عنوان قديم مازال جرحه النازف يسبب الألم لكل المكونات الفلسطينية ويهز أركان المنقسمين، هذا الخنجر المسموم بالسم القاتل والذي جعلنا نعيش حالة من الإحتضار السياسي والتنظيمي والإجتماعي وعلى كافة الأصعدة، وأصبحنا نتأرجح بين مطرقة الإحتلال وسندان القيادات الفلسطينية.
اقتسام بين الثنائية وأصحاب المصالح الفئوية وفي المقابل وصل شعبنا لأعلى درجة من درجات الجحيم حتى بات غيرُ قادرٍ التمييز بين ظلم الإحتلال وإرهابه والسياسة البوليسية للمقتسمين.
تارةً أسميه انقسام وتارةً أخرى أسميه اقتسام، لقد أصبح شعبنا يعيش دور الضحية، (ضحية الفصائل الوطنية المتفرجة) وكأنها تشاهد مسرحية كوميدية حزينة تنهال علينا بالمواساه والشجب والإستنكار، كم كتبنا نحن كصحفين وسياسين حتى أطراف الإنقسام كتبت عن إنهائه، ويبقى السؤال الذي يجول في ذهن كل فلسطيني ... إلى متي ؟؟!!
وهل سيتوقف النزيف أم سنستمر في التفرج ؟
كافة أقطاب الإنقسام والفصائل الأخرى وشعبنا متهمين في تثبيت حالة الرضى بالأمر الواقع وأيضاً العزوف عن التغير والتجديد المصاحبة بالصمت القاتل.
آثار الإنقسام الفلسطيني :
- على الصعيد السياسي.
تعطيل القرار السياسي وضياع الحقوق الوطنية والحلم الفلسطيني، وتبدد بين غزة والضفة والقدس مع ضياع لدماء الشهداء والجرحى وأنات الأسرى خلف القضبان، هذا كله أدى إلى تراجع التأييد والدعم الدولي والعربي، وشلل العملية التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي بسبب التطبيع وصفقة القرن أيضاً، أكاد أجزم أن الإنقسام ممول ومدفوع الأجر من جهات مغرضة تُكنَّ العداء لقضيتنا وتجعلنا نكتفي برزمة من التصريحات لصالح سلطة رام الله وحكومة غزة التي قسمت الوطن بين المحافظات الجنوبية والشمالية، أما الاعتقالات السياسية والتي بدورها تنم على ضعف طرفي النزاع، وتبادل التراشق والاتهامات عبر وسائل الإعلام قد حققت حلم مجاني للإحتلال.
إن الإنقسام لم يأتي بمحض الصدفة فهو صنيعة الحكومة الخفية التي بشيطنتها تتأرجح بين الماسونية والنورانية، هذه الخطط الشيطانية هي استراتيجية كان هدفها لا دين ولا سياسة بل أجندة سوداء هدفها اضطراب في القرار الفلسطيني وعرقلة قبطان السفينة وابتعادها عن بر الأمان.
- على الصعيد التنظيمي.
لقد تهتكت خطوط الإتصال بين الفصائل المنقسمة وخلق حالة من التنافر والتباعد أدت لفجوة وارتفاع الجدار بينهم، وبذلك لا يتم التوافق والإجماع والإلتفاف على القرار الوطني، ومن جهة أخرى تضارب في التصريحات والقرارات التنظيمية بين النعم واللا ... ولكن السؤال هل هذا التضارب من منطلق وطني أم تنظيمي؟
- على الصعيد الاجتماعي.
أدى الإنقسام إلى شرخ اجتماعي وضياع الحب وتوسيع دائرة الخلافات بين الأخوة وتفشى الكره والحقد مما زاد من فجوة الانقسام بين الإخوة وأبناء العم والخالات والأصدقاء والجيران.
آثار نفسية سلبية أدت لتفكك الأسرة وانقسام المجتمع كل مجموعة مع فريق للأسف إن علاج آثار الإنقسام تحتاج سنين طويلة للمعالجة حتى لو اتفق المنقسمين فإننا نحتاج إلى زمن طويل لرأب الصدع.
- على الصعيد الأمني.
تفتت المعلومات وتشتتها بين مخابرات رام الله وأمن غزة وحالة الترهل في التنسيق الأمني وعدم وجود دائرة معلومات كاملة وموحدة في وعاء أمني يحمي المعلومات من التضارب، والسبب الرئيسي هو عدم وجود مركزية للمعلومات في كافة أرجاء الوطن مما يؤدي إلى الضعف الأمني وسهولة الاختراق والسقوط في مستنقع التعاون مع العدو لنتركه ينعم في رحلة صيفية.
- على الصعيد الطبي.
الانقسام وهجرة العقول الطبية من أرض الوطن بسبب الظلم الوظيفي وتوقف التوظيف وإن وُجد يكون على شكل بطالات مؤلمة للأطباء، ناهيك عن اختلاف الأجور ببن الضفة وقطاع غزة و وقف العلاوات والإمتيازات الوظيفية أيضاً أثرت على نفسية الكادر الطبي.
من جهة أخرى فإن عدم دخول المعدات الطبية والأدوية الصحية يساعد في زيادة عدد الوفيات من المسنين والأطفال.
- على الصعيد الإقتصادي.
انهيار الإقتصاد وفرض الضرائب المزدوجة من الحكومتين على السلع ساعد في رفع الأسعار على كاهل المواطن، أيضاً ازدياد حالات الفقر والبطالة لتصل إلى 80% من سكان قطاع غزة والذين يعتاشون على المساعدات الإغاثية، وتعد هجرة الشباب ورجال الأعمال والمستثمرين بمنشادآتهم خارج البلاد من أهم عوامل انهيار الاقتصاد الفلسطيني.
الآن أصبحنا نعيش منحنى اقتصادي مؤلم، فقد بات المجتمع الفلسطيني يتكون من طبقتين إحداهما فاحشة الثراء والأخرى تعيش تحت خط الفقر، إن الانعدام للطبقة المتوسطة هو انعدام للمجتمع بأكمله لما له من نتائج سلبية.
- على الصعيد القانوني.
أدى الإنقسام إلى تعطيل المجلس التشريعي والمجلس الوطني ومنظمة التحرير وأصبحنا نعيش حالة فوضى وتغول على القوانين، وتحول المشرعين إلى خياطين لتفصل القوانين حسب مقاس القائد العام، فأصبحت القوانين تُسن وكأنها آلة حادة تُقطع كل من يخالفها، ياسادة إن القاعدة القانونية عامة مجردة تتعارض القاعدة مع قانون ساكسونيا والذي يتعامل مع تنفيذ القوانين بسياسة الكيل بمكيالين وخلق حالة التباعد والتنافر الجغرافي والديمغرافي، وهي التي هدمت القواعد والأسس القانونية لكي نعيش بعيداً عن الفوضى التي لا تتوقف إلا بإنهاء الإنقسام وتوحيد القوانين وسنها بشكل يتناغم مع الوطن والمواطن.
-على الصعيد النفسي.
رسخ الإنقسام حالة الأنا العليا وهي حب النفس على حساب الأخرين، وجعل شعبنا مريض نفسي مكتأب لا يقوى على الخروج من دائرة الصمت القاسية وجعله لا يستطيع دق جدران الخزان لنعيش أصبحنا شعب منهك ومتعب من ظلم الاحتلال وبطش الأحباب ممن تناحروا وتخاصموا وتباعدوا وانقسموا واقتسموا ودمروا القرار على حساب حلمنا الفلسطيني.
يجب على شعبنا أن يرفض التعامل مع كافة المنقسمين من الفصائل المتناحرة ويُشكل حالة ضغط بالقوة الشعبية حتى تجبرهم على إنهاء هذا الانقسام الأسود.
لا يحلم الشعب الفلسطيني بإنهاء الإنقسام في ظل هذه القيادات العفنة التي تمارس عملها وفق أجندات خارجية.
سأتكئ على قلمي حتى الخلاص والتغيير، وأتحصن في قلعة نقابة الصحفيبن الفلسطينية وبعض القوانين والنظم الدولية التي تعنى بحرية الرأي والنقد العام وارفع علم فلسطين وراية الديمقراطية فقط، وأنادى إما حياة تسر صديق وإما ممات يغيظ العدى.