قائمة الموقع

خبر الشاي يا حبايب.. القهوة السادة.. مهنة فرضها الحصار بغزة

2015-03-18T11:38:33+02:00

شمس نيوز/عمر اللوح

يتنقل الشاب محمد اللوح ( 29 عاماً) بدراجته من منطقة لأخرى، وينادي بين الناس"الشاي السخن يا حبايب، القهوة السادة" لعل يجد لصوته صدى أو مجيبا، فيعود لأسرته ببضعة شواقل تتوزع بين مصروف للبيت وآخر للأبناء، بانتظار اليوم التالي.

محمد يمتلك دراجة نارية، يجر عليها عربة صغيرة يضع فيها عتاده الذي يصنع من خلاله القهوة والشاي وسندوتشات الحمص، كمهنة يتحصل منها على قليل لقمة العيش، فالعمل كما يرى، ليس عيبا بذاته، ولكن العيب أن يمد الرجل يده للناس، بحسب تعبيره.

وتنتشر في شوارع وأسواق قطاع غزة ظاهرة العربات المتحركة لبيع المشروبات الساخنة، والتي يديرها شبان في مقتبل العمر، منهم من يحملون شهادات جامعية عليا، للتغلب على صعوبة العيش، وتوفير لقمة عيش كريمة في ظل حصار خانق أغلق في وجوه الغزيين كل مناحي العيش الكريم.

ويوضح اللوح أنه يعمل في هذه المهنة منذ خمسة أعوام، حيث يخرج مع بزوغ خيوط الشمس متوجها لبوابة جامعة الأزهر، قاصدا جموع الطلبة في هذا التوقيت.

ويضيف لــ" شمس نيوز": بعد الساعة الثالثة عصرًا أتوجه للوقوف أمام بوابة متنزه البلدية، وعند سماع أذان المغرب أعود أدراجي إلى البيت واستعد للخروج في يوم جديد" معربا عن انزعاجه لملاحقة شرطة البلدية له في أحلك الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني بسبب الحصار والفقر والبطالة.

وقال: منذ أن تخرجت من الجامعة وحصلت على شهادة الدبلوم لم أجد عملا، فلم يكن أمامي إلا هذا الطريق، وبلا شك أن هذا العمل مربح ولكنه في نفس الوقت متعب وشاق". 

أبيع لأصحاب الهموم

الخمسيني أبو خليل صرصور، لا يحب البيع إلا في الحدائق الخضراء، خاصة بمنطقة الكتيبة غرب مدينة غزة، لأنه يستمتع بهذا المنظر رغم عدم وجود أشجار. وأوضح صرصور أنه يعمل في مهنة بيع الشاي والقهوة بواسطة عربة ثابتة في المكان منذ ثلاثة أعوام بعد تردي الأوضاع الاقتصادية لعائلته.

ويصف أبو خليل من يتواجدون منطقة الكتيبة بــأنهم أصحاب الهموم الذين تجد في قلوبهم الكثير من الألم والحزن نتيجة الأوضاع القاسية التي تعصف بغزة، مبينا أن كافة زبائنه من الفقراء "وأنا أحبهم وهم كذلك فعندما يحضرون المكان يأتون عندي مباشرة" بحسب تعبيره.

ويتابع: يصفونني بمحبوب الفقراء لتدني أسعار المشروبات عندي، وأحياناً أعطي من لا يستطيعون دفع ثمن كأس الشاي أو فنجان القهوة مجانا، ومع ذلك أربح والحمد لله". وزاد بالقول: رغم أن العديد من الناس ينظرون باحتقار لمن يعمل في هذه المهنة، ويعتقدون أنه فقير وبحاجة للصدقات، إلا أنني أشعر بالراحة وأنا أبيع الزبائن، خاصة أنهم يحبونني، وكفاني شرفا أنني أعتاش من عرق جبيني".

أبيع صيفا وشتاءً

لكن الشاب منصور أبو نحل ( 28 عامًا) الذي استقبل مراسل "شمس نيوز " بتقديم كوب من الشاي قبل الخوض في الحديث معه، فيقول شارحاً لنا طبيعة عمله: أعمل في سوق الزاوية منذ سبعة أعوام، أبيع المشروبات الساخنة والباردة لأصحاب المحلات وزبائنهم".

ويضيف: في الصيف أبيع البراد والبوظة بالإضافة إلى المشروبات الساخنة، ولكن يكون الإقبال على البراد أكثر، وفي الشتاء أكتفي بالمشروبات الساخنة، وصوتي يميزه كل التجار والباعة في السوق" مبينا أن العمل في هذه المهنة ممتع بالنسبة له، رغم حصوله على شهادة جامعية "فهي أفضل من الشهادة" على حد اعتقاده، باعتباره محبوبا بين الناس في السوق.

قسوة الحياة

أما الطفل عز الدين عمار، الذي لم يتجاوز الخمسة عشر عاما، فيجلس مع أمه بجوار عربته المتحركة في منطقة الجندي المجهول. تقول والدته لمراسل "شمس نيوز": أنا مطلقة وعندي عز الدين، ونعمل سويا في بيع المشروبات الساخنة والباردة في منطقة الجندي الجهول حتى نتمكن من توفير قوت يومنا بكرامة دون مد يدنا لأحد".

وتتابع: الحياة التي نحن نعيشها صعبة وقاسية، والقوي يأكل الضعيف كما يفعل الأسد في الغابة تمامًا، فكان لابد لنا من البحث عن بديل نعتاش منه، فجاءتني فكرة بيع المشروبات للمتنزهين بحديقة الجندي المجهول والمارة".

البطالة زادت هذه المهنة

في هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي د. ماهر الطباع أن ما يقوم به العديد من الشباب في غزة من العمل على عربات متحركة لبيع المشروبات الساخنة، يعد من المشاريع الصغيرة التي تهدف لإيجاد فرصة عمل بدلا من الجلوس في البيت رغم أن كثيرا من هؤلاء يحملون شهادات جامعية.

وأضاف لــ" شمس نيوز" أن هذا العمل الذي لجأ له الكثير من الناس في السنوات الأخيرة، سببه الحصار المفروض على غزة والذي شل كل أركان الحياة فيها.

وبيّن د. الطباع أن بيع المشروبات من المشاريع الصغيرة المريحة، وفي نفس الوقت تعتبر عملا شاقا، حيث تتطلب التنقل من مكان لآخر لأجل تحصيل لقمة العيش. 

اخبار ذات صلة