التنبؤات يتم وضعها ليس بهدف الانتظار أو الركون إليها، بل للعمل من أجل تحقيقها، ومن الخطر أن يتبنّى أي سياسي تلك التنبؤات ثم يتم بناء سياسته مستنداً ومتسلّحا ومستشهدا بتلك التنبؤات أو بمن يُطلقها، وبرأيي أنه لا يجوز أن يحتوي الخطاب السياسي على أرقام تتنبأ بنهاية "إسرائيل"، وإذا كان لابدَّ له، فليضعها في سياقها السياسي، وإن كان المقصد هو إحياء وتجديد الأمل في نفوس الناس، فهناك ملايين العبارات التي تبعث الأمل غير التنبؤات.
نحن المسلمين لدينا يقين كامل بأننا سندخل القدس فاتحين بإذنه تعالى، ومطلوب أن نعمل لأجل ذلك، ومطلوب من كل شخص أن يقوم بدوره لتحقيق ذلك امتثالاً لقوله تعالى: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة:105)، لأن نصر الله يتنزّل على المؤمنين المجاهدين الذين يعملون ويأخذون بالأسباب، فالله عز وجل أمر النبي-صلَّى لله عليه وسلم- بالجهاد قائلاً له: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ" (التحريم:9)، نعم إن الله ينصر المؤمنين وقد جعله الله حقاً عليه كما قال تعالى: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم:47)، لكن في المقابل قال الله للمؤمنين: جاهدوا أي اعملوا، فالله ينصر المؤمنين المجاهدين العاملين وليس المؤمنين المنتظرين تحقيق التنبؤات.
بعض المتنبّئين بزوال "إسرائيل" قد بنوا تنبؤاتهم بناءً على قراءات تلمودية توراتية، لكن تعالوا لنرى "هرتسل" عندما تنبّأ بقيام "دولة إسرائيل" بعد 50 عاما، هو لم يبنِ قراءته وفق قراءات تلمودية أو توراتية، لكنه بناها وفق رؤية سياسية على الأرض ثم تبِعها بعمل جاد شمِل كافة مكونات وشرائح اليهود في العالم لمدة 50 عاماً حتى تحققت في النهاية نبوءة هرتسل فقام كيانهم الزائل بإذنه تعالى بعد 50 عاماً.