انتشرت ظاهرة على غير العادة، وسط حالات محدودة في قطاع غزة، وهي الاحتفال ابتهاجاً وسروراً بفك الارتباط الزوجي "الطلاق"، حيث يقوم أحد الزوجين بتوزيع وإرسال بطاقات الدعوة للأصدقاء والأقارب؛ لمشاركته حفل طلاقه من شريك حياته، في إشارة إلى أن الطلاق لم يشكل له أي حالة أسى أو حزن؛ بل فرح وسعادة ممتدة، ونشر فيديوهات من داخل الاحتفال تعبر عن السعادة التي غمرتهم عقب الانفصال؛ الأمر الذي يرفضه ويستهجنه الناس وعبر الكثير منهم عن سخطه رفضه لهذه الظاهرة، كما تخالف هذه الظاهرة العرف والدين، إذ يعد الطلاق أبغض الحلال عند الله.
وعبر المواطن خالد صبحي، عن استيائه ورفضه لهذه الظاهرة قائلاً: "هذا الأمر باب من أبواب التفاهة، فالإنسان الحق من يحفظ وداد لحظة، وأجد أن القائمين على هذا الحفل أقرب إلى الغي منه إلى الرشاد، خصوصا إذا تعلق الأمر بالمرأة؛ فهي ركن ضعيف، وضلع مكسور يجب الوقوف معها بدلا من إهانتها بهذا الشكل الذي لا يرضي ذمة ولا ضمير".
أما المواطنة مريم أيوب، قالت لـ"شمس نيوز"، إن الكثير من النساء قاموا باحتفالات مبتهجين بطلاقهم، وحدثت ضجة عقب احتفالاتهم، ولكن الغريب هذه المرة أن يقوم رجل بهذا الاحتفال، مضيفة أن المرأة دائماً معروفة أن عواطفها تمتلكها وتحاول أن تنتقم، والمفروض من الرجل أن يكون هو السند والقوام علي المرأة، ولا أتوقع أبداً لو طلبت زوجته منه حفلة لسعادتهم كان سيوافق ويقيم لها حفلا بمجتمعنا".
وأكدت أيوب أنها ترفض هذه الاحتفالات، خاصة في ظل حالات الطلاق بالوقت الحالي وأسبابها، إذ لا تعبر عن شيء إنساني أو أخلاقي.
المواطن محمد عادل أكد أنً حفلات الطلاق التي انتشرت في الآونة الأخيرة تدل على قمة الجهل وانحطاط الأخلاق، معتقداً أن سبب انتشار هذه العادة السيئة هو الركض خلف الشهرة بأي طريقة وبأي شكل من الأشكال.
الصحفية صافيناز اللوح، طالبت بنشر التوعية ليس فقط من المؤسسات والقضاء، بل من العائلات التي لها الدور الأبرز في نشر التوعية داخل أبنائها، وحثهم على احترام الحياة الزوجية للحفاظ على النسيج الاجتماعي، والاحترام المتبادل حتى عند انتهاء العلاقات الزوجية، وحفظ الأسرار بين الطرفين حال انفصالهما.
بدوره، قال أستاذ الفقه في الجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي: "إن الطلاق ظاهرة مخالفة لغريزة الإنسان ومغايرة لأصل سترته، والأصل أن الإنسان مثل سائر الكائنات الحية مفطور على حب التزاوج، من أجل إشباع غريزته ورغبته، وهذا الأمر لا يمكن لأحد أن يجادل فيه أو يدعي خلافه".
وأضاف السوسي لـ"شمس نيوز"، أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بين أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، حتى وإن كان مباحا إلا أنه أمر بغيض عند الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يؤدي إلى هدم المجتمعات، وفك أواصر الصلة بين أفرادها، إذ يعد الزواج المكون الوحيد للمجتمع، وهو الأصل وليس الطلاق.
وأوضح أن الطلاق حلال في حالات استثنائية، والتي يعزف فيها الزوجان عن ممارسة حياتهم الطبيعية، وأداء الوظيفة الاجتماعية، والتي من أجلها شرع الزواج.
وعبر السوسي عن استغرابه من الناس التي تحتفل بشيء يبغضه الله، بصريح النص الشرعي، إذ تدل هذه الظاهرة على سوء الحالة النفسية لهؤلاء الناس، وعدم فهمهم للحكمة من تشريع الزواج، وهو مظهر من مظاهر الإحباط، حيث لا يعيشون حالة نفسية سوية، وإنما تكون حالتهم النفسية غير مستقيمة.
وقال: "هؤلاء الناس يكابرون، ويحاولون أن يوهموا أنفسهم بأن ما فعلوه إنما هو عمل سوي وجريء، وهذا غير صحيح؛ لأنه مخالف لأصل فطرة الإنسان أولا، ومخالف لشرع الله ثانياً".
وعن الرأي الشرعي في هذه الظاهرة، بين أستاذ الفقه في الجامعة الإسلامية أنه غير جائز؛ لأن من يقدم على هذه الأفعال جاهل لحقيقة الزواج والحكم الشرعي، إذ يخالف شريعة الإسلام، ويشجع الآخرين على الطلاق من أجل تقليدهم، وأضرار الطلاق على المجتمع أكبر مما نتصور.