قائمة الموقع

جرائم مأساوية تضرب القطاع.. لماذا لا تنصب أعواد المشانق في غزة؟

2022-07-16T22:24:00+03:00
جرائم اعدام لماذا لا تنصب اعواد المشانق.jpeg
شمس نيوز -محمد الخطيب

تعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعية لازمت المجتمعات الإنسانية منذ القدم، وعانت منها البشرية على مر السنين، إذ لا يخلو أي مجتمع إنساني من الجرائم، سواء كانت دولاً متقدمة أو نامية، ولكنها تتباين من مجتمع إلى آخر من حيث النوع والكم، بل تتباين داخل المجتمع لاختلاف مكوناته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.


وسجل قطاع غزة عدداً من الجرائم خلال الأيام الماضية في ارتفاع ملحوظ على معدلات الجريمة، كان آخرها جريمة القتل التي وقعت يوم الخميس الموافق 14/ 7/ 2022، بحق عائلة دردونة والتي راح ضحيتها مواطن وطفلة، وإصابة عدد آخر من العائلة؛ إثر إطلاق نار مباشر من قبل صهرهم؛ الأمر الذي أدى لحالة من الغليان شهدتها حسابات منصات التواصل الاجتماعي في قطاع غزة؛ بسبب الجريمة.


المواطنة إيمان حازم عبرت عن حزنها من الجريمة التي ارتكبت بحق عائلة دردونة شمال غزة، قائلةً: "من امبارح بالليل حاسة بغصة بقلبي وحزينة على قصة آل دردونة مع إني ما بعرفهم بس حاسة إنهم أهلي، الله يعينهم ويصبر قلبهم في محنتهم، لوين وصلنا وشو إلي بصير دنيا آخر زمن الله يصبرهم ويلهمهم الصبر والسلوان ورحم الله فقيدهم وأحسن عزائهم".


أما المواطن نادر السلطان عقّب على الجريمة نفسها قائلاً: "اقسم بالله الوضع في جباليا بقطع القلب، عائلة فيها قتلى وجرحى، وعائلة تانية مهجرة من بيوتها، ناس ما إلهم ذنب طلعوا من بيوتهم والله يعلم كيف حالهم ولمتى حيضلوا مهجرين؟، ودار دردونة دمهم أخضر لسا شو ما يعملوا ويطلبوا ما أحد بلومهم، المصابين في منهم في العناية وغرف العمليات".


والمواطن أحمد خالد قال: "ايش في مال الناس تهاونت في موضوع الدماء مع أنها من أعظم الحرمات عند الله، والتي لا توبة بعدها الأمر خطير لا مزاح ولا جدال فيه، قال الله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها"، ومستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه؛ ما لم يصب دما حراما".

أصبحت ظاهرة
من ناحيته، قال الخبير النفسي والاجتماعي، وأستاذ علم النفس بجامعة الأقصى في غزة، أ.د درداح الشاعر، إن الجرائم أصبحت ظاهرة في قطاع غزة، إذ أصبح الاستهانة بالروح البشرية والإنسانية التي حذر منها القرآن والسنة النبوية أمراً سهلاً.


ويرى الشاعر خلال حديث مع "شمس نيو"، أن للجرائم دوافع عدة تؤدي لحدوثها: السبب الأول والمباشر هو انعدام الدين والقيم الأخلاقية، إذ يعد هو الدافع الأول لارتكاب الجريمة؛ لأن الإنسان عندما يكون متديناً يفكر قبل ارتكاب أي جرم بالعقاب الذي سيحل عليه في الآخرة، إن كانت جهنم فلن يقدم عليه حتى لو كان مظلوما، بعكس من تهون عليه آخرته وينسى العقاب في الآخرة، إذ سيهون عليه كل شيء في الدنيا.


أما الدافع الثاني فهو ضعف المعيار الاجتماعي" القانون"؛ الأمر الذي يزيد من معدلات ارتكاب الجرائم؛ بسبب ضعف تطبيق الأحكام الزاجرة على مرتكبي الجرائم الذي استوفت كل الشروط لتنفيذها؛ لأسباب سياسية.


وأكد أن دم المسلم والفلسطيني أغلى بكثير من كل الاعتبارات، داعياً السلطات لإنفاذ القانون لردع كل من تسول له نفسه بارتكاب جريمة تزهق روح أي إنسان، مستشهداً بقوله تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".


ورجح الشاعر، أن الجريمة تعد من أكبر المنغصات في المجتمع الفلسطيني، لافتاً إلى أن قطاع غزة عاش فترة زمنية طويلة ينعم باستقرار الأمن، ولكن بدأ هذا الأمن يتصدع على أيدي العائلات، وحملة السلاح، وأناس منفلتين دينيا، وأخلاقيا، وعرفيا، وثقافيا.


وأرجع ضعف المعيار الاجتماعي "القانون"، في إنفاذ العقوبة على مرتكبي الجرائم بأنه من أهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتكابها. 


ولفت إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به القطاع، والحصار الصعب والخانق، والأفق السياسي والعملي والاقتصاد والثقافي، ليس سببا كافيا لارتكاب الجرائم بأي حال من الأحوال.


ودعا الشاعر لتنفيذ القانون على مرتكبي الجرائم التي تستحق الإعدام؛ ليكون عبرة للآخرين، متسائلاً: "لا أعلم لماذا تتلكأ السلطة في إنفاذ عقوبة الإعدام، التي استوفت كل أركانها مع اعتراف الجاني باقترافها".


وحول الحلول التي من الممكن أن تحد من ارتكاب الجرائم قال: "الحلول لهذه الجرائم هو معالجة الأسباب، إذ يجب أن يكون هناك إنفاذ للقانون، ولا بد من فتح باب أمل بسيط؛ لتحسين الوضع الاقتصادي، وإن كانت المشاكل تتعلق بالجانب الاجتماعي فأين دور الوجهاء والمؤسسات الاجتماعية والثقافية؟ وإن كان الابن بدت عليه علامات الانفلاش والشذوذ والانحراف الأخلاقي فليعالجها الأهل منذ بداياتها".


وسأل الشاعر الله أن يجنب الشعب الفلسطيني الجرائم، إذ يكفيه ما يعانيه من قتل وقصف الاحتلال لأبناء الشعب، ويكفي ما يمر به من حصار ومن ألم، داعياً للتراحم واستحكام العقل في أي جانب من جوانب الحياة.

اشكالية قانونية
بدوره، علق المتحدث باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة إياد البزم، اليوم السبت، بشأن الدعوات لتنفيذ أحكام الإعدام بحق مرتكبي جرائم القتل في القطاع.


وقال في تصريح لإذاعة "صوت القدس": إن "الجرائم التي تقع بين الفينة والأخرى في قطاع غزة يتم التعامل معها في جهاز الشرطة وفقاً للإجراءات القانونية، ويتم اتخاذ الإجراءات كاملة"، مبيناً أن الجرائم تتفاوت بين شجار واعتداء وجرائم قتل، تختلف في طبيعتها.


وأضاف البزم "إن موضوع تنفيذ أحكام الإعدام مرتبط بالجوانب القانونية والواقع العام في غزة، وهذا الملف يخضع باستمرار للتقييم والدراسة من كافة جوانبه".


وأوضح أن فلسطين تعيش إشكالية قانونية، ويتم الضبط من قبل وزارة الداخلية والعرض على محكمة تأخذ حكمها النهائي؛ لكن يبقى الأمر فقط تنفيذ الأحكام النهائية، مشيرًا إلى أن هناك أحكاماً استوجبت التنفيذ، ولكن دون تنفيذ، "هو أمر قيد الدراسة، ونأمل أن نجد حلا للموضوع عما قريب".


يُشار إلى أن حالة من الغليان شهدتها حسابات منصات التواصل الاجتماعي في قطاع غزة؛ بسبب الجريمة التي وقعت بمخيم جباليا يوم الخميس؛ ما أدت لمقتل مواطن وطفلة وإصابة عدد آخر من أفراد عائلة دردونة؛ جراء إطلاق النار عليهم بطريقة جنونية.

اخبار ذات صلة