلاثة"، لافتًا إلى أن جمهور العلماء باستثناء الإمام أبي حنيفة اعتبروها سُنَّة عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
وأوضح أن الإمام أبو حنيفة قال إن الأضحية واجبة مستدلًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم "من وجد سعة أن يضحي ولم يضحِ فلا يقربن مصلانا".
وأضاف حجاج "الجمهور الذي قال إن الأضحية سُنَّة أشاروا إلى أنه يُكره تركها للمقتدر".
العجول المسمنة
وبشأن العجول المسمنة، والتي تكون أقل من العمر المتاح للأضحية، ذكر أن هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال.
وبيَّن في حديثه القول الأول ألا تذبحوا إلا مسنًا، وإن استعسر فاذبحوا جزعة الضأن، موضحًا أن أصحاب هذا الرأي يرون أنه لا بد أن تكون الماعز والضأن سنة ودخلت الثانية، العجل سنتين ودخل في الثالثة، الإبل خمس سنوات ودخل في السادسة.
وتابع الشيخ حجاج "القول الثاني لبعض الفقهاء فقالوا إن العبرة في اللحم، وطالما هذا العجل ممتلئ، ووضعناه بين العجول المسنة لا يتم التمييز بينهما فلا بأس في ذلك".
وذكر أنهم أرجعوا ذلك إلى أن الهدف في النهاية هو إطعام الفقراء والمساكين، مشيرًا إلى أن هذا القول ينطبق على الأنعام المسمنة.
وأشار لوجود قول ثالث وهو عند الإمام الشوكاني الذي يقول "أنا لا ألتفت لسن أو لغيره من سمن أو ضعف، ألتفت إلى أنه عجل فيجوز الأضحية فيه، هذا ضأن أو ماعز فيجوز الأضحية به".
وحول نوع الأضحية، فذكر الشيخ حجاج أن القول الراجح هو أن تكون من الأنعام "الغنم البقر الإبل".
وقال "هناك قول لسيدنا بلال بن رباح إنه لا يبالي لو ضحى بديك، وفي ذات السياق فإن الإمام ابن عباس أعطى خادمه درهمًا، وقال له اشتري به لحم، وكل من يسألك عما هو معك قل له هذه أضحية ابن عباس".
ويرى مفتي المعاهد الأزهرية أنه لا حرج من قيام فقير ليس لديه القدرة على ذبح الخروف، أو الاشتراك بحصة في عجل وذهب ليشتري بعض اللحم ليفرح أبناءه، أو فعل كما فعل بلال وضحى بديك ليفرح الأبناء.
وأكمل الشيخ حجاج "نقول لهذا توكل على الله أنت تسير على ما سار عليه بلال بن رباح، والله أعلم".
شراء الأضحية بالتقسيط
وعن السؤال عن جواز شراء الأضحية بالتقسيط فقال "إن الإمام أحمد بن حنبل، ومذهبه أجازوا التقسيط شريطة القدرة على سداد ثمنها في الموعد المتفق عليه.
وأضاف "أما التعويل على المستقبل إذا توفرت الأموال سددت ثمنها، وإذا لم تتوفر يبقى البائع أو الدائن يلاحق بك فهذا لا يجوز."
وفي موضوع توزيع لحوم الأضاحي، ذكر الشيخ حجاج أن هذه المسألة فيها عدة أقوال.
ولفت أن القول الأول في مذهبي الحنفية والمالكية، الذين أشاروا إلى أنه لا يوجد توزيع لهذه اللحوم، وأن المغزى من الأضحية هو الذبح وإراقة الدماء، وبذلك نأخذ أجر الأضحية، والتوزيع مستحب وليس واجباً.
وأردف "أما الشافعية والحنابلة فلفتوا لوجوب التوزيع لما يكفي وجبة لفقير أي بنحو كيلو".
وبشأن مسألة ثلث للمضحي وثلث للأهل والأقارب وثلث للفقراء والمساكين، قال حجاج: "هذا الحديث ذكر فقط عند الأصفهاني الذي توفي عام ٥٦١ه، ولم يرد في الصحيحين ولا عند النسائي، ولا لدى الأئمة الأربعة".
وأضاف "لو أخذ المضحي نصيبه وخزنه بالكامل فلا حرج في ذلك، ويكون أخذ الأجر غير منقوص".
أيمها أولى العقيقة أم الأضحية؟
وبشأن الأضحية والعقيقة والجمع بينهما، أشار حجاج إلى أنها مسألة فيها قولان، مبينًا أن القول الأول للفقهاء قالوا إنه لا يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة.
وذكر أن مبرر أصحاب هذا القول أن كل منهما قربة مخصوصة، لا يجوز الجمع بينهما؛ لأن لكل منهما نسكا مختلفا عن الآخر.
واضاف "القول الثاني لأبي حنيفة والحسن البصري وابن سيرين، إذ أجازوا الجمع بين الأضحية والعقيقة؛ كون الاثنتين سُنَّة".
وإذا ما كان جائزاً أن يجتمع أكثر من شريك لكل منهم نية تختلف عن الآخر في ذات الذبيحة قال :"البعض يشارك في الذبيحة يكون نيته الأضحية، وآخر تكون نيته العقيقة، وآخر هبة أو صدقة أو وليمة وغيرها، فالحنفية أجازوا ذلك؛ كون الذبيحة تكون كلها قُربان".
وأضاف حجاج "أما الإمام زفر بن الهذيل -أحد كبار المذهب الحنفي- فقال لا بد أن تكون الذبيحة كلها قرب من نوع واحد، أي أن يكون جميع المشتركين نيتهم الأضحية، أو نيتهم العقيقة".
ولفت لوجود قول لدى المذهب الشافعي والحنبلي، إذا قالوا لو أن الجزار ذبح العجل بنية اللحم، بإمكانك أخذ منه سُبعا كأضحية أو عقيقة.
وأشار حجاج إلى أن أصحاب المذهب المالكي لا يجيزون المشاركة في الأضحية، أي أن العجل هو أضحية عن واحد، وكذلك العقيقة، وهو حال الإبل والماعز لديهم.