أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور جميل عليان، أن الضفة الغربية المحتلة تكتسب أهمية استراتيجية خطيرة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي؛ لارتباطها في الوعي الصهيوني استراتيجيا "وتوراتيا" وهزيمة المشروع الصهيوني في منطقتنا مرتبط باندحاره عن الضفة.
وقال القيادي عليان خلال ندوة سياسية نظمتها اللجنة الحركية في الاتحاد الإسلامي بعنوان: "مستقبل المقاومة في الضفة الغربية إلى أين؟ كتيبة جنين نموذجاَ": "عندما تم هندسة الجغرافية السياسية في المنطقة بعد سايكس بيكو، كان لإمارة شرق الأردن نصيب كبير في خارطة الهندسة السياسية لخدمة السياسة البريطانية والوطن القومي المرتقب لليهود".
وأضاف: "إن تشكيل إمارة الأردن عام 1922 جاءت لتشكل بديلا للفلسطينيين الفارين من الجرائم الصهيونية بعد إتمام مؤامرة اغتصاب فلسطين لتكون الوطن البديل، مشيرًا إلى أن الحل الإسرائيلي للفلسطينيين، هو الوطن البديل، أو بأقصى حد ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن، وتشكيل دولة فلسطينية حقيقية".
وأشار إلى أن خطة ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية كان جاهزًا منذ عملية "اجتياح الضفة" عام 2002، ورئيس وزراء الاحتلال آنذاك أرئيل شارون وافق على تنفيذ الخطة بطرد الفلسطينيين إلى الضفة الشرقية؛ لكن المعادلة الدولية في تلك الفترة لم تكن جاهزة؛ إذ أنها واجهت اعتراضاً كبيراً من الأوروبيين؛ خشية من تدهور الأوضاع في الأردن، وانعكاسه على الحدود مع العدو وعلى الأوضاع في العراق والذي كان تحت المطرقة الامريكية وتم استهدافه في العام 2003".
ويضيف د. عليان: "إن الأردن كانت تطمع منذ اللحظة الأولى لإنشاء "إسرائيل" بضم الضفة الغربية؛ لذلك كان المخطط الإسرائيلي بإعادة إكمال احتلال فلسطين، بما فيها الضفة.
وأشار إلى أن السيطرة على الضفة الغربية لها مبرر في العمق التوراتي للمشروع الصهيوني، خاصة الحرم الإبراهيمي في الخليل، والقدس والاقصى، وبدون هذه المبررات لا يمكن أن تسوق اسرائيل شرعيتها، مضيفًا "الضفة تشكل خطرًا عسكريًا واستراتيجيا أيضًا على المشروع الصهيوني؛ فالعدو يدرك أن أي مواجهة انطلاقا من الضفة تستطيع المقاومة بسهولة أن تقسم "إسرائيل" إلى قسمين".
وقال: "أمام هذا الواقع لا يمكن لإسرائيل، ولا يمكن للمشروع الصهيوني أن يستمر أو يتمدد بدون استمرار السيطرة على الضفة الغربية".
وأضاف د. عليان بأن الأردن تتخوف كثيرا من قيام دولة فلسطينية على حدود 1967؛ لأنها تعتبر إقامة دولة فلسطينية يمكن أن يشكل خطرا كبيرا عليها نتيجة للأغلبية الفلسطينية شرق النهر"، مستذكرًا بقرار البرلمان الأردني عام 1950، ضم أراضي الضفة الغربية، واعتبارها أراضي أردنية، كما منح الأردن جميع سكان الضفة جواز الأردن عام 1950.
وأشار إلى أن "إسرائيل" أيضًا لن تقبل أية كيانية سياسية فلسطينية مستقلة، قائلًا: "إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية مهما كانت مساحتها، إضافة إلى أن أغلب النظام العربي لا يريد إقامة دولة فلسطينية؛ وأنه رفض منح منظمة التحرير قبل عام 1967 أي سيادة سياسية على الأراضي الفلسطينية.
ويعتقد د. عليان بأن السلطة الفلسطينية أيضًا لا تعمل من أجل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة؛ لأن وجود السلطة مرتبط بالمشروع الصهيوني الذي لا يقبل بدولة فلسطينية".
المقاومة لم تهدأ مطلقًا
فيما يتعلق بالمقاومة في الضفة، قال د. عليان: "إن المقاومة في الضفة الغربية لم تهدأ مطلقًا منذ بداية الاحتلال، فقد احدثت شروخا كبيرة في مرتكزات المشروع الصهيوني وقدمت عشرات الالاف من الشهداء والجرحى الشهداء والأسرى، وقاومت الاحتلال بكل ما تملك من قوة.
وأشار إلى أن الضفة الغربية لا زالت تمثل برميل البلرود الذي لا يهدأ، مضيفًا: "في انتفاضة الأقصى عام 2000، أكد قادة الاحتلال الإسرائيلي في تصريحات منفصلة أن الضفة كسرت أعمدة المشروع الصهيوني، وأسست لهجرة المستوطنين المحتلين خارج فلسطين".
"ونظرًا لخطورة انتفاضة الأقصى على المشروع الصهيوني قرر قادة العدو عام 2002 اجتياح الضفة بالكامل، وتحديدًا مدينة جنين التي كانت تمثل رأس حربة المشروع المقاوم، ولا زالت كذلك؛ أملًا في تحقيق الهدوء، الذي استمر لسنوات؛ بفعل نهج "سلطة أوسلو" التي تعتبر مهمتها حماية المشروع الصهيوني"، وفقًا للدكتور عليان.
وأكد القيادي في الجهاد الإسلامي، أن المقاومة وعلى مدار سنوات كانت تعيش وسط غابة من الذئاب المفترسة؛ إلا أن أبناء الجهاد الإسلامي أسسوا لمرحلة جديدة، وذلك في عام 2015قصوا عبر انتفاضة القدس عام التي أُعلن عن انطلاقتها بدماء الشهيدين مهند الحلبي وضياء تلاحمة".
وأشار إلى أن تفجير انتفاضة القدس على أيدي أبناء الجهاد الإسلامي كانت مرحلة جديدة في الفعل المقاوم المسلح بالضفة الغربية، وغيرت كثيرًا في وعي وتفكير أبناء شعبنا بالضفة، الذين انتفضوا عام ،2017 وانتصروا لبوابات الأقصى.
وأكد د. عليان أن الفعل المقاوم بالضفة تزامن مع أحداث الأسرى في سجون الاحتلال، وكان لهم فضل كبير في إحداث وعي فكري لدى الشباب الفلسطيني، الذين قادوا المعركة، إضافة إلى ما فعلته المقاومة في قطاع غزة من معارك بطولية، كان آخرها معركة سيف القدس البطولية.
ولفت إلى أن المقاومة لا يمكن أن تتوقف في الضفة الغربية، فكلما أطفأوا نارًا أوقدها الله من جديد، قائلًا: "الأحداث التي جرت أسست لانطلاقة كتيبة جنين، ونابلس، وطولكرم، وغدًا ستؤسس كتائب جديدة في الضفة؛ لمقارعة العدو الإسرائيلي".
كما ذكر أن قوى المقاومة في المنطقة شكلت عاملا مهما في الوعي الفلسطيني، وأن هذه القوى أحدثت خللا كبيراً في ميزان القوة الإقليمي؛ لصالح المشروع الوطني الفلسطيني، وإن تكامل كل هذه القوى، وترتيب الأدوار، والأدوات مهم جدا؛ لتقصير عمر هذا الكيان على أرضنا.
وقال د. عليان: "لكي نواصل طريق المقاومة وتحقيق المعادلات لصالحنا، يجب أن نعمل على تغيير في موازين القوى السياسية في الضفة لصالح المقاومة، وهذا يتطلب سحب البساط من تحت أرجل السلطة لصالح قوى المقاومة، بحيث تصبح المقاومة هي السلطة الفاعلة وصاحبة القرار.
وأضاف: "الضفة الغربية تزداد قوتها من خلال الفعل المقاوم، الذي نراه في جنين، وطولكرم، ونابلس، وغيرها، وهي تمتلك من القوى ما يجعلها قادرة على إجهاض المؤامرة والمشروع الصهيوني.