هم الشهداء يزرعون في الأرض لكي يجبل الدم بالتراب فيصب عارًا وخيانة على كل من يفرط بقطرة دم أو موطئ قدم على هذه الأرض، عشت يا شهيدنا القائد فادي بطلاً واستشهدت مقاتلاً تعشق الإسلام وتحب الوطن وجنديًا وفيًا في صفوف السرايا، هنيئًا لك الجنة!
تطل علينا اليوم الأحد الموافق 6/26 ذكرى استشهاد القائد فادي بسام بهتي (الشيخ إبراهيم) قائد سرايا القدس في نابلس، ومعه مجموعة من المقاومين بينهم نايف أبو شرخ القائد العام لكتائب الأقصى برصاص الاحتلال في منطقة باب الساحة في البلدة القديمة بنابلس.
ميلاد قائد
ولد الشهيد القائد فادي بسام بهتي (الشيخ إبراهيم) في 5 مارس (آذار) 1979م في قرية شويكة بمحافظة طولكرم، ترعرع في تلك القرية البسيطة التركيب في عائلة محافظة مكونة من أحد عشر فردًا من ذكور وإناث وترتيبه الخامس.
تلقى شهيدنا القائد فادي تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرسة شويكة الثانوية للبنين حيث أنهى فيها تعليمه السنة تلو الأخرى حتى شارف على شهادة الثانوية العامة فقطع طريقه للعمل والكد والتعب لعدة سنوات، ومن ثم إلى طريق الكفاح والجهاد.
صفاته وأخلاقه
أحبه كل من عاشره، ساعد الشيوخ وحمى وحافظ على النساء ورعى الصغار وداعبهم، فلم يخل بيت من اسم شهيدنا القائد فادي أو روحه وصوته، أحبه الله وحبب جميع خلقه فيه، حموه وأعانوه، أسقوه وأطعموه ورعوه.
كما اتصف الشهيد القائد فادي بحسن وطيبة أخلاقه ومعاملته الحسنة مع أهله وأصحابه وجيرانه، كما تميز بحبه وعطفه على المساكين والفقراء واحترامه للكبير والصغير، وكان باراً بأبيه وأمه ومطيعاً لهم وودوداً مع إخوانه وأخواته واصلاً لرحمه.
مشواره الجهادي
نمى جسد الشيخ القائد فادي بهتي وروحه الطاهرة على غضب ومقت وحقد دفين لقوات الاحتلال الغاشمة التي حرمته من رؤية أخيه الشهيد الشبل أنور ابن الثلاثة عشر ربيعًا في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1988م الذي استشهد جراء عيار ناري في الرأس أقعده مدة 25 يوماً في مستشفى المقاصد حتى تغمده الله برحمته واستشهد.
تفجرت ثورته وزاد حقده وغضبه، فبدأ كفاحه ونضاله كغيره من أقرانه: رشق الجيبات العسكرية والآليات المدرعة ونصب الكمائن الصغيرة ورمى العبوات الحارقة ليثبت رفضه لهذا العدو الغاشم حتى نمت طموحاته وقرر توسيع عملياته.
قام شهيدنا القائد فادي بفتح محل لبيع قطع المركبات المستوردة، وكد الكثير إلى أن بدأ يثمر هذا العمل ثماره وجنى منه ما جنى فكان هدفه الوحيد وأمله الوليد أن يبتاع قطعة من السلاح يطفئ فيها نار قلبه وحقده الدفين على من عذب أشقاءه الشهيد منهم والأسير والمعذب والسقيم.
فذاك أخوه البكر حرمته قوات الاحتلال من حياته الزوجية فاعتقلته قبل زواجه بفترة وجيزة مكبلاً مغمى، ولكن بكرامة وعزة بتهمة شريفة ترفع الرؤوس، وحكم عليه أربع سنوات.
داهمت قوات الاحتلال منزل الشهيد القائد فادي مرات عديدة تدمر، تعتقل، وتضرب وتخرب وتهدد وتتوعد ذاك الأسد، تارة تطلب وماذا تطلب من أبيه أو أمه وأخيه أو أخته بأن يسلم شهيدنا فادي نفسه، ذاك شقيقه أيمن ضرب ضرباً مبرحاً وسعادة سجن كأخيه أيمن وأهين الصغير أنور، وفشلوا هم وعيونهم بأن يصلوا له قبل أن يريد له الخالق ذلك.
نزع الشهيد القائد فادي جسده من قريته وذهب لإغاثة أمته المظلومة في جنين ومخيمها فرافقه رفاق دينه ودربه، فهناك شيخنا الشهيد الشيخ رياض بدير والشهيد القائد أسعد دقة والشهيد القائد محمود طوالبة.
بقي الشهيد فادي يترصد للعدو من قرية لأخرى ومن مدينة لأخرى حتى طلبته يد العون والإغاثة في نابلس والبلدة القديمة، وأصيب بأمراض عديدة منها جراء الجوع ومنها من التلوث ورائحة الجثث المتعفنة والأوساخ ومنها من الإصابات والشظايا والعيارات.
أصيب شهيدنا القائد فادي بهتي بتكسر في قدمه أفقده صحته، ولكن رعته أمهات نابلس جميعاً حتى عادت صحته واسترجع قوته، فأصيب وبقي حياً يقاوم إلى أن أصيب بطلقات نارية دمرت ساقه اليسرى وأعطبتها، فنقل على إثرها إلى مشفى رفيديا في نابلس، فقرر أحد الأطباء بتر ساقه، فبدا الأمر كالحكم عليه بالإعدام، فرفض وأبقى على ساقه، لكنه استبدل أجزاء منها بأخرى بلاتينية وعكاز خشبي.
موعد مع الشهادة
بقي على حاله ستة أشهر لم تتركه قوات الغدر فيها يرتاح فقامت بنشر بيان تقول فيه لأهل نابلس والقرى المجاورة إنهم يريدونه حياً أو ميتاً، مر ذاك اليوم المحفور في ذاكرة نابلس 26 يونيو (حزيران) 2004م على شهيدنا القائد فادي وهو يحتمي بأحد الأنفاق بالبلدة القديمة بنابلس، وبالتحديد في منطقة البستاني وقوات الاحتلال تحاصر المنطقة دون أن تعلم مكان اختباء شهيدنا القائد فادي وإخوانه المجاهدين.
طلب المجاهدون من أحدهم أن يخرج ليجلب لهم الطعام، فخرج دون أن يعلم بما ينتظره في الخارج، وتفاجأ بقوات الاحتلال التي تحاصر المكان، فطاردته وهرب وعاد إلى النفق؛ فانكشف أمر المجاهدين، قامت قوات الاحتلال بإلقاء القنابل داخل النفق، ثم قصفه حتى ارتقى المجاهدون وهم: شهيدنا القائد فادي بهتي قائد سرايا القدس في نابلس، والشهيد القائد نايف أبو شرخ القائد العام لكتائب شهداء الأقصى في فلسطين، والشهيد المجاهد جعفر المصري القائد الميداني لكتائب عز الدين القسام، والشهيد المجاهد عمر المسمار، والشهيد المجاهد وجدي القدومي، والشهيد المجاهد سامر عكوبة، وهم من كتائب شهداء الأقصى.
هنيئاً لك ما طلبت وما تمنيت يا شيخنا القائد فادي، هنيئاً لك ولصحبك، هنيئاً لكم الجنة أنتم فيها خالدون إن شاء الله.
المصدر: الإعلام الحربي