بقلم/ د. سمير زقوت
سألني أحد الاخوة بعد متابعته لاستشهاد نزار ريان سؤال محرج وهو هل تقدم السلطة على اغتيال خضر عدنان كما اغتالت نزار ؟؟؟ .
في هذا المقال سأحاول الاجابة على السؤال , بالقول أن الشعوب المقهورة , وخاصة التي تقع تحت احتلال استيطاني احلالي كالاحتلال الصهيوني لفللسطين تميل الى استخدام الحيل الدفاعية النفسية , والتي وضعها وكتب عنها عالم النفس اليهودي النمساوي فرويد في بدايات القرن العشرين , ومن هذه الحيل الدفاعية الإزاحة , وهي آلية دفاعية لاشعورية , حيث يستبدل العقل هدف جديد أو كائن جديد كبديل للأهداف التي يشعر أنها خطرة عليه أو غير مقبولة اجتماعياً في شكلها الأساسي.
ويمكن للإزاحة أن تمثل تفاعل متسلسل , حيث يمثل الأشخاص بصورة غير مقصودة ضحايا وجناة للإزاحة في نفس الوقت , على سبيل المثال , رجل غاضب من رئيسه في العمل , لكنه لا يستطيع التعبير عن هذا الغضب أمام رئيسه فيكبته , ولذلك يذهب للبيت فيضرب زوجته , والزوجة تضرب أحد الأطفال , وتتكرر السلسلة فالطفل قد يضرب أخاه الاصغر وهكذا.
والآن الى السلطة الفلسطينية وعناصرها واستخدامها للإزاحة في تفاعل متسلسل , حيث يمثل الأشخاص في السلطة بصورة غير مقصودة ضحايا وجناة للإزاحة في نفس الوقت , فالسلطة غاضبة الاحتلال وتصرفاته ولا تستطيع الرد , فتكبت غضبها , ثم تستخدم الإزاحة بطريقة لاشعورية , فهي تصب جام غضبها علي أبناء شعبها بدلاً من صب هذا الغضب على الاحتلال ومستوطنيه , فالسلطة لا تستطيع مجابهة العدو الصهيوني القوي , وكما قال رئيس السلطة "نحن نعيش تحت بساطير الاحتلال" – مع الاعتذار للشعب الفلسطيني - فالسلطة ورئيسها وعناصرها يشعرون بالقهر والغضب ولكنهم يسكتون ويكظمون غضبهم , وفي المقابل يتسلطون على أبناء شعبهم , يضربونهم ويعاقبونهم بأشد أنواع العقاب في كل مكان , وقد تصل ازاحة العدوان أحياناً الى القتل كما في حالة الشهيد نزار بنات , والآن كما يحدث مع خضر عدنان , فما تقوم به السلطة من اغتيال معنوي لخضر عدنان , هو مقدمة للاغتيال الجسدي , وقد كانت هناك محاولة سابقة في نابلس لاغتياله.
وللأسف تستمر آلية الازاحة لمن لا يعونها , فأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة يتسلط بعضهم على بعض بإزاحة الغضب من كل طرف مقهور للطرف الاضعف منه , فنشاهد طريقة تعامل بعض الموظفين بجلافة وعنف مع المراجعين , فهم أيضا لايستطيعون الرد علي مسئوليهم الأقوى منهم , فيتسلطون على أبناء شعبهم في دائرة جهنمية من الازاحة المتبادلة , فيصبح الجميع ضحايا وجناة في نفس الوقت.
في النهاية أكرر التحذير الذي أطلقه الصحفي القدير الاستاذ مصطفى الصواف لخضر عدنان , توجد محاولة سواء واعية أو غير واعية للتخلص منك وعليك الحذر , والى أبناء السلطة عليكم أن تعوا ما تقومون به , وهذا المقال موجه اليكم كما هو موجه الى خضر عدنان , ففي الوقت الذي نطلب منه الحذر نطلب منكم الوعي وألا تكونوا أداة قمع وقتل لأبناء شعبكم والتاريخ لا يرحم .