هل عمر المقاومة الفلسطينية يبدأ من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٤م؟ أم أنه تاريخ ممتد من لحظة الاحتلال البريطاني العام ١٩١٧ لفلسطين ودخول اللورد اللنبي للقدس وقولته المشهورة "اليوم انتهت الحروب الصليبية "، التاريخ يؤكد أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته انخرط في حالة مقاومة شاملة ضد الاحتلال البريطاني ومع عصابات المهاجرين الصهاينة الاستيطانية حتى العام ١٩٤٨، ولم يساوم ولم يكل ولم يمل.
هل الثورة الفلسطينية المعاصرة المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية التي أنشأت بقرار قمة عربي وأكيد رغبة وضرورة فلسطينية كان جوهر وجودها وهدفها الغائي هو الحصول على اعتراف من اسرائيل أنها ممثل عن الشعب الفلسطيني، كما يترد اليوم على ألسنة المنبطحين، انتزعنا اعترافا صريحا من اسرائيل؟!
الشعب الفلسطيني الثائر منح الوجود للشرعيات الثورية للمنظمة ولكل الحركات والقوى منذ ما يزيد عن قرن على بيعة التحرير وعودة الحقوق كاملة، ورفض عروض أكبر من سراب ووهم المعروض اليوم ومنها قرار التقسيم ١٨١ دولة يهودية ودولة فلسطينية، والا لماذا قدم مئات الآلاف من الشهداء وشلال الدم لم يتوقف وتحمل المعاناة والأسر والإبعاد وكل صنوف الألم والحرمان والتشريد ولا زال صامدا مقاتلا عنيدا متمسكا بثوابته وكامل حقوقه؟
إن الانزياح عن الهدف الجوهري والدخول في مزاريب ودهاليز ما يسمى بتسوية سياسية مع كيان مغتصب دموي سرطاني جوهر بقاءه نفيك بالمطلق،
وكما قالت جولدا مائير رائدة في الحركة الصهيونية ورئيسة وزراء سابقة: "لا أعرف شعبا اسمه الشعب الفلسطيني" هو تراجع ونكوص عن العهد والوفاء ولهث وراء السراب وتسويق للأوهام وخدمة مجانية لاستمرار وجود العدو الصهيوني قويا مهيمنا وممكن وأيضا المضي في مسلسل السراب يعزز من تآكل وتراجع وضياع للحقوق واستمرار للمعاناة والموت البطيء.
اتفاق أوسلو، أوشك على نهاية عقدة الثالث والنتيجة حصاد مر، اعتراف بوجود دولة العدو الصهيوني (اسرائيل) اللص المغتصب لـ٧٨% من الأرض، والقبول على التفاوض على ما تبقى ٢٢% هو سلفا قاضم نصفها، العدو الصهيوني فقط رؤيته للحل لا يتجاوز منح حكم ذاتي بلا أفق سياسي مطلقا وهذا جوهر ومضمون اتفاق أوسلو، العدو لا يعنيه مصطلحاتك وطريقة فهمك وتفسيرك هو فقط يعترف بتوقيعك. مصطلح حل الدولتين قابلتين للحياة بالأساس هو طرح من الأوروبيين التقطه جورج بوش الابن وبدأ باستخدامه وتنكر له وأيضا من جاء من بعده، والقدس عاصمة أبدية لكيانه.
للتذكير سقف القضية الفلسطينية بدأ بالتدحرج والهبوط من بداية رؤية ثيدور هرتزل ١٨٩٦ مؤسس الحركة الصهيونية والأب الروحي للدولة اليهودية، إلى وعد بلفور ١٩١٧ واحتلال فلسطين ١٩١٧ بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى مرورا بقرار عصبة الأمم المتحدة ١٩٢٣ بانتداب بريطانيا على فلسطين لترجمة وعد بلفور وبناء الدولة والسماح بهجرة اليهود لفلسطين وتوريط العرب ليكونوا شهود زور على النكبة، مرورا بالحرب العالمية الثانية حتى إعلان قيام دولة الكيان العام ١٩٤٨.
كان على الشكل التالي، من قضية الأمة الإسلامية الكبرى إلى الصراع العربي - الإسرائيلي، إلى الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، إلى الصراع الفلسطيني - الفلسطيني وتوقف عند حالة التمزق والتشظي فريق مرتبط ومستسلم للشرعية الدولية ومعتقد أنها هي الهدف والوسيلة والأساس ولا خيار عن المفاوضات إلا المفاوضات وعاد أسير ولا مخرج وعاد مشروعه الوطني الواقعي "المقاصة مقابل الأمن" وذلك ضمان لصرف الرواتب وتسيير الخدمات لذلك يعمل جاهدا الإبقاء على الهيكل الشكلي لمؤسسات المنظمة المحنطة باعتبارها هي الشاهدة على التحولات النضالية وما هو موجود أفضل الممكن في ظل موازين قوى مختلة ؟! وعلى الجانب الآخر رؤية فلسطينية مؤمنة بالمقاومة والمشاغلة والمراكمة وتعتقد أن هذا الخيار هو الضامن الوحيد لاسترجاع الحقوق والحافظ عليها من التصفية في ظل الطروحات والأهداف الخبيثة التي تحاك ضد القضية، هذا الجانب محاصر مطارد وإن توجد بعض المنافذ له لأنه فارض نفسه على الأرض وجعل ذلك أمر واقع وعاد يشكل ضمير لدى الشعوب بأن فلسطين لا زالت بخير وغزة ومقاومتها وما تتعرض له من حصار مطبق ومرعب وعمره اليوم يزيد عن خمسة عشر عام وعدوانات عسكرية شرسة متكررة مثال.
المشهد اليوم في فلسطين العدو يقتل بدم بارد على الحواجز ويقتحم المدن والمخيمات ويعتقل يوميا، يبني مستوطنات ويسمن ما هو موجود، المسجد الأقصى تنتهك حرمته مهدد بالسقوط وقد تستفيق لتجد هيكلا مقام على أنقاضه، دول عربية وإسلامية تسعى للتطبيع معه وهناك افكار ورؤى لبناء أحلاف عسكرية وأمنية.
مسلمات لا يمكن القفز عنها بل يجب أن تكون نبراس وأسس وثوابت لا حيد عنها حين الحديث عن المشروع الوطني الفلسطيني التحرري وإعادة الاعتبار له.
-الكيان الصهيوني
إحلالي استئصالي مزروع ومستنبت من قبل تحالف امبريالي دولي مجرم في قلب الحوض العربي الاسلامي لمنع تواصل ووحدة الأمة والإجهاز عليها وإبقاءها مفككة ضعيفة مستلبة وخيراتها منهوبة، وحالة تدين قشرية سطحية وتعطيل أي إمكانية لعودة الدور في أداء الرسالة التي من أجلها بعث النبي محمد بن عبد الله صلى الله علية وسلم برسالة التوحيد وبالقران المجيد هو واقع ملموس على الأرض وليس تنظير، وحال الأمة اليوم متقاتلة متطاحنة خيراتها وثرواتها منهوبة وحكامها فقط أجراء وليسوا أمراء بالمعنى الحقيقي.
الكيان الصهيوني مفسد وفاسد ومهمته ووجوده قائم على إنتاج الحروب وإشاعة الفساد في الأرض هذا ديدنه ودوره والقرآن العظيم يؤكد، "كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا".
تحرير فلسطين وفى القلب القدس والمسجد الأقصى وتفكيك المستوطنة الملعونة المسماة بإسرائيل هو الممر الإجباري والوحيد لإعادة الكرامة والعزة ليس لفلسطين بل للأمة العربية والإسلامية جمعاء.
الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه الواجب والأصل ان يكون في الطليعة ومتقدم وفى الخندق الأمامي موحد في كل أماكن تواجده على برنامج نضالي ويعمل على توفير بيئة حاضنة مقاومة للعمل على مواصلة الدرب لتحقيق الهدف الأسمى التحرير والعودة.
الشعوب العربية والاسلامية وحتى الحكام الرسميين واجبهم الشرعي والأخلاقي والإنساني ان يكونوا ظهيرا ونصيرا لنضال وجهاد الشعب الفلسطيني لأنه جزء لا يتجزأ من أمته، والواقع يقول والتاريخ يشهد أنهم لن يحركوا ساكن إلا إذا قدم الفلسطينيين نموذجا في الوحدة الحقيقية القائمة على عدم شرعية المحتل الغاصب مطلقا ووقف مهزلة السلام المدنس.
الغرب والشرق عالم مادي براغماتي دول وشعوب لن ينظروا أو يهتموا لقضية مثل فلسطين الا إذا وجدوهم موحدين ومصممين على استرداد كامل حقوقهم ليجبروهم على تصحيح الكارثة التاريخية التي ارتكبوها في حق الشعب الفلسطيني.
مقاومة المحتل حق مكفول وتشريع سماوي وحتى الشرائع الأرضية تقره وتمارسه.
الأحداث المتلاحقة على الأرض أثبتت ان نهج التسوية البائس يغري العدو الصهيوني وحلفائه للمطالبة بالمزيد من التنازلات من الفلسطينيين.
المقاومة المسلحة والشعبية أثبتت سابقا ولاحقا أنها الوحيدة القادرة على إحداث شلل وتعطيل لطموحاته بل وضعته أمام تحديات وجودية.
العقل والمنطق الوطني النقي ان يستثمر ويبنى ويؤسس على نتائج معركة "سيف القدس" مايو ٢٠٢١، كونها وحدت ساحات العمل وضربت مفهوم ومنطق الفسيفساء أن لكل قطعة همومها وأعادت أيضا وحدة الهدف والمصير المشترك، في تعزيز صمود الشعب وتجسيد الوحدة والشراكة الحقيقية لمواصلة طريق المقاومة والجهاد.
قضية الالهاء بالمصالحة وإنهاء الانقسام وإجراء انتخابات تحت احتلال معزوفة واسطوانة مشروخة ومصطلح مأسسة الانقسام وادارة الانقسام، هو إضاعة للوقت وتبديد للجهد.
العودة لجذر الرواية وأصل الحكاية وجوهر القضية.
الظروف الدولية والإقليمية اليوم أشد تعقيد، أمريكا وسياساتها اليوم في العالم والإقليم تمر بأسوأ مراحلها، الحرب الروسية - الأوكرانية وما نتج عنها من أزمات عالمية وشح في موارد النفط والغاز والغذاء وارتفاع خيالي للأسعار، والتحدي الأكبر القادم مع العملاق الصيني وقصة تايوان وعالم الأقطاب والمحاور، هذا ما يجرى بدون تهويل او تهوين، وتنبأ مفكرين استراتيجيين امثال كيسنجر وغيره بإمكانية نشوب حرب عالمية ثالثة ،لذاك اليوم أمريكا بنظرتها المتغطرسة الإستكبارية بدل المراجعة والإنصاف وتصحيح الخطأ التاريخي للظلم الذى لحق بالشعب الفلسطيني ،تأتى للمنطقة وتطرح أحلاف عسكرية وأمنية تتيح للكيان الصهيوني الاندماج في نسيج المنطقة ومقرر وهذا أقرب للخيال .
السؤال ماذا بعد وما العمل.
الوقت مناسب للتخلص من كل الرواسب والاتفاقات البائسة أوسلو وإفرازاتها وحتى أخواتها في المنطقة ككامب ديفيد وواد عربه، وابراهام، وبناء توافق ومصالحة وطنية وشراكة حقيقية لا تقصى أحد تبدأ من تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي وقرار اللجنة التنفيذية بإلغاء العمل باتفاق أوسلو وافرازاته.
عقد مؤتمر وطني شامل يضم كل قوى المنظمة ومن خارجها واتحادات وهيئات وشخصيات اعتبارية والتوافق على إعادة العمل بميثاق المنظمة القومي لعام ١٩٦٤ وإدخال البعد الإسلامي، المنظمة تتولى الشأن السياسي والتمثيلي وأيضا تشكيل جسم جبهوي يجمع كل حركات المقاومة من كل الأجسام الحالية ومن لم يولد بعد مهمتها المقاومة الشاملة والمشاغلة والمراكمة.
العمل على انتخاب مجلس وطني جديد بدماء جديدة ومجلس حكماء من أصحاب المقامات الوطنية والكفاءات العلمائية، يمثل كل الفلسطيني في كل أصقاع المعمورة.
ينتج عنه لجنة تنفيذية تتولى زمام قيادة المنظمة.
إعلان قطاع غزة أرض محررة وباقي فلسطين وتشمل الأراضي التي احتلت عام ١٩٤٨ محتلة والمقاومة مستمرة.
إعادة الاعتبار للبعد العربي والاسلامي وأهمية وموقع ودور فلسطين والقدس والمسجد الأقصى في نفوس أبناء الأمة لكسب الدعم والإسناد لذلك القيادة العليا من الواجب تواجدها في قلب مكون الأمة لا في قلب الكيان.
العمل الجاد على كسب حلفاء ومناصرين على المستوى الدولي دولا وشعوبا، صلف العدو الصهيوني وممارساته في التنكيل والتنكر لحق الشعب الفلسطيني لم تعد خافية اليوم الإعلام والنقل المباشر لم يبقى شيء مستور.
وأخيرا التعبئة الروحية واليقين بالنصر والتمكين.
"إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"